عينت تيريزا ماي اليوم كزعيمة لحزب المحافظين وقبلت التعيين بكرم وتواضع في الوقت الذي تستعد فيه أن تكون رئيسة الوزراء المقبلة بعد تراجع منافستها الوحيدة لقيادة حزب المحافظين بطريقة مفاجئة, وصرحت ماي بعد تعيينها خارج قصر وستمنستر, "الانسحاب يُعني الانسحاب، ونحن سنذهب لإنجاح هذا القرار", واعدة بقيادة قوية وتقديم بريطانيا بطريقة أقوى، فيما أشار كاميرون إلى أن خليفته ستكون قوية وأكثر من قادرة على أن تكون القائدة التي تحتاجها بريطانيا, بينما استطاعت وزيرة الخارجية أن تعتلي عرش حزب المحافظين بعد خروج منافستها الوحيدة أندريا ليدسوم من السباق قبل أن تصل الاثنتان إلى صناديق اقتراع أعضاء الحزب وسط مزاعم أن الأخيرة كانت ساذجة وقليلة الخبرة بالنسبة لهذا المنصب.
وخرج كاميرون من مكتبه بعد ظهر اليوم ليؤكد على أنه سيجري آخر جلسة مجلس وزراء له غدًا، وأنه سيستكمل حفلة الوادع يوم الأربعاء مع أعضاء البرلمان ثم يأخذ رحلة قصيرة الى قصر باكنغهام لتقديم استقالته إلى الملكة, فيما شهد يوم الأربعاء الدرامي نهاية عهد قيادة كاميرون بينما كان يفتتح معرض فارنبورو الجوي في هامبشاير جنبا الى جنب مع السير ريتشارد برانسون، وكان كاميرون يعتزم ترك منصبه في 9 أيلول/سبتمبر بعد ظهور دولي أخير في مجموعة الـ 20 في الصين.
وتخلت السيدة لديسوم عن ترشحها لمنصب رئيس الوزراء بعد أقل من أسبوع على فوزها المفاجئ بالترشيح في اقتراع النواب المحافظين، بعد الإستقاء التاريخي يوم 23 حزيران/يونيو، وأعلنت أنَّها مستعدة للمنافسة على المنصب في 30 حزيران/يونيو.
وأتي انهيار حملتها اليوم بعد عطلة نهاية أسبوع مريرة في اقتتال داخلي في حزب المحافظين واقتراحات أن كون لديسوم أم سيعطيها ميزة على السيدة ماي في تولي منصف رئيس الوزراء، وفي المقابل فان الاستفتاء الدموي التاريخي جعل من ماي الوحيدة التي تتقدم بفارق كبير عن منافسيها في حزب المحافظين وامكانية قيادتها للحكومة, في حين تستعد اليوم لتولي منصبها ولكنها تواجه بالفعل دعوات لانتخابات مبكرة جاءت على لسان حزب العمال والذي يعاني أصلا من تسابق قيادته في ظل تنافس بين أنجيلا ايفل وجيرمي كوربين.
وأعلنت تيريزا ماي صباح اليوم عن جدول أعمالها السياسي والذي سيتركز حسب قولها على الاصلاح الاجتماعي الخطير، قبل أن تعلن منافستها عن انسحابها وبعدها توجهت الى لندن للرد على التطورات السريعة، وكان من المتوقع أن تتحدث للأمة بعد ظهر اليوم بعد أن تتحدث مع النواب المحافظين في البرلمان.
وأكد رئيس البرلمان غراهام برادي على أن حزب المحافظين قبل فوز السيدة ماي وشدَّد على أنها ستكون زعيمة الحزب فورًا، وبعدها ظهر كاميرون أمام مكتبه في داوننغ ستريت لتأكيد الجدول الزمني لرحيله, وصرح " انا سعيد اننا لن نخضع لحملة انتخابية طويلة، أعتقد أن اندريا لديسوم اتخذت قرار صائبًا في أن تقف جانبا وتتيح لتيريرزا ماي أن تكون زعيمة الحزب، وأنا سعيد لان تيريزا ماي ستكون رئيسة الوزراء المقبلة فهي قوية ومختصة وأكثر من قادرة أن تكون قائدة البلاد والتي ستسير بها في السنوات المقبلة وأنا أدعمها بالكامل", وتابع, "من الواضح مع هذه التغييرات لن نتاج الى فترة طويلة من المرحلة الانتقالية، وغدا سأرأس آخر مجلس وزراء لي، ويوم الأربعاء سأخضر آخر جلسة في البرلمان ثم سأتوجه للقصر كي اقدم استقالتي وسيكون لدينا رئيس وزراء جديد في هذا المبنى ورائي مساء الأربعاء."
وأعلنت السيدة لديسوم وسط مشهد غير عادي في قلب وستمنستر ومحاطة بالحلفاء انسحابها من السباق بعد وقت قصير من ظهر اليوم، وشرحت " حملة انتخابية تستمر لتسعة أسابيع في هذه اللحظات الحساسة بالنسبة لبلادنا لن تكون جيدة، نحن بحاجة الى رئيس وزراء جددي في أقرب وقت ممكن، وحصلت تيريزا ماي على 60% من دعم الحزب البرلماني، وقالت إنها وضعت خطة مثالية لتنفيذ الانسحاب بأفضل الشروق الممكنة لذلك أرى انه من مصلحة بلادنا تعيين رئيس وزراء قوي ومدعوم جيدا وانا بالتالي انسحب من الانتخابات على رئاسة الحزب وأتمنى لتيريزا ماي كل النجاح وانأ أدعمها بالكامل."
وأعلن غراهام برادي بالتالي تيريزا ماي المشرح الوحيد المتبقي، واجتمع مجلس حزب المحافظين بعد ظهر اليوم لوضع جدول زمني، وتحدث السيد برادي خارج قصر ويستمنستر وقال أن السيدة ماي تحتاج الى تأكيد رسمي على أنها الفائزة على الرغم من انسحاب منافستها.
وقدمت بدورها خطاب في برمنغهام حول خططها المستقبلة بعد أن هرعت الى لندن للاستجابة الى التطورات، ومن المتوقع أن تتحدث علنا بعد تداولات النواب المحافظين في البرلمان، وأثني مدير حملة ماي كريس غريلينغ على قرار السيدة ليدسوم لكونها على استعداد لوضع قيادة البلاد قبل طموحاتها الخاصة واصفا اياها بالموظف العمومي الحقيقي.
وأشار " بالنيابة عن السيدة ماي يشرفني بشكل كبير ان اتعهد بقبولها بهذه المهمة التي أولاها لها الكثير من زملائها في البرلمان، وقد حان الوقت المناسب لتوحيد الحزب والعمل على ضمان مستقبل قوي ومزدهر وناجح لبلدنا."
وأوضحت السيدة ليدسوم في خطابها اليوم " الأعمال تحتاج الى اليقين والي حكومة قوية وموحدة تتحرك بسرعة لتحديد اطارا مستقل للملكة للعمل، ومن الضروري أيضا أن يعرف عمال الاتحاد الأوروبي اليوم والشركات الاوروبية موقفها بعد قرار الانسحاب، انتخب الحزب المحافظ العام الماضي في ظل تجاذبات قوية، لذلك فنحن نحتاج الى رئيس وزراء جديد في أقرب وقت ممكن، رئيس وزراء ملتزم بقيمنا ويمكنه تنفيذ التعليمات الكاملة من الاستفتاء."
وأثارت السيدة ليدسوم غضبا عندما قالت يوم السبت لصحفية التايمز انها تمتلك حصة أكبر في مستقبل بريطانيا لأنها قلقة على مستقبل أطفالها، واعتذرت الليلة الماضية للسيدة ماي التي لا تملك أطفالا عبر رسالة نصية، وقبل اسبوع واحد أصرت ليدسوم انها قررت خوض السباق على الرغم من مخاوفها من ان يؤثر الامر على استرتها.
واضّطر السياسي يوريس جونسون الخروج من السباق بقرار من السيدة ليدسوم ومايكل غوف بالعمل ضده، وقال " ستستطيع تيريزا ماي أن توفر السلطة والقيادة اللازمة لتوحيد حزب المحافظين وقيادة البلاد الى الامام في الأسابيع والأشهر المقبلة، وقرار اندريا كان شجاع ومتمسك بالمبادئ التي تسمح بتسريع العملية، ليس لدي شكل في أن تيريزا ستكون زعيمة حزب ممتازة ورئيسة وزراء وأنا متفائل بتنفيذها لقرار الانسحاب بأفضل طريقة."
وأكَّد, "من الاهمية أن نحترم ارادة الشعب واستغلال الفرص الجيدة لبدلنا في ذات الوقت." وبين المستشار جورج أوزبرون " ان الاقتصاد البريطاني يحتاج الى اليقين لذلك أعتقد من مصلحة الجميع أن يكون منصب رئيس الوزراء غير شاغر في الأيام المقبلة."
وأعلن زعيم حزب المحافظين السابق ايان دنكان سميث عن وجود حملة سوداء ضد ليدسوم مع شائعات بانها متطرفة، وقال أوين باترسون اليوم أن السيدة ليدسوم كانت تحت "الضرب" منذ فوزها بالمكان الثاني في السباق على رئاسة الحزب الأسبوع الماضي.
وأفاد غوف الذي احتل المركز الثالث بفارق بين النواب " تحدثت أندريا ليدسوم بكرامة عظيمة وشجاعة اليوم، أتمنى لها كل النجاح في المستقبل، يجب علينا أن نتحرك بأسرع وقت ممكن لضمان تولي تيريزا ماي لمنصب القائد، ولديها كامل دعمي كرئيسية مقبلة للوزراء."
وصرَّح تيم لوتون الداعم لأندريا ليدسوم في بيان غاضب الأسبوع الماضي " طوال الحملة الانتخابية القصيرة، أوضحنا اننا يجب أن نركز بشكل كبير على الحالة الايجابية لانتخاب اندريا كقائد دون حاجتها لتقويض معارضيها، على الرغم من الهجوم الشخصي عليها من الصحفيين فنحن لم ننحرف عن هدفنا، الزملاء الذين اختاروا العكس وضعوا أهدافهم الخاصة فوق الاحترام مما يدعوا الى الشك في دوافعهم، ومما لا ريب فيه ان مهنة الصحافة ليست أن تدعم السياسيين سواء في هذا السباق أو في غيره", وأضاف " وبالتالي لا ينبغي عليهم أن يحيكوا التكتيكات الماكرة ضد الناس الكريمة التي تهدف الى خدمة حقيقية تكسب بها ثقة الجمهور في السياسة."
وهنأ وزير الظل لحزب العمال جون أشوورت اليوم السيدة ماي على نجاحها، ولكنه أضاف " في نهاية المطاف، المسألة ليست اذا كان يمكنها قيادة حزب المحافظين ولكن قدرتها على أن تكون رئيسة للوزراء وأن تقود الناس العاديين، الناس تريد حكومة تضعهم أولا، وهذا سيكون صعبا على ماي نظرًا لسجلها المليء بالخيارات الخاطئة مثل تخفيض تمويل الشرطة وفقدان 18 ضابطًا لوظائفهم والفوضى في المكاتب", واسترسل " تيريزا ماي عينت اليوم لفشل حكومة حزب المحافظين ولكن الحقيقية انها هي بنفسها طالما كانت جزء من هذه الحكومة على مدى الست سنوات الماضية."
وقال جون تريكت " إنه أمر بالغ الاهمية نظرًا لعدم الاستقرار في البلاد الناجم عن الاستفتاء الاخير، تحتاج البلاد الى رئيس وزراء منتخب بطريقة ديمقراطية، انا أطالب بانتخابات عامة لقد حان الوقت لحزب العمال توحيد وضمان الملايين من الناس في البلاد بعد ان فرقهم حزب المحافظين، وتعديل السياسيات الاقتصادية الفاشلة."
وانتقد زعيم حزب الديمقراطيين الليبرالي تيم فارون السيدة ماي قائلا " بعد 13 شهر من الانتخابات الاخيرة لحزب المحافظين غرقت المملكة في حالة من الفوضى، ليس من المعقول أن تعين تيريزا ماي كرئيسة للوزراء، يجب أن يكون هناك انتخابات مبكرة، ولا يجب السماح لحزب المحافظين بأن يتجاهلوا أصوات الناخبين، فبريطانيا تستحق أفضل منهم."
وردت السيدة ليدسوم " لقد قلت لتيريزا أنني آسفة عن الأذى الذي سببته لها بملاحظتي عن أطفالي وكيف أن المقال قال عكس ما قلته تماما, وكشفت صحيفة نيويورك تايمز رسالة الاعتذار النصية التي ارسلتها ليدسوم لماي، وأن الاخيرة شعرت بالامتنان من هذا الاعتذار, وأصرت ليدسون على أنها لا تريد لأمومتها أن تلعب دروًا في الحملة وأنها تأسف لأي شخص حصل على انطباع مختلف عن رغبتها، وأنها شعرت بتعرضها للهجوم بشدة بعد تعليقها، وادعت أنها تعرضت للضغط للقول بان أطفالها ساهموا في تشكيل وجهة نظرها ولم تكن تريد لهذا التعليق أن يستخدم في الحملة, فيما أوضح حلفائها أن الكثير من الضجة التي أثيرت على تعلقيها كانت جزي من عملية سوداء تهدف لتشويه سمعتها، ويعتبر ديفيد ديفيس مؤيد بارز لماي وقال أن تصريحات ليدسوم تشير إلى أنها تفتقر للخبرة مقارنة بالمهمة التاريخية التي ستناط بها.
وأعطت صحيفة التايمز المقال الذي احتوت تصريحات الأمومة عنوان " كونها أم يعطيها توفيقا على ماي" ونقلت عنها قائلة " ربما تمتلك السيدة ماي بنات وأبناء أخوة ولكني أملك أطفال سيحظون بأطفال سيتأثرون مباشرة فيما سيحدث في المستقبل."
وأثارت تصريحاتها هذه عاصفة من الانتقادات بين نساء حزب المحافظين الكبيرات، وأشارت وزيرة العمل انا سبوري ان ليدسوم لا تصلح أن تكون رئيسة للوزراء، وقالت زعيمة حزب المحافظين الاسكتلندية روث ديفيدسون " انا ليس لديَّ أطفال ولديَّ بنات أخ وبنات أخوة لذلك أعتقد أن لديَّ مصلحة حقيقة في بلادي." اما النائب الان دنكان فكتب " أنا مثلي الجنس ولن يكون لديَّ أطفال وأعتقد أن لديَّ حصة كبير في مستقبل البلاد."
أرسل تعليقك