أعلنت وزارة الخارجية السعودية، الجمعة أن المملكة علقت أعمال سفارتها لدى اليمن وأجلت دبلوماسييها بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في صنعاء. وتعد السعودية أول دولة عربية تخلي سفارتها بعد عدد من الدول الغربية.
وأوضح مصدر دبلوماسي أن عملية إجلاء الدبلوماسيين السعوديين العاملين في سفارة المملكة في صنعاء تمت الخميس، وتمهلت وزارة الخارجية في إعلان تعليق أعمال السفارة حتى يتم الانتهاء من عملية الإجلاء كي لا يتعرض العاملون لأذى.
وذكر المصدر في اتصال هاتفي أن سفارة السعودية كمثيلاتها من البعثات الأجنبية تعرضت لتهديدات بسبب انفراط الوضع الأمني في اليمن.
وقال: "أُجلي العاملون في السفارة يوم الخميس وانتظرنا الإعلان حماية لهم".
وعن التهديدات المباشرة، أكد المصدر أن "جماعة الحوثي هددت جميع الدول الرافضة للانقلاب، ولهذا من الطبيعي أن يتعرض العاملون في السفارة لتهديدات مباشرة أو غير مباشرة.
ولم يحدد المصدر مدة زمنية لعودة أعمال السفارة، إلا أنه ربط ذلك بهدوء الأوضاع في اليمن وعودة الحياة السياسية والاجتماعية إلى ما قبل الانقلاب.
وجاء إعلان السعودية بتعليق أعمالها الدبلوماسية قبيل أقل من 24 ساعة على اجتماع خليجي على مستوى وزراء الخارجية في الرياض الخميس.
ووصفته الأمانة العامة لمجلس التعاون بـ"الاستثنائي"، ويناقش بشكل خاص الأوضاع في اليمن، ومن المتوقع أن يتخذ الخليجيون موقفًا جماعيًا صارمًا ضد انقلاب المتمردين الحوثيين على السلطة هناك وعزلهم الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ووفق مصدر خليجي، فإن وزراء خارجية الخليج سوف يطلعون على نتائج تقرير أمني خاص عما آلت إليه الأوضاع في اليمن بعد الانقلاب الحوثي، والآثار المترتبة على فراغ السلطة، ومن بين ذلك تنامي نشاط الجماعات المتطرفة التي تتخذ من الأراضي اليمنية مقرًا لها، وعواقب تلك النتائج على دول مجلس التعاون.
وعبر مجلس التعاون الخليجي أخيرًا عن رفضه المطلق للانقلاب الذي أقدم عليه الحوثيون باعتباره نسفًا كاملًا للعملية السياسية السلمية واستخفافًا بكل الجهود الوطنية التي سعت للحفاظ على أمن اليمن.
ودعا مجلس الأمن إلى التحرك سريعًا لوضع حد للانقلاب الذي سيدخل اليمن ومستقبله وشعبه في نفق مظلم.
وفي سياق متصل، أعلنت ألمانيا وإيطاليا الجمعة إجلاء دبلوماسيهما من اليمن وإغلاق سفارتيهما مؤقتًا.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية: "قررنا الخميس إغلاق سفارتنا في صنعاء مؤقتًا، موضحًا أن كل الطاقم غادر الأراضي اليمنية.
وأضاف أن الوضع السياسي الحالي في اليمن أصبح على درجة من الخطورة غير مقبولة إطلاقًا للعاملين.
وفي روما، ذكرت وزارة الخارجية الإيطالية في بيان أنها "قررت إغلاق السفارة الإيطالية في صنعاء مؤقتًا بعد تسارع الأحداث في البلاد والتفاقم التدريجي للظروف الأمنية".
وأضافت أن السفير لوتشيانو غاللي وجميع أعضاء السفارة يعودون بأمان في هذا الوقت إلى إيطاليا.
وتابع أن الوزارة تأمل أن تتيح جهود الوساطة التي يقوم بها مبعوث الأمم المتحدة جمال بنعمر عودة الظروف الأمنية الكفيلة بالسماح في أسرع وقت بعودة الموظفين الدبلوماسيين إلى اليمن.
وكانت السفارة الإيطالية في صنعاء أغلقت الثلاثاء مكاتبها أمام الجمهور، ونصحت وزارة الخارجية الإيطاليين بعدم السفر إلى اليمن.
وكانت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا أعلنت هذا الأسبوع إغلاق سفاراتها في صنعاء.
وقالت مصادر دبلوماسية في صنعاء لـ"الشرق الأوسط" إن الكثير من الدول العربية والغربية في طريقها إلى الإعلان عن إغلاق سفاراتها في صنعاء جراء الأوضاع القائمة.
وأشارت المصادر إلى أن الأوضاع الراهنة سوف تنطبق على كافة سفارات الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية بالإضافة إلى 3 دول أوروبية وتركيا.
وأثارت الخطوات التي اتخذتها الكثير من الدول بإغلاق سفاراتها في صنعاء أو تعليق أعمالها، مخاوف واسعة النطاق في الشارع اليمني الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة ومن انعدام للمشتقات النفطية.
وحسب مواطنين التقتهم "الشرق الأوسط"، فإن دوافع الخوف في الشارع اليمني تنبع من اندلاع حرب أهلية، إذ يعيش الشمال على وقع سيطرة الحوثيين وترفض قواه وقبائله هيمنة هذه الحركة التي تتهم بأنها تدين بالولاء لإيران، وتعمل على إقصاء بقية القوى السياسية.
ويعيش الجنوب حالة غليان وتتعدد فصائله وحركاته المطالبة بما يسمى استعادة الدولة أو "الانفصال" عن الشمال، إضافة إلى انتشار الحركات الأصولية المتطرفة كتنظيم "أنصار الشريعة"، وتنظيم القاعدة، وما يتم الحديث عنه أو تداوله، هذه الأيام، من وجود مكثف لعناصر تنظيم "داعش" ومبايعة عناصر من "القاعدة" لزعيم "داعش" والعمل من خلال الأراضي اليمنية.
ودعت ما تسمى "اللجنة الثورية" برئاسة محمد علي الحوثي، وهي التي تحكم اليمن حاليًا، أعضاء مجلس النواب "البرلمان" المنحل إلى الاجتماع الأثنين المقبل في القصر الجمهوري في صنعاء، لمناقشة التطورات الراهنة ولإقناع النواب بالانضمام إلى عضوية "المجلس الوطني" الذي أنشأته اللجنة الحوثية في ضوء "الإعلان الدستوري" الذي صدر في 6 شباط/فبرايرالحالي.
وذكرت مصادر سياسية يمنية أن "اللجنة الثورية" لا تمتلك الحق في كل القرارات والإجراءات التي اتخذتها والتي تتخذها حتى الآن، وضمن ذلك دعوة أعضاء البرلمان للانعقاد.
وأشارت المصادر إلى أن "خطوة دعوة أعضاء البرلمان اتخذت بعد أن فشلت لجنة مشكلة من 5 من النواب الحوثيين في استقبال طلبات أعضاء البرلمان المنحل للالتحاق بالمجلس الوطني، خاصة بعد رفض الكتل النيابية لكل القوى الإعلان الدستوري والمشاركة في تنفيذ قراراته، لأنه غير شرعي.
ولفتت المصادر اليمنية، التي رفضت الإشارة إلى هويتها، إلى أن "الحوار في اليمن الذي يعول عليه المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر، انتكس بسبب تصرفات الحوثيين واستمرارهم في السيطرة والهيمنة على الدولة وعدم الخضوع لمطالب القوى السياسية الأخرى في اتخاذ إجراءات تثبت حسن النيات".
وأوضحت المصادر أن "الحوثيين بعد أن بسطوا هيمنتهم على البلاد، باتوا يمارسون الحوار كملهاة لكسب المزيد من الوقت"، وإلى أن أعين الحوثيين الآن تتجه نحو الجنوب لإخضاعه هو ومأرب للسيطرة ولضمان وضع يدهم على منابع النفط في البلاد (حضرموت، شبوة، مأرب) بدرجة رئيسية".
ويشهد اليمن توترًا أمنيًا غير مسبوق منذ سيطرة الحوثيين على مقاليد السلطة، وأكدت المصادر السياسية اليمنية ذاتها، أن الحوثيين لا يعطون اهتمامًا للإجراءات المتخذة من قبل بعض العواصم العربية والغربية.
وأضافت أنهم لن ينصاعوا سوى لإجراءات تفرض عليهم عقوبات، فيما هم يراهنون على عقوبات تفرض على الشعب اليمني من أجل المزيد من المزايدة على المواطنين بأن الخارج يريد تجويعه.
وفي السياق ذاته، تتواصل المظاهرات الرافضة لـ"انقلاب الحوثيين" على السلطة واستمرار احتجاز الرئيس عبد ربه منصور هادي تحت الإقامة الجبرية هو ورئيس الوزراء المستقيل وعدد من أعضاء حكومته، وتجابه هذه المظاهرات بقمع من قبل قوات الأمن الموالية للحوثيين ومن قبل الميليشيا المسلحة.
وكشفت مصادر عليمة في محافظة عمران أن "الحوثيين أطلقوا سراح الكثير من نزلاء السجن المركزي في عمران بعد اجتياحها، أواخر العام الماضي، ومعظم من جرى إطلاق سراحهم سجناء في قضايا جنائية، وبعضهم محكومون بالإعدام في جرائم قتل".
وذكرت المصادر أن "الحوثيين يستخدمون هؤلاء السجناء في إطار ميليشياتهم المسلحة"، إضافة إلى تجنيدهم للآلاف من الأطفال تحت السن القانونية في صفوف ميليشياتهم.
وكشفت مصادر في المعارضة اليمنية، وجود معتقلات سرية للحوثيين في العاصمة صنعاء ومحافظة صعدة.
وأشارت المصادر إلى أن الحوثيين "يستخدمون التعذيب الجسدي والنفسي بحق المعتقلين ويطالبونهم بالتوقيع على أوراق قبل إطلاق سراحهم دون معرفة محتويات تلك الأوراق".
وقال أحد المعتقلين المفرج عنهم، إنهم هاجموه أمام مكتبه في صنعاء وضربوه بعقب بندق رشاش في مؤخرة رأسه، الأمر الذي أدى إلى غيابه عن الوعي. وأضاف المعتقل أنه عقب إفاقته من غيبوبته، جرى استجوابه حول أسباب سفره إلى الخارج والأعمال التي ينجزها هناك، وتحديدًا في جمهورية آسيوية (..)، وهي الدولة التي كان يدرس فيها المعتقل قبل أن يفتتح مكتبًا استثماريًا بين صنعاء وعاصمة تلك الدولة.
ويواصل الحوثيون تعزيز وجودهم العسكري وبسط سيطرتهم على محافظة البيضاء بوسط البلاد، وذلك بعد أيام من السيطرة العسكرية على عدد من المديريات هناك بدعم من قوات الجيش الموالية.
وذكرت مصادر محلية في البيضاء أن المسلحين الحوثيين حاولوا، الجمعة، اجتياح منطقة آل حميقان، غير أن رجال القبائل تصدوا للحملة العسكرية الحوثية، وحتى مساء الخميس لم يعرف حجم الخسائر البشرية في صفوف الجانبين.
وقتل الخميس مسلحان حوثيان قرب سوق القات في مدينة البيضاء على يد مسلحين مجهولين، قاموا بالاستيلاء على سلاحي القتيلين قبل أن يلوذوا بالفرار.
وفي سياق متصل، أعلن رئيس حلف قبائل حضرموت المقدم عمر بن حبريش، في حديث هاتفي، أنهم سوف يحافظون على ثروة الإقليم في ظل فراغ مؤسسات الدولة في البلاد، ومن أهمها الثروة المعدنية وما نسبته 70 في المائة من البترول اليمني الذي يستأثر به الإقليم.
وأوضح حبريش الذي يمثل حلفه أكثر من مليوني مواطن يمني من محافظات حضرموت وشبوة والمهرة أن قبائل الجنوب سوف تجتمع الأثنين المقبل، ومن أهم القرارات التي ينتظر أن تصدر تشكيل قيادة موحدة تتولى الإدارة وحفظ الأمن والاستقرار في المحافظات، داعيًا المجتمع الدولي والإقليمي إلى مساعدة اليمن وعدم الاعتراف بسلطة المتمردين الحوثيين.
وسيطر الحوثيون في 21 أيلول/سبتمبر على صنعاء ووقعوا في اليوم ذاته على اتفاق للسلام وتقاسم السلطة مع باقي الأحزاب، إلا أن الاتفاق فشل.
وفي 20 كانون الثاني/يناير سيطروا على دار الرئاسة، ثم أبرموا اتفاقًا جديدًا مع الرئيس هادي، لكنه فشل مجددًا، ما دفع بالرئيس إلى الاستقالة مع الحكومة.
ويواصل الحوثيون الذين يسيطرون على صنعاء والمحافظات الشمالية هجومهم في وسط البلاد إذ استولوا الثلاثاء على البيضاء، كبرى مدن المحافظة التي تحمل الاسم نفسه.
وتنظم مظاهرات شبه يومية احتجاجًا على سيطرة الحوثيين على صنعاء وغيرها من المدن.
أرسل تعليقك