دبي - جمال أبو سمرا
صرح رئيس المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان المستشار منصور لوتاه في رده على تقرير هيومن رايتس ووتش لعام 2014 والذي أصدرته المنظمة بتاريخ 29 كانون الثاني/ يناير 2015 تحت عنوان (الحقوق ليست خطأ في أوقات الاضطرابات)، لاسيما الجزء الخاص بدولة الإمارات العربية المتحدة، والذي قامت المنظمة بنشره بتاريخ 23 كانون الثاني/ يناير تحت عنوان (اعتداءات على المعارضة وحرية التعبير) زاعمة أنه صادر من دبي بحسب ما أشارت إليه بموقعها بذات التاريخ، ثم إعادة نشره من بيروت بحسب ما ذكرته في موقعها بتاريخ 29 كانون الثاني/ يناير تحت عنوان (القمع على كافة الجبهات)، في تدارك منها للتدليس الذي أرادت أن توهم المتابعين له، وهو ما يشير بوضوح بحسب تصريح لوتاه إلى أن هناك استهدافاً واضحاً من قبل المنظمة لدولة الإمارات .
أشار لوتاه إلى أن هذا الاستهداف له دوافعه وأسبابه لدى المنظمة، وهي مع الأسف الشديد أسباب ودوافع ذاتية بعيدة كل البعد عن القيم الإنسانية السامية التي أسسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكرستها الشرعية الدولية للحقوق والحريات، والذي مثل تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش لهذا العام تحديدا خروجا صارخاً عنها بما تضمنه من ادعاءات وما امتلئ به من نواقض ومتناقضات توضح الغايات والمسوغات التي أفرغت التقرير من قيمته واعتباريته الحقوقية وأثرت كثيراً على اعتماديته ومصداقيته لاسيما في بعض الجوانب التي تعاطى معها التقرير بشكل فاضح ومخجل وغير مبرر، دون أي تقدير أو احترام للوعي العام أو وقوفا عند حدود النزاهة والعدالة والمصداقية .
وأشار لوتاه في معرض رده على تقرير المنظمة قائلاً، إن التقرير قد تعرض لعدد من القضايا في جزئه الخاص بدولة الإمارات العربية المتحدة، وهي قضايا تمت مناقشتها كثيراً وتوضيحها في العديد من المحافل الحقوقية والتقارير المتخصصة، لاسيما التقرير الرسمي للدولة وتقارير الظل التي قدمت إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان وغيرها من التقارير الحقوقية المتخصصة والتي تم نشرها عبر مختلف وسائل النشر، مؤكداً في هذا الصدد بأن عدداً من القضايا هي محل الاهتمام والقلق المشترك من قبل العديد من المنظمات الحقوقية، حيث استعرض في رده على تقرير المنظمة هذه القضايا مفندا ما ذهبت إليه المنظمة في تقريرها المسيء والفاقد للمصداقية والنزاهة . حيث استعرض هذه القضايا على النحو التالي بحسب ما أوردته المنظمة في تقريرها .
1- الاعتقال التعسفي: أشارت المنظمة في تقريرها إلى قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بممارسة الاعتقال التعسفي، والذي يمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان نوليه نحن في المنظمة الدولية الخليجية بالغ الأهمية، وعززت منظمة هيومن رايتس ووتش مزاعمها للإمارات بارتكاب هذه الجريمة الإنسانية عبر إشارتها إلى عدد من الأقوال المرسلة المتعلقة ببعض حالات الاعتقال القائمة على أسس واتهامات جنائية وليست سياسية أو تلك المرتبطة بممارسة الحقوق والحريات، ولا يخفى على المنظمة أن مثل تلك الاتهامات يجب أن تقوم على أسس ودلائل ثابتة ومعتمدة تؤكد وبوضوح ارتكاب هذه الجريمة الإنسانية قبل أن تقوم بتوجيه وإلقاء تهمها جزافاً دون دلائل حقيقية أو براهين مؤكدة، وهي أمور معروفة لجميع المنظمات الحقوقية لاسيما المنظمات الدولية التي تعد هيومن رايتس ووتش واحدة منها . مع الإشارة في هذا الصدد بأننا في المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان قد أولينا هذه القضايا جل اهتمامنا، وقمنا ببحثها مع العديد من الجهات الرسمية بالدولة بغية التعرف على أي من الحالات إن وجدت والعمل على معالجتها .
2- التعذيب: وهي تهمة قامت منظمة هيومن رايتس ووتش بتوجيهها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة جاعلة الأمر على النحو الذي يصور ممارسة تلك الانتهاكات بشكل ممنهج، وهو أمر غير صحيح ولا يمكن للمنظمة أو لغيرها من المنظمات إثباته كسياسة ممنهجة ومتبعة بالدولة، رغم صعوبة نفي وجود تلك الممارسات المعبرة عن ممارسة فردية أو افتقار إلى التدريب والتأهيل المتخصص لرجال حفظ وتطبيق وإنفاذ القانون والنظام، وهو الأمر الذي أولته المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان أهمية كبرى في العمل على ضمان عدم ارتكاب أي من الانتهاكات المتعلقة بالتعذيب أو بأي نوع من أنواع المعاملة القاسية أو المحطة للكرامة، وعملنا طويلا مع العديد من الأجهزة الحكومية المختصة لتطوير الآليات والمعايير لضمان عدم ارتكاب مثل تلك الانتهاكات، ولتفعيل آليات المحاسبة وتحقيق العدالة في حال ثبوت ارتكاب هذه الانتهاكات من قبل أي فرد .
3- حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع: وقد أسست منظمة هيومن رايتس ووتش اتهاماتها لدولة الإمارات المتعلقة بمصادرة حرية الرأي والتعبير على قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر في العام ،2014 وهو قانون يمثل إطاراً تشريعياً للتعاطي مع التهديدات الإرهابية أو يسمح بالتعاطي مع الجماعات المتطرفة على النحو الذي يعزز الأمن والسلام والاستقرار، وهي إجراءات استثنائية استدعتها المستجدات الأخيرة بالمنطقة، وما تعرضت له العديد من البلدان العربية والأوروبية والآسيوية، من تهديدات متطرفة قوضت أمنها واستقرارها وأسهمت في ارتكاب العديد من الانتهاكات الجسيمة . ونشير في هذا الصدد إلى ما ذكرته منظمة هيومن رايتس ووتش من إشادة بمعدل احترام حرية الرأي والتعبير خلال مؤتمرها الأخير الذي أقامته بالإمارات في كانون الثاني/ يناير ،2014 من خلال السماح للمنظمة بإقامة مؤتمرها السنوي بالإمارات وهو الأمر الذي لا تسمح به الكثير من الدول القمعية، وهي إشارة من المنظمة تدحض ادعاءاتها بشأن الإمارات، فيما تعتبر حرية التجمع مكفولة بحسب الضوابط الإدارية والتنظيمية التي تنظم وتؤطر هذه الممارسة وفقا للقانون .
كما أشار لوتاه في هذا الشأن إلى أن حرية تكوين الجمعيات مكفولة ومؤكدة بضوابطها القانونية، ولعل أفضل رد على هذا الاتهام هو وجود أضخم وأكبر وأوسع مجتمع مدني فاعل على أرض الدولة، يمثل جميع أطياف التوجهات الفكرية والدينية والسياسية والحقوقية . أما فيما يتعلق بقانون الجرائم الإلكترونية والذي زعمت هيومن رايتس ووتش بأنه يستخدم لملاحقة النشطاء، فإن هذا الاتهام من المنظمة عار عن الصحة ويبرز حجم التجني الذي تمارسه المنظمة في استخدام تقاريرها بشكل ابتزازي، حيث إن غالبية الدول المتقدمة قد استحدثت القوانين الخاصة بتنظيم استخدام الإنترنت ووضع التشريعات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية، ويتم محاسبة المتورطين في أعمال تتعلق بالجرائم الإلكترونية استنادا إلى أعمال مجرمة قانونياً .
4- العمال والوافدون والعمالة المنزلية: حيث اتهمت المنظمة الإمارات بإساءة معاملة العمال والوافدين لاسيما العمالة المنزلية، واصفةً ذلك بأنه بمثابة العبودية أو العمل القسري أو الإتجار بالبشر، وهي اتهامات باطلة بحسب تصريح لوتاه، حيث إن المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان تولي هذه العملية اهتماما كبيرا جدا وقد أجرت العديد من الدراسات والتقارير المتعلقة بالعمالة الأجنبية بالإمارات، والتي أظهرت العديد منها قصورا في معالجة هذه القضية بشكل جذري، ويعود ذلك إلى ارتباط هذه القضية بالأطراف الفاعلة والمسؤولة عن معالجة الانتهاكات التي يتعرض لها العاملون والوافدون، حيث إن الانتهاكات تكون في الأساس بالبلد المصدر وان الكثير من المعاناة والانتهاكات التي يواجهها ويتعرض لها العاملون والوافدون إنما تكون امتدادا لسياسات وإجراءات مورست ضدهم قبل أو أثناء نقلهم لجهة عملهم، مع تأكيدنا على ضرورة وضع مبادرة شاملة لجميع أطراف المصلحة لمناقشة القضية ومعالجتها على النحو الذي ينهي هذه المعاناة .
5- التمييز ضد المرأة: حيث اتهمت المنظمة الإمارات في تقريرها بممارسة التمييز ضد المرأة، مشيرا إلى قانون الأحوال الشخصية الذي يسمح بالتمييز ضد المرأة وبممارسة العنف وانتهاك الحقوق ضدها، وهي دعاوى تبرز وبشكل واضح جدا مدى الاستهداف الذي تقوم به منظمة هيومن رايتس ووتش للدولة، الذي وصل في بعض حالاته إلى درجة الابتذال، حيث إن جميع التقارير الدولية تؤكد وبشكل قاطع أن المرأة الإماراتية تعيش واحدة من أفضل أوضاع المرأة عالمياً
وانطلاقاً من ذلك قال المستشار لوتاه في رده على تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، فإنه يتضح المستوى الذي نزلت إليه المنظمة في سبيل النيل من دولة الإمارات والتقليل من إنجازاتها الحقوقية، وهي السياسة التي تمارسها المنظمة منذ فترة وفق أجندات دأبت على ممارستها ضد العديد من الدول كسبيلً لابتزازها للخضوع لأجنداتها أو الرضوخ لمطالبها، فما أوردته المنظمة في تقريرها لا يعدو عن كونه قضايا هي محل اهتمامنا في المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان وهي كذلك محل اهتمام الدولة التي هي شريك أساسي في تطوير منظومتنا الحقوقية بالدولة، ومعنا العديد من المنظمات والجمعيات والمؤسسات الوطنية التي نتشارك معها الجهد والعمل في سبيل تحقيق مستويات أفضل لواقع حقوق الإنسان، وتطوير التشريعات والممارسات المحلية بما يجعلها أكثر مواءمة وتطابقا مع التشريعات الدولية .
أرسل تعليقك