تنطلق فعاليات الدورة الثانية من منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة 2015، في أبوظبي، في 28 نيسان/ أبريل الجاري ولمدة ثلاثة أيام، بحضور أكثر من 350 عالمًا ومفكرًا إسلاميًا من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب حشد كبير من الكتاب والإعلاميين.
ويبحث المنتدى، الذي يستضيفه فندق "سانت ريجيس" الكورنيش في أبوظبي المخاطر التي تعصف بالأمة الإسلامية وإمكانية وضع حدٍ للنزيف الذي يهدد مستقبلها.
ويحرص العلماء والمفكرون المشاركون في هذه الدورة على إيجاد المخرجات السلمية لدرء المخاطر المحدقة بالأمة الإسلامية وانعكاسات هذه المخاطر على مناطق مختلفة من العالم، إلى جانب السعي لخلق تيار سلام قوي في المجتمعات المسلمة يناهض تيار العنف والغلو والتطرف.
وأعربت اللجنة العلمية للمنتدى عن أملها في أن تكون الدورة الثانية فرصة جديدة لتبادل الرأي بين العلماء والمفكرين والباحثين والخبراء والشباب، وتقديم رؤى وبدائل ومشاريع تسهم في التأصيل لثقافة السلم في الأوساط العلمية والمؤسسات البحثية، وتعميمها باعتبارها قيمًا وسلوكًا على المجتمعات المسلمة.
وأكد رئيس المنتدى الشيخ العلامة عبد الله بن بيه أن "الدورة الثانية تهدف إلى إعادة برمجة الأولويات في المجتمعات المسلمة بتأهيل العقول والنفوس لإدراك محورية السلم في ديننا وشريعتنا وتراثنا، باعتماد المنهجية الصحيحة في قراءة نصوص الوحي وتراث السلف؛ لأن ما يجري في المنطقة ليس مما يأباه ديننا وتجرمه شريعتنا فحسب، بل هو خارج عن نطاق العقل والإنسانية".
يشهد الحدث انعقاد سلسلة من الجلسات وورش العمل بمشاركة نخبة من العلماء والمفكرين لنشر ثقافة السلام وتعزيز الجهود الرامية لمواجهة العنف والتطرف والأعمال التي تخالف القيم الإنسانية ومبادئ الإسلام السمحة والتصدي إلى مخاطر العنف الطائفي التي تسود الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية.
وأوضح بن بيه أن تأسيس تيار السلم في المجتمعات المسلمة في هذه الفترة الحرجة من تاريخ الأمة الإسلامية أوجب الواجبات الآن، معتبرًا أن هذا التيار لا يمكن أن يتأسس بمعزل عن كليات الإسلام ومقاصده وأحكامه؛ لأنها هي العناصر التي تشكل عمق الثقافة والقيم والسلوك في هذه المجتمعات، وهي التي تمد الجسور بينها وبين الحكمة الإنسانية والقيم التي تناضل البشرية جمعاء من أجلها وتتطلع إلى العيش في ظلالها.
وأضاف أن الدورة الثانية للمنتدى تستحضر الأهمية البالغة لاصطفاف علماء الإسلام في صف واحد لمواجهة تيار الغلو والعنف؛ لأن الواقع اليوم أثبت أن المجتمع الدولي يتطلع إلى وظيفة الدين ودور العلماء في إخماد نيران الحرائق التي أججتها المحن والأحقاد وألبسها الجهل وحب الدنيا لبوس الشرعية الدينية.
يذكر أن المفكرون يبحثون خلال جلسات وورش العمل عددًا من المحاور المهمة في مقدمتها "جغرافية الأزمات" في المجتمعات المسلمة وتجارب السلم والمصالحة، ويعتبر الشق الأول من هذا المحور بمثابة دراسة وصفية شاملة لبؤر الأزمات والتوتر في المجتمعات المسلمة، حتى تتضح الصورة لمن لا يزال غافلاً عن العواقب الوخيمة الواقعة والمتوقعة لمختلف مظاهر اللاسلم في هذه المجتمعات في شتى المجالات، أما في الشق الثاني من هذا المحور فيجرى التركيز على تجلية عناصر الأمل في إحلال السلم الاجتماعي في الواقع المعاصر، وذلك من خلال نماذج من المجتمعات المسلمة ومن المجتمعات الأخرى.
ويتضمن هذا المحور عنوانين؛ الأول "جغرافية الأزمات في المجتمعات المسلمة" والثاني "تجارب السلم والمصالحة في الواقع المعاصر" كما يحدث في المجتمعات المسلمة مثل إقليم آتشي- أندونيسيا نموذجًا، وفي المجتمعات الأخرى جنوب أفريقيا نموذج إنساني آخر.
ويركز المحور الثاني للمنتدى على تصحيح وترشيد المفاهيم المرتبطة بتعزيز السلم؛ إذ ارتأت اللجنة العلمية للمنتدى استصحاب هذا المحور اقتناعًا منها بأن التباس المفاهيم واضطرابها وغموضها من أهم الأسباب الفكرية للعنف، الذي يمارس باسم الإسلام في المجتمعات المسلمة وفي مناطق مختلفة من العالم.
واعتبرت اللجنة أن من أولويات مهام علماء الأمة ومفكريها وباحثيها التصدي إلى استعمالات قاصرة لمفاهيم لم تستوعب في علاقتها بمقاصد الرسالة المحمدية وبسياق تكوين الأمة وحفظ تماسكها الداخلي وأمنها الخارجي، وبذلك تتحرر هذه المفاهيم مما تعرضت له من مصادرة وتتضح حقيقتها ووظيفتها في الدين.
وحرصًا على مزيد من التدقيق في دراسة المفاهيم، اختير لهذا المحور 3 مواضيع انطلاقًا من راهنيتها وقوة توظيفها في المواقف والتصرفات التي تشهدها المجتمعات المسلمة اليوم وهي "الجهاد والقتال"، و"التكفير"، و"تقسيم المعمورة".
ويتضمن المحور الثالث الذي يحمل عنوان "السلم في الإسلام- تأصيل وممارسة واستشراف" المواضيع التالية؛ تأصيل السلم "النصوص الحاكمة والمفاهيم والقيم والقواعد والآليات والوسائل، "وتقديم شهادات تاريخية حول السلم في الإسلام والسعي إلى تأصيل مفهوم السلم تقتضيه الصورة المتداولة عن الإسلام اليوم في العالم؛ بسبب كل ما يرتكب باسمه من فظائع أو بسبب التحامل، إلى جانب عرض وتحليل شهادات تاريخية لإخواننا في الإنسانية بشأن الإسهام الذي قدمه الإسلام للحضارة البشرية في مجال السلم".
أرسل تعليقك