على الرغم من التحديات المشتركة التي واجهتها مصر والأردن خلال العام 2015 وعلى رأسها الإرهاب ؛ إلا أنها عززت العلاقات الاستراتيجية بين البلدين بفضل جهود القيادتين السياسيتين وحرصهما على دفع التعاون الثنائي قدما للأمام وتحقيق رغبة الشعبين في المزيد من التقارب.
وقد شهدت العلاقات المصرية الأردنية خلال العام 2015 ، الذي يستعد للرحيل بعد أيام قلائل ، تناميا ملحوظا في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والفنية والرياضية وغيرها نظرا للتقارب الكبير بين البلدين وشعبيهما الشقيقين.
وأظهرت اللقاءات العديدة التي جمعت زعيمي البلدين الرئيس عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني سواء في مدينة دافوس السويسرية أو في القاهرة أو في شرم الشيخ أو في البحر الميت أو في الإسماعيلية ، مدى حرصهما على استمرارية التشاور حيال كل ما من شأنه خدمة مصالح البلدين والشعبين والمنطقة.
وفي هذا الصدد.. يرى السفير خالد ثروت سفير مصر لدى الأردن أن تبادل الزيارات بين زعيمي البلدين تعكس قوة العلاقات بينهما وتطابق مواقفهما إزاء القضايا الإقليمية والعربية ورغبتهما الصادقة في خدمة مسيرة العمل العربي المشترك وبما يحقق مصالح شعبيهما.
ويصف السفير ثروت العلاقات بين مصر والأردن بأنها "متميزة" على كافة الأصعدة ، وتعد نموذجا للعلاقات العربية العربية ، قائلا " إننا نكن كل التقدير والاحترام للأردن ملكا وحكومة وشعبا لمواقفهم المشرفة والمساندة والداعمة لمصر على الدوام حيث كان العاهل الأردني أول زعيم عربي وأجنبي يزور القاهرة بعد ثورة 30 يونيو لدعم خيارات الشعب المصري علاوة على مساندة المملكة لمصر في حربها ضد الإرهاب.
وبالنسبة لمواقف الزعيمين من قضايا المنطقة فهي متوافقة ومتطابقة تماما ، فهما مع ضرورة تكثيف جهود المجتمع الدولي في دفع عملية السلام والمساعدة في تهيئة الظروف الملائمة لإحياء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي استنادا إلى حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية.
كما أن الزعيمين مع ضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة السورية وأنهما مع دعم جهود الحكومة العراقية للتغلب على التحديات التي تواجهها بما يعزز أمن واستقرار العراق ويدعم التوافق الوطني بين مختلف أطيافه علاوة على أنهما يؤيدان الحل السياسي في ليبيا وصولا لتحقيق الأمن والاستقرار للشعب الليبي.
وعلى صعيد مكافحة الإرهاب..تتطابق رؤى الزعيمين بشأن ضرورة تكاتف جهود المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية للتعامل بكل حزم مع خطر الإرهاب والتطرف والتنظيمات الإرهابية ؛ خاصة وأن مصر والأردن عانيتا من شروره فقد سقط جراءه خلال العام الجاري عشرات الشهداء من الجنود المصريين إضافة إلى اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات وإعدام 21 عاملا مصريا قبطيا في ليبيا وأيضا اغتيال الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقا على أيدي عصابة (داعش) الإرهابية.
وعلى صعيد التعاون العسكري..نفذ الجانبان في النصف الثاني من الشهر الجاري تمرينا مشتركا (العقبة 2015) استضافته مصر بمشاركة وحدات منتخبة من القوات المسلحة في البلدين ، تضمن تنفيذ عدد من الفعاليات والأنشطة التي تحاكي التحديات التي تواجهها المنطقة.
وفي أكتوبر الماضي..قام رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق محمود حجازي بزيارة للمملكة على رأس وفد عسكري ، التقى خلالها مع مستشار العاهل الأردني للشئون العسكرية الفريق أول الركن مشعل الزبن وبحثا سبل تعزيز التعاون ، وقد وقعا اتفاقية تعاون عسكري بين القوات المسلحة الأردنية والمصرية تقضي بتبادل الخبرات في مختلف المجالات العسكرية.
وبالنسبة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين فهي لا ترقى إلى مستوى السياسية ، خاصة وأن حجم التبادل التجاري بين مصر والأردن لم يتجاوز ال600 مليون دولار خلال العام الماضي ، وهو ما يعد رقما هزيلا "بحسب المسئولين في الجانبين قياسا بحجم الدولتين وبعلاقاتهما الثنائية".
أما زعيما البلدين فهما حريصان كل الحرص على دفع هذه العلاقات قدما إلى الأمام ، وهو ما تجسد في مشاركة الرئيس السيسي في منتدي دافوس الاقتصادي الذي عقد بمنطقة البحر الميت ، ومشاركة الملك عبدالله الثاني في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي وحضوره افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة.
وبعد المنتدى الاقتصادي العالمي وبأيام قليلة التأمت في عمان يوم 27 مايو الماضي اجتماعات اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة برئاسة رئيسي وزراء البلدين المهندس إبراهيم محلب (آنذاك) والدكتور عبدالله النسور ، حيث أثمرت عن توقيع 10 بروتوكولات تعاون وبرامج تنفيذية بين الجانبين.
وفي الرابع من يونيو..افتتح سفير مصر لدى الأردن ووزيرة الصناعة والتجارة والتموين الأردنية المهندسة مها العلي بعمان الدورة الحادية عشرة لمعرض المنتجات المصرية بمشاركة أكثر من 50 شركة ، كما شارك المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة خلال الأسبوع الأول من يونيو بمعرض الأردن الخامس للصناعات الكيماوية والبلاستيكية بعدد (52 شركة) مقابل 40 شركة خلال العام السابق عليه.
وعلى صعيد ملف الطاقة..عقد الجانبان عدة لقاءات سواء في القاهرة أو في عمان واتفقا على أهمية زيادة التعاون المشترك في هذا القطاع ، وضرورة الربط الكهربائي ودوره في تعزيز التبادل الاقتصادي والتجاري .
وأعرب رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبدالله النسور خلال لقاء جمعه ووزير البترول والثروة المعدنية المهندس طارق الملا - مؤخرا بعمان - عن أمله في أن يكون للأردن نصيب باستيراد الغاز من حقل الغاز الطبيعي العملاق ( ظهر) الذي تم اكتشافه مؤخرا في المياه الإقليمية لمصر.
كما جددت مصر والأردن والعراق منتصف نوفمبر الماضي التوقيع على بروتوكول تعاون مشترك بدعم التعاون بين الدول الثلاث فى مجالات البترول والغاز الطبيعى من خلال خط أنبوب النفط البصرة / العقبة.
وعلى الصعيد ذاته..وافق مجلس الوزراء الأردني مؤخرا على مذكرة التفاهم التى توقيعها بين الحكومتين الأردنية والمصرية بشأن التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية والتي تأتي ضمن جهود هيئة الطاقة الذرية الرامية لتعزيز التعاون مع الدول العربية الشقيقة في المجال النووي.
وبالنسبة لمجال النقل .. فقد وقعت مصر والأردن في 24 فبراير الماضى بالأحرف الأولى على مذكرتي تفاهم للتعاون في مجال النقل البحري بشأن الاعتراف بشهادات الأهلية البحرية للملاحين وأعمال النوبة الصادرة عن حكومتي البلدين وإجراءات التفتيش على السفن من قبل مفتشي رقابة الدولة على الميناء في البلدين.
والتأمت بعمان في 22 ديسمبر الجاري أولى اجتماعات اللجنة الفنية الأردنية المصرية المشتركة للنقل البري ، حيث اتفق الجانبان على الاستمرار في العمل بآلية دخول الشاحنات وشاحنات التبريد أراضي البلدين حتى نهاية العام 2016.
وفيما يتعلق بالقطاع الاستثماري..عقد وفد من هيئة الاستثمار والمناطق الحرة برئاسة الرئيس التنفيذي للهيئة علاء الدين عمر منتصف الشهر الجاري في عمان والعقبة سلسلة من اللقاءات مع المسئولين الأردنيين للتأكيد على ضرورة تنفيذ المشاريع الاستثمارية المشتركة.
ويبلغ حجم الاستثمارات الأردنية في مصر 501 مليون دولار مقابل ما يزيد على 300 مليون دولار لمصر في الأردن ؛ إلا أنها زادت بعد توقيع مجموعة (عامر جروب) اتفاقية بورتو البحر الميت والتي تبلغ مليارا و58 مليون دولار.
وعن العمالة المصرية في الأردن فهي تحظى بتقدير من قبل الشعب الأردني قياسا بالعمالة الأخرى الموجودة على أراضي المملكة ، واعترف وزير العمل الدكتور نضال القطامين بأمانتها وبأخلاقها وبالأثر الإيجابي الذي تتركه في كافة القطاعات التي تعمل به.
ويبلغ إجمالي عدد العمالة المصرية الحاصلة على تصاريح عمل رسمية في المملكة ما يزيد على 250 ألف عامل فيما يبلغ عدد الذين يعملون بدون تصاريح رسمية – وفقا للإحصاءات الأردنية – ما يزيد على 500 ألف عامل.
وعلى الصعيد الثقافي ..اتفق الجانبان المصري والأردني في أواخر أغسطس الماضي على زيادة الأنشطة الثقافية بينهما وإقامة 10 فعاليات ثقافية سنويا داخل المملكة منها عروض مسرحية ومعارض للفن التشكيلي وسرعة الإعداد لمؤتمر (فن الفسيفساء الأول) بالقاهرة وذلك بمشاركة المتخصصين من البلدين..كما أهدت وزارة الثقافة المصرية 10 آلاف كتاب من إصدارات الوزارة في مختلف المجالات إلى المكتبة الوطنية الأردنية.
وقد أقيمت (الأيام الثقافية المصرية) ضمن فعاليات (جرش مدينة الثقافة الأردنية للعام 2015 ) حيث تضمنت معرضا للحرف اليدوية والتقليدية المصرية إضافة إلى عروض قدمتها الفرقة القومية للفنون الشعبية في كل من جرش ومركزي السلط الثقافي بمحافظة البلقاء والملك عبدالله الثاني الثقافي بمحافظة الزرقاء.
وعلى صعيد متصل .. وقع محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة ورئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة الدكتور هاني الملقي في 16 أغسطس الجاري بمدينة العقبة على اتفاقية صداقة وتوأمة بين مدينة شرم الشيخ والعقبة.
وبالنسبة للنشاط الرياضي ، تحرص مصر سنويا على المشاركة في لقاء شباب العواصم العربية الذي نظمه مجلس الشباب والرياضة الأردني بالتعاون مع جامعة الدول العربية .. كما يشارك البلدان في البطولات التي تقام في كل دولة على حدة علاوة على استعانة بعض الأندية الأردنية بمدربين مصريين وذلك لكفاءاتهم وخبرتهم في المجال الكروي.
ومن جهته .. يؤكد الاتحاد الأردني لكرة القدم على عمق العلاقة التاريخية التي تربطه ونظيره المصري حيث استذكر الأثر الطيب الذي تركته العديد من الكفاءات الفنية والإدارية في مصر والتي أسهمت بتطوير كرة القدم في الأردن ، منوها في هذا الصدد بالجهود الطبية التي قام بها الكابتن المرحوم محمود الجوهري ومن قبله الكابتن طه إسماعيل وغيرهما.
أرسل تعليقك