غزة – محمد حبيب
اعتبر مراقبون فلسطينيون أن الاتفاق الذي أعلن عن التوصل إليه رسمياً اليوم الاثنين لاستئناف العلاقات التركية الإسرائيلية شكل "انتكاسة" لتطلعات حركة "حماس" برفع الحصار عن قطاع غزة الذي تسيطر عليه منذ منتصف عام 2007, حسب المراقبين، فإن الاتفاق الذي سيوقع بين الجانبين يوم غد الثلاثاء لم يُلب ما كانت تطمح إليه حركة حماس بتمسك تركيا بمطلبها رفع الحصار بشكل كلي عن القطاع الذي كررته لسنوات، في حين اعتبر البعض أن الاتفاق يمثل "انجازا" ولو كان ضئيلا في طريق رفع الحصار المستمر منذ عام 2007.
وأعلنت كل من إسرائيل وتركيا رسميا اليوم الاثنين عن التوصل إلى اتفاق لإعادة تطبيع العلاقات الثنائية بينهما، على أن يتم توقيعه يوم غد الثلاثاء, وتم الإعلان عن الاتفاق في مؤتمر صحافي منفصل عقده بالتزامن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العاصمة الإيطالية روما ورئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في أنقرة, وأعلن نتنياهو أن إسرائيل ستواصل فر ض الحصار "الأمني والبحري" على قطاع غزة (المستمر منذ منتصف عام 2007) لمنع تعاظم قوة حماس، معتبرًا أنَّ الاتفاق المعلن مع تركيا "مصلحة استراتيجية لإسرائيل", في المقابل، أعلن يلدريم أن بلاده ستعمل بموجب الاتفاق المعلن على إنشاء شبكات لتوليد التيار الكهربائي وتحلية مياه الشرب في قطاع غزة وبناء مستشفى كبير بسعة 200 سرير والعديد من المشاريع الأخرى, وذكر يلدريم أن أول سفينة مساعدات ستنطلق يوم الجمعة المقبل من تركيا إلى ميناء اسدود الإسرائيلي وتحمل 10 آلاف طن مساعدات إنسانية، مؤكدًا على أن الاتفاق المعلن لا يتضمن أي وقف لإطلاق النار بين حماس وإسرائيل.
وقال الكاتب والمحلل السياسي من غزة مصطفى الصواف، إن حماس كانت تأمل وتتطلع أن تقوم تركيا بدور أكثر قوة في رفع الحصار نهائيا عن غزة، لكن ذلك لا يمنع أن تنفيذ خطوات لتخفيف الحصار "يعد إنجازا", ويرى أن حماس في ضوء التطورات الأخيرة سيكون مقبولا لها على الأقل إيجاد وسائل لتخفيف حصار غزة "لأن السياسة فن الممكن، ولا أحد يستطيع أن يملي على تركيا كل ما يريد ويؤثر على قراراتها ومصالحها", ويعتبر أن خطوات للحد من حصار غزة ضمن الاتفاق التركي الإسرائيلي لا يمكن اعتبارها إنجازا سياسيا لحماس، بقدر ما هي ثمرة لعلاقاتها ومحاولاتها المستمرة لتحسين الأوضاع في القطاع.
وبتقدير الصواف، فإن "ثقة حماس في تركيا عالية ولن تتزعزع حتى بعدما لم يتضمن الاتفاق التركي الإسرائيلي رفعا كاملا للحصار، لأن محاولات إنهاء الحصار كليا ستستمر ولا لوم على أنقرة لعدم النجاح الكامل", وبموجب الاتفاق المعلن فإن إسرائيل ستدفع لتركيا تعويضات بقيمة 21 مليون دولار أمريكي بعد أن يصادق البرلمان التركي على مشروع قانون ينص على التزام تركيا بإلغاء الدعاوى التي قدمت ضد الجيش الإسرائيلي, أما فيما يخص قطاع غزة فإن أي مشاريع ستنفذها تركيا أو نقل مساعدات إنسانية إليه فإنه سيتم من خلال إسرائيل وتحت مراقبتها الأمنية، وهو ما يعني إبقاء قيودها المشددة على القطاع.
ويعتبر المحلل السياسي من غزة مصطفى إبراهيم، أن تركيا "تنازلت وأسقطت شرطها" بشأن الرفع الكلي لحصار قطاع غزة "كونها دولة تبحث عن مصالحها وهي بحاجة لإسرائيل لأسباب اقتصادية وأمنية", ويشير إلى أنه وفق بنود الاتفاق المعلن "فإنه سيسمح لتركيا أن يكون لها دور مميز نوعا ما في غزة، وهو دور تقوم به مؤسسات دولية مثل منظمات الأمم المتحدة", ويرى أن الاتفاق المعلن "يتعامل مع غزة من جانب إنساني إغاثي وليس سياسيا، مع أن القطاع محتل والحصار المفروض هو عقاب جماعي بأهداف سياسية".
ويكشف أن إسرائيل أصرَّت على عدم منح حماس أي إنجاز سياسي أو القول إنها استطاعت تحسين حياة غزة، كما أن ما ستقدمه لتركيا مع بعض الامتيازات لمشاريعها تقدمه لقطر ولدول عربية وأوروبية منذ زمن.
وتفرض إسرائيل حصارها المشدد على قطاع غزة منذ سيطرة حماس على الأوضاع فيه بالقوة بعد جولات اقتتال مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
وبموجب الحصار تتحكم إسرائيل بكل ما يدخل ويخرج من معابر قطاع غزة التجارية والبرية، وتحظر وتقيد إدخال عشرات الأصناف، إلى جانب فرضها طوقا بحريا على القطاع الذي يقطنه نحو مليون و900 ألف فلسطيني.
أرسل تعليقك