طرابلس ـ صوت الإمارات
فشلت حكومة الوفاق الوطني الليبية التي اعلن تشكيلها بوجب اتفاق سلام برعاية الامم المتحدة، في الحصول الاثنين على ثقة البرلمان المعترف به دوليا، والذي ارجأ ايضا البت في اعتماد الاتفاق السياسي برمته.
وعلل نواب شاركوا في جلسة عقدت اليوم في مدينة طبرق في شرق ليبيا رفض البرلمان للحكومة بالعدد الكبير من الحقائب الوزارية التي تضمها الحكومة والتي بلغت 32 وزارة، مطالبين بتقديم تشكيلة حكومية اصغر.
وقال النائب علي القايدي الذي شارك في الجلسة لوكالة فرانس برس "صوتنا لصالح رفض اعطاء الثقة للحكومة، ونطالب (...) بتقديم حكومة جديدة"، مشيرا الى ان 89 نائبا من 104 حضروا الجلسة في طبرق صوتوا ضد منح الحكومة الثقة.
واضاف ان العدد نفسه من النواب صوت ايضا "لصالح الغاء المادة الثامنة من الاتفاق السياسي" الذي ترعاه الامم المتحدة.
وتنص المادة الثامنة على شغور المناصب الامنية والعسكرية القيادية بمجرد حصول حكومة الوفاق الوطني على ثقة المجلس النيابي، على ان تقوم هذه الحكومة في وقت لاحق باختيار الشخصيات التي ستتولى المناصب الامنية والعسكرية.
واوضح القايدي "ستكون هناك جلسة غدا للتصويت على اعتماد هذا الاتفاق او رفضه في حال تمت الاستجابة لطلب الغاء المادة الثامنة" من جانب بعثة الامم المتحدة التي عملت لاكثر من عام من اجل التوصل الى صيغة توافقية للاتفاق السياسي.
وتعليقا على التصويت لصالح رفض المادة الثامنة، اعلن ممثل الامين العام للامم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه انه ستكون هناك "مشاورات مع كل الاطراف من اجل التوصل الى حل توافقي بشأن كل المسائل العالقة".
وكان مجلس رئاسي منبثق من اتفاق الامم المتحدة الذي وقعه اعضاء في برلمان طبرق وبرلمان طرابلس الموازي غير المعترف به في منتصف كانون الاول/ديسمبر، اعلن في تونس الاسبوع الماضي تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة رجل الاعمال فايز السراج.
- حكومة مصغرة -
وقال النائب الصالحين عبد النبي لفرانس برس "رفضنا حكومة السراج لانها تضم 32 وزارة ونطالب السراج بحكومة مصغرة لا تضم هذا العدد الهائل من الوزارات".
واعلن فتحي عبد الكريم، المستشار الإعلامي لرئيس البرلمان عقيلة صالح، ان المجلس "منح مهلة عشرة ايام لاعادة تشكيل الحكومة وتقديمها لمجلس النواب مع تقليص عدد الوزارات".
ولم يحدد عبد الكريم الخطوة التي سيقدم عليها البرلمان في حال انتهت مهلة العشرة ايام من دون طرح تشكيلة حكومية جديدة.
من جهته، دعا كوبلر في بيانه المجلس الرئاسي والبرلمان الى "اتخاذ القرارات الضرورية في اسرع وقت ممكن" بشان تشكيلة حكومة الوفاق الوطني.
وينص اتفاق الامم المتحدة على تشكيل حكومة وحدة وطنية توحد السلطتين المتنازعتين على الحكم منذ منتصف العام 2014، على ان تقود مرحلة انتقالية تمتد لعامين وتنتهي بانتخابات تشريعية.
ويحظى الاتفاق بدعم المجتمع الدولي، لكنه يلقى معارضة رئيسي البرلمانين في طبرق وفي طرابلس. وكان قائد القوات الموالية للبرلمان المعترف به في الشرق الفريق اول ركن خليفة حفتر، الشخصية العسكرية النافذة، من ابرز المطالبين بادخال تعديلات على الاتفاق.
وقال النائب فهمي التواتي لفرانس برس ان نحو 60 من النواب في برلمان طبرق يعارضون الاتفاق بسبب المادة الثامنة التي تعني امكانية خسارة حفتر لموقعه.
- ثلاث سلطات ثلاث حكومات -
ومنذ التوقيع على اتفاق الامم المتحدة، اضيفت سلطة ثالثة الى السلطتين اللتين تتنازعان الحكم في ليبيا في نزاع قتل فيه نحو ثلاثة الاف شخص، وتتمثل هذه السلطة بالمجلس الرئاسي الذي يمارس اعماله من تونس.
وتوزع على وسائل الاعلام في ليبيا بيانات تحمل تواقيع واختاما مختلفة صادرة عن السلطات الثلاث، وهي "الحكومة الليبية المؤقتة" في الشرق، و"حكومة الانقاذ الوطني" في طرابلس، و"حكومة الوفاق الوطني" التي شكلها المجلس الرئاسي والتي رفض البرلمان منحها الثقة اليوم.
وينص اتفاق الامم المتحدة على ان تمارس حكومة الوفاق الوطني عملها من طرابلس، الا ان هذا الامر يبدو بعيدا عن التحقق على الارض، إذ ان الحكومة التي تدير العاصمة الى جانب البرلمان غير المعترف به، ويساندها تحالف جماعات مسلحة بعضها اسلامية تحت مسمى "فجر ليبيا"، ترفض تسليم السلطة للحكومة الجديدة.
وفي حال حصلت حكومة الوفاق الوطني الحالية او غيرها في وقت لاحق على ثقة البرلمان، يرجح ان تضطر الى العمل من شرق البلاد لتحل مكان "الحكومة الليبية المؤقتة" في مدينة البيضاء، وترث منها بذلك تاييد المجتمع الدولي ودعمه، او ان تعمل من خارج ليبيا.
وتاتي محاولة توحيد السلطات في هذا البلد الغني بالنفط والغارق بالفوضى السياسية والامنية، في وقت يتصاعد التهديد الجهادي المتمثل بتنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) ويحاول التمدد نحو المناطق القريبة منها والغنية بابار النفط وموانئ تصديره.
وتدفع الدول الكبرى وعلى راسها الدول الاوروبية التي لا تبعد سوى بضع مئات من الكيلومترات عن الساحل الليبي، نحو تسريع منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني ودعمها في التصدي للخطر الجهادي.
وبينما كان البرلمان يرفض حكومة السراج، كان هذا الاخير يجري محادثات في الجزائر، في محاولة للحصول على بعض الدعم الخارجي.
أرسل تعليقك