أكد النائب في البرلمان التركي، ونائب رئيس الوزراء السابق، أمر الله إيشلر مبعوث الرئيس التركي الخاص، خلال تصريحات صحافية إلى صحيفة"الحياة" اللندنية، أن هناك روابط تاريخية متجذرة وأخرى دينية وإنسانية تربط بين الشعب التركي وشعوب المنطقة، وبالتالي فإن تأمين أجواء يسودها السلام والاستقرار لشعوب الشرق الأوسط من أولويات السياسة الخارجية التركية.
وأشار إلى أن استمرار مجموعة من القضايا التي تعيق تأسيس سلامٍ حقيقي في المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية هي القضية المحورية التي تشكل العقبة الكبرى أمام تحقيق السلام إلى جانب الصراع الداخلي في سورية، وملف اليمن الذي بات ينذر بخطر الانقسام إثر انقلاب الحوثيين، وكذلك عدم الاستقرار الدائم في العراق، والسياسات الإقصائية والاستبدادية التي تنتهجها الحكومة المصرية، على حد قوله.
وأضاف إيشلر: "أنه على رغم كل هذه الأزمات، فإنني أعتقد بأن ثورة الشعوب العربية التي انطلقت في تونس وباتت تعرف باسم الربيع العربي، ستفتح على المدى الطويل الطريق أمام إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، بخاصة أن الشعوب التي حُكِمَت على مدار أكثر من مائة عام، من قبل أنظمة مستبدّة، تسيرها ديناميات أجنبية، اندفعت لتعبر عن إرادتها الذاتية حيث أشهرت رفضها الصارخ لواقعها المرير، فضلاً عن أن مطالبها المشروعة منحتها قدرة التصدي والممانعة وبعثت الأمل في نفوس الأجيال اليائسة".
وشدد على أن تركيا وقفت إلى جانب جميع المساعي والجهود التي تنصب في تحقيق الاستقرار في المنطقة، ومن هذا المنطلق، دعمت تركيا عملية "عاصفة الحزم"، التي تشنها عشر دول ضد مواقع للحوثيين في اليمن، إيماناً منها بمساهمة تلك العملية في حماية البلاد من حرب أهلية ومن خطر الفوضى، وفي إنعاش سلطة الدولة الشرعية في اليمن.
وتحدث عن أن فكرة "العثمانية الجديدة"، يأتي طرحها دائمًا بالتزامن مع حدوث أي تقارب في العلاقات التركية العربية، لخلق انطباع زائف بهدف إجهاض أي تقدم في مسار تلك العلاقات، لذلك تظهر ديناميات داخلية وخارجية مجدداً، للعمل على الحيلولة دون تحسين العلاقات البينية مع العالم العربي، ولخلق تصورات خاطئة تتناقض مع الواقع.
ونفى امتلاك تركيا لأي أجندة سرّية أو مخفية تجاه المنطقة، مؤكدًا أن هدفها الوحيد هو إعادة تأسيس السلام والاستقرار، استنادًا إلى أسس الأخوة والتاريخ والثقافة المشتركة، كما أن تركيا تتطلع نحو جغرافيا إسلامية رحبة، تمتلك فيها الحدود قيمة رمزية لا أكثر.
وذكر أنه لا يمكن الحديث عن إمكانية القيام بأي تطبيع للعلاقات التركية المصرية في ظل الظروف الحالية، كما أن المتابعين للخط الذي تسير عليه السياسات الخارجية التركية، يمكنهم ملاحظة النهج المبدئي الذي تعتمده تلك السياسات، ذلك أن الخطوط الحمراء في السياسات الخارجية التركية، لا تستند إلى المصالح بل إلى المبادئ التي تدافع عنها تركيا، وبالتالي، فإنه ليس من الممكن التخلي عن تلك المبادئ.
وطالب الإدارة المصرية أن تصغي إلى صوت الشعب المصري الذي لا يزال في الشوارع، مضيفًا: "وعلى الحكومة المصرية أن تكف عن اتباع سياسة الاستقطاب التي اتسمت في مصر من خلال العزل والإقصاء وحملات التشهير وممارسة مختلف أنواع الضغوط، بخاصة أن العديد من الأحداث التاريخية تبعث لنا برسائل مفادها، أنه ما من قوة في العالم إلا وهي غير قادرة على مواجهة إرادة الشعب مهما بلغت".
وأوضح أنه ليست لديه أي مشكلة مع الشعب المصري، وأن مصر بالنسبة لتركيا لا تعني "الإخوان" فقط، كما أنهم يعتبرون جميع المصريين - الساعين إلى ضمان وحدة بلادهم الوطنية واستقرارها وتحقيق الرفاهية لها، والرافضين للعقلية الانقلابية - إخوة لهم.
وأكد أنه من المستحيل تأسيس السلام والاستقرار بصفة فعلية في العالم الإسلامي في غياب مصر قويّة في المنطقة، متمنيًا أن يتخلص الشعب المصري في أقرب وقت ممكن من "العقلية الانقلابية"، وأن تصل مصر إلى المكان الذي تستحقه في العالم الإسلامي.
وأشار إلى أن حل الأزمة في ليبيا لا يتم إلا من خلال حوار يجمع جميع الفرقاء بطريقة صحيحة وشاملة، وإن تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، يشغل أهمية قصوى على صعيد نجاح عملية الحوار، وضمان الحصول على حل حقيقي للأزمة.
ونوه إلى أن حل الأزمة في ليبيا بأيدي الليبيين أنفسهم، ولربما بمساعدة من المجتمع الدولي فقط، وعلى الإخوة في ليبيا الاتفاق على خريطة طريق سياسية تخرج البلاد من عنق الزجاجة وتأخذها نحو طريق الانفراج، وتشكيل حكومة وحدة وطنية لتنفيذ خريطة الطريق.
وتطرق إلى أن دور تركيا في الملف الليبي يواجه حملة تضليل خطيرة، من قبل بعض وسائل الإعلام، التي تقوم بنشر أنباء تدّعي من خلالها وجود دعم تركي لجماعات متطرفة في ليبيا، بهدف إجهاض الدور البناء والإيجابي الذي تقوم به في الملف الليبي.
وبخصوص الموضوع السوري، قال "إن الديناميات الخارجية التي حولت الساحة السوريّة إلى حرب عالمية صغيرة، بسبب جملة من المخاوف الطائفية والاقتصادية والاستراتيجية، والتي كانت تدعي مع العالم المتحضّر بأنها قد وصلت إلى قمة الحضارة، التزمت بالصمت حيال الإبادة الجماعية الجارية في سورية، الأمر الذي سيجعل تلك المذابح أكبر وصمة عارٍ أندت جبين الإنسانية خلال القرن الحالي".
وتابع: "أن الإنسانية قد أخفقت في الامتحان السوري، وإيران التي قدمت جميع أشكال الدعم للنظام السوري بما في ذلك إرسال جنود ومقاتلين، بناء على هواجسها الطائفية وسياساتها الإيديولوجية، قد خسرت سمعتها ومكانتها في قلوب الشعوب المسلمة ونزعت من طي ضمائرهم".
واستطرد: "جرحت إيران مشاعر وضمائر الشعوب الإسلامية مرّة أخرى، من خلال جر اليمن نحو حرب أهلية، عبر تقديم جميع أنواع الدعم للحوثيين، ولم تكتف عند هذا الحد، بل قال مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، وكأنما كان يبارك سقوط العاصمة اليمنية صنعاء بيد الحوثيين، إن «ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية، وتابع زاكاني المعروف بقربه من المرشد الإيراني علي خامنئي إن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي في طريقها للالتحاق بالثورة الإيرانية، معلناً ما هو معلوم في شكل واضح مما لا يدع مجالًا للشك".
وجدد التأكيد على أن الوصول إلى تسوية نهائية اعتمادًا على الوسائل السلمية في ما يخص الصراع في سورية، يتطلب أولاً وضع حد للسياسات القمعية التي ينتهجها النظام، وإيقاف العنف الذي يستهدف الشعب السوري، ورحيل جميع المسؤولين الذين تلطخت أيديهم بالدماء في أقرب وقت ممكن.
وعبر عن أمله في أن تتوج المرحلة بحماية البنية التحتية القائمة والمؤسسات العامة في سورية والبدء بعملية تحول ديموقراطي فعّالة تماشيًا مع المطالب المشروعة للشعب السوري وتطلعاته، وتأسيس نظام ديموقراطي حر، يتضمن الحقوق الأساسية لجميع المواطنين السوريين على أساس المساواة في الحريات، وضمانات دستورية، لصيانة حقوق جميع المواطنين السوريين، من دون التمييز في ما بينهم لأسباب عرقية ودينية وطائفية، وذلك من خلال انتهاج الوسائل السلمية.
واختتم بقوله "أن تركيا ستواصل في هذه الفترة الصعبة الوقوف إلى جانب الشعب السوري بكل حزم، والتمسك بحماية الوحدة الوطنية لسورية ووحدة ترابها الوطني، بين أهدافها الأساسية".
أرسل تعليقك