بغداد ـ نجلاء الطائي
تيقن الشيخ عبد الله إبراهيم، بعد اقتحام مقاتلو "داعش"، القرية العراقية إسكي موصل، أن زوجته في خطر، فبثينة إبراهيم التي كانت مؤيدة قوية لحقوق الإنسان والتي كانت تدير في فترة سابقة مجلس محافظة الموصل، طالبها مقاتلو "داعش" بأن توقع على بطاقة التوبة، وأن تمتثل لحكم التنظيم، مثلها في ذلك مثل جميع ضباط الشرطة والجنود والأفراد الذين يجب عليهم حمل هذه البطاقة في جميع الأوقات.
ووقفت بثينة إبراهيم وحدها في مواجهة تنظيم "داعش" ومن ثم كان إصرارها على عدم الامتثال لحكم التنظيم وقتها سيكلفها كثيرًا، وحاول الشيخ عبد الله إبراهيم إنقاذ زوجته بإرسالها بعيدًا إلى مكان أكثر أمانًا، ومع سماعها خبر وفاة ثلاث من بناتها واثنين من أبنائها، فقد عادت مرة أخرى إلا أنه لم يمر الكثير من الوقت حتى تلقى الشيخ إبراهيم شهادة وفاتها ولا يعرف أي تفاصيل حول مكان تواجد جثتها.
ونجد، عند التطرق للقواعد المعمول بها داخل تنظيم "داعش"، أن هذا التنظيم يغمر فيه الرجال أنفسهم بالمعطر لإخفاء رائحة السجائر المحرمة، إضافة إلى تشغيل سائقو التاكسي أو سائقو السيارات المحطة الإذاعية الخاصة بالتنظيم، حيث أن الاستماع إلى الموسيقى عقوبته التعرض لعشر جلدات، فيما يتوجب على المرأة بأن يتم تغطيتها بالكامل باللون الأسود مع حظر ارتداء الأحذية التي تأتي بكعب، بينما يجب على المتاجر بأن تغلق أبوابها أثناء أوقات الصلاة وعلى جميع من يتواجد في الخارج التوجه لأداء الصلاة.
ويكن الجميع مشاعر الكراهية تجاه هذا التنظيم المتطرف، ولكنهم مستسلمين لليأس ولا يروا أحدًا يقف معهم إذا ما أرادوا الانتفاض للوضع الجاري بحسب ما أدلى أحد النشطاء السوريين البالغ من العمر 28 عامًا، والذي رفض الإفصاح عن اسمه الحقيقي مفضلاً مناداته باسم عدنان، خشية تعرض أسرته لأي مكروه في ظل استمرارهم العيش تحت مظلة القوانين التي تفرضها "داعش"، وهو الآن يتواجد في بلدة غازي عنتاب الواقعة على الحدود مع تركيا.
وأشار عدنان إلى ارتكاب "داعش" لانتهاكات عديدة، ومنها علي سبيل المثال تحويل ملعب لكرة القدم إلى سجن ومكان لإجراء استجوابات، كما جعلت من الميدان الواقع بوسط البلد موقعًا لتنفيذ الإعدام الذي وصفه بميدان الجحيم، حيث شاهد بنفسه جثث الرجال وهي تتدلى لأيام حتى تكون عظة للجميع.
وأجرت "أسوشيتد برس" لقاءات مع أكثر من 20 عراقيًا وسوريًا، وقد سافر واحد من فريق وكالة الأنباء إلى إسكي موصل، وهي القرية الواقعة على ضفاف نهر دجلة شمال الموصل، والتي عانت لسبعة أشهر من حكم "داعش"، وخرج سكان القرية بعدما قام المقاتلين الأكراد بإخراج هؤلاء المتطرفين في كانون الثاني/يناير، في الوقت الذي يبقي فيه التنظيم المتطرف على بعد أميال قليلة بحيث يمكن رؤية ألسنة الدخان المتصاعدة نتيجة أعمال القتال الدائرة.
وسافر أحد الأعضاء الآخرين ضمن وكالة "الأسوشيتد برس" إلى البلدان الواقعة على الحدود مع تركيا، حيث غازي عنتاب وسانليورفا، والتي تعد ملاجئًا للسوريين الذين فروا من اعتداءات "داعش"، وقد حصل أعضاء الفريق على بعض الوثائق التي ينتجها "داعش" من بطاقات للتوبة وكذلك قوائم جرد الأسلحة التي حصل عليها المقاتلين المحليين، إضافة إلى منشورات تتعلق بقواعد خاصة بملابس المرأة ونماذج طلب السفر خارج الأراضي التي يسيطر عليه التنظيم، وجاءت جميع الوثائق والنماذج تحمل شعار "داعش" الخلافة على طريقة النبي محمد صلي الله عليه وسلم عبر اللافتة السوداء.
أرسل تعليقك