اتخذت أوكرانيا خطوة تاريخية باتجاه الحلف الأطلسي (الناتو) الثلاثاء بعد تصويت البرلمان بالتخلي عن وضع الدولة غير المنحازة ، في خطوة اثارت غضب روسيا قبل المحادثات التي تهدف الى انهاء الحرب في الجمهورية السوفياتية السابقة.
وتبنى البرلمان الذي تهيمن عليه الحكومة باغلبية كبيرة مشروع قرار ينص على تخلي اوكرانيا عن وضع الدولة غير المنحازة، وهي دول مثل سويسرا ترفض الانضمام الى التحالفات العسكرية وبالتالي لا تلعب اي دور في الحروب.
وكان الرئيس بترو بوروشنكو تعهد بوضع اوكرانيا تحت الحماية العسكرية الغربية بعد فوزه في انتخابات اجريت في اعقاب الاطاحة بالرئيس المدعوم من موسكو فكتور ياناكوفيتش في شباط/فبراير.
ورحب بوروشنكو بالتصويت، وقال في تغريدة على موقع تويتر "اخيرا صححنا هذا الخطأ". واضاف ان "التكامل الاوروبي والاورو-اطلسي طريق لا بديل له لاوكرانيا".
واصبحت اوكرانيا دولة غير منحازة واقعيا بضغط من روسيا في 2010. وسعت الى الانضمام الى الناتو في مطلع حقبة ما بعد الاتحاد السوفياتي ولكنها لم تعتبر مرشحا جديا نظرا لان جيشها الذي كان قويا تهاوى وانتشر فيه الفساد.
واحبطت ثورة الشتاء الماضي في كييف خطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ضم اوكرانيا الى كتلة جديدة كان يعكف على تشكيلها لمواجهة الحلف الأطلسي والاتحاد الاوروبي.
ووضعت موسكو استبعاد كييف من اية تحالفات عسكرية شرطا لاي اتفاق ينهي التمرد الموالي لروسيا في شرق اوكرانيا والذي ادى الى مقتل 4700 شخص خلال الاشهر الثمانية الماضية.
وتعزز راي بوتين بان الناتو يشكل أكبر تهديد لروسيا المعاصرة بعد الزيادة الكبيرة في التوتر بين الشرق والغرب بسبب اوكرانيا.
وصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان قرار كييف التخلي عن وضع الدولة غير المنحازة "سيؤتي نتائج عكسية" ولن يؤدي سوى الى "تأجيج اجواء المواجهة".
وقال لافروف في تصريحات بثها التلفزيون الحكومي الروسي ان القانون "سيؤتي نتائج عكسية. انه يوحي بانه سيسمح بتسوية الازمة الداخلية العميقة التي تمر بها اوكرانيا"، مؤكدا انه "يجب وقف تأجيج اجواء المواجهة".
وتابع انه "سيكون من الاجدى لاوكرانيا ان تبدأ اخيرا حوارا مع قسم من شعبها تم تجاهله بالكامل" في الشرق الموالي لروسيا.
واكد لافروف انه "لا حل آخر سوى اصلاح دستوري بمشاركة كل المناطق وكل القوى السياسية في اوكرانيا"، داعيا كييف الى "الاعتراف بالمتمردين محاورين شرعيين".
من جهته قال رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف ان "التقدم بطلب لعضوية الناتو سيحول اوكرانيا الى خصم عسكري محتمل لروسيا".
وحذر من ان تخلي اوكرانيا عن الحيادية والقرار الذي وقعه الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة بفرض عقوبات جديدة على روسيا "سيكون لهما انعكاسات سلبية للغاية". وقال على صفحته على فيسبوك "وسيتعين على بلادنا الرد على ذلك".
وربما يكون التهديد الوشيك هو على محادثات السلام التي ستبدأ في مدينة مينسك والتي اعلن عنها بوروشينكو ووافق عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاثنين.
وقال بوروشينكو ان الاتفاق على لقاء مفاوضين عن كييف وعن الانفصاليين بحضور مبعوثين روس واوروبيين الاربعاء والجمعة تم خلال مكالمة مشتركة بينه وبين المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.
وتهدف المحادثات الى تعزيز اتفاق السلام الذي تم التوصل اليه في مفاوضات في بيلاروسيا في ايلول/سبتمبر.
واسفر الاتفاق عن هدنة ومنح حكم ذاتي محدود لمنطقتين تتحدثان الروسية في شرق اوكرانيا تمردتا على كييف في نيسان/ابريل، الا ان استمرار القتال ادى الى مقتل 1300 شخص على الاقل منذ توقيع الاتفاق. وتسبب رفض كييف مناقشة تعليقها لمعونات الضمان الاجتماعي وغيرها من المعونات الى المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون في اعاقة عقد لقاء جديد في مينسك.
ويشتبه القادة الاوكرانيون بان المليشيات في منطقتي لوغانسك ودونتيسك اللتين تتحدثان الروسية تسرق تلك الاموال وتستخدمها في الحرب.
وصرح ممثل عن منظمة الامن والتعاون في اوروبا سيشارك في اجتماع الاربعاء ان الاطراف ستناقش شحنات المساعدات الانسانية، ولكنها لن تناقش مسالة المعونات.
واضافت المسؤولة في المنظمة هايدي تاغليافيني ان النقاط الكبيرة الاخرى على الاجندة تشتمل على تفاصيل انسحاب متبادل للقوات وتبادل السجناء.
الا ان اندري بورغين ممثل انفصاليي دونتيسك قال انه سيصر على مناقشة مسالة المعونات اذا ما عقدت محادثات مينسك كما هو مقرر.
وصرح لوكالة فرانس برس عبر الهاتف ان مبعوث انفصاليي دونتيسك "دينيس بوشيلين في طريقه الى مينسك. ولكننا لا نعرف بعد اذا كانت ستجري اية مفاوضات غدا (الاربعاء)".
وقال انفصاليو لوغانسك ان مبعوثهم توجه كذلك الى بيلاروسيا لاجراء ما وصفوه بمحادثات تحضيرية.
وقال ايغور بلوتنيتسكي الذي عين نفسه زعيما لمنطقة لوغانسك انه سيشارك شخصيا في الاجتماع الثاني الذي سيعقد في بيلاروسيا الجمعة اذا ما اتفقت الاطراف على اتفاق يلبي مطالب الانفصاليين الرئيسية.
أ ف ب
أرسل تعليقك