يشارك نحو 150 من قادة العالم من بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما، والصيني شي جينبينغ، ورئيس وزراء الهند نارندرا مودي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في افتتاح قمة المناخ في العاصمة الفرنسية باريس، التي من المقرر أن يتم خلالها التوصل إلى أول معاهدة عالمية حقيقية بشأن المناخ.
وخرج آلاف المتظاهرين في أنحاء مختلفة من العالم المطالبة باتفاق دولي ملزم يحول دون كارثة مناخية تهدد الوجود البشري على كوكب الأرض ويمنع ارتفاع الحرارة عن درجتين مئويتين.
وتهدف المعاهدة المرجوة إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بمعدل درجتين مئويتين أو اقل فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية وذلك عن طريق الحد من انبعاثات الكربون التي تلقى عليها مسؤولية التغير المناخي.
وفي حال فشل القادة في التوصل إلى مثل هذه المعاهدة، فإن العلماء يحذرون من أن العالم سيصبح غير صالح للحياة البشرية، وسيشهد عواصف شديدة، وجفافا وارتفاع منسوب مياه البحر لتغرق مساحات واسعة من اليابسة.
وعشية احتجاجات السبت، حذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الذي سيستضيف المؤتمر الذي يستمر من 30 تشرين الثاني/ نوفمبر إلى 11 كانون الأول/ ديسمبر، من العوائق التي تقف أمام سعي الدول ال195 في وضع حدود جديدة على انبعاثات الغاز المتسبب في الاحتباس الحراري ابتداء من عام 2020.
وأوضح هولاند، أن "الإنسان هو أسوأ عدو للإنسان، ونستطيع أن نرى ذلك مع الإرهاب"، وجاءت تصريحاته بعدما ترأس مراسم في باريس لتكريم ضحايا اعتداءات 13 تشرين الثاني التي نشرت الرعب في العاصمة الفرنسية.
وأضاف: "لكننا نستطيع أن نقول الشيء ذاته فيما يتعلق بالمناخ. البشر يدمرون الطبيعة ويلحقون الضرر بالبيئة، ولذلك فعلى البشر تحمل مسؤولياتهم من أجل خير الأجيال المستقبلية"، داعيا إلى التوصل إلى "اتفاق عالمي ملزم طموح"، معربًا عن مخاوف من أن عددا من الدول التي لم يسمها قد تحول دون التوصل إلى توافق إذا شعرت بأن الاتفاق يفتقر إلى الضمانات لتنفيذه.
وتوجد الكثير من العوائق أمام مؤتمر باريس ومن بينها تمويل الدول المعرضة لتأثيرات التغير المناخي، ومراقبة خفض انبعاثات الغاز، وحتى الوضع القانوني للمعاهدة، وفشلت المحاولة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق عالمي أثناء قمة كوبنهاغن 2009، بسبب خلافات بين الدول الفقيرة والدول الغنية.
وصرَّح وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس: "يجب أن نبذل قصارى جهدنا لتجنب الفشل في التوصل إلى اتفاق بسبب اختلاف المبادئ بشكل يحول دون التوصل إلى توافق. ولكن وفي تطور ايجابي تم الكشف الجمعة عن مساعدات بيئية بمليارات الدولارات".
وفي اوتاوا أعلنت الحكومة الكندية عن تمويل بقيمة 2,65 مليار دولار كندي (1,87 مليار يورو) خلال الأعوام الخمسة المقبلة، بينما وافقت دول الكومنولث ال53 على إنشاء "آلية تسهيل تمويل اخضر" بمليارات الدولارات لمشاريع التنمية.
ويقول منظمو الاحتجاجات أنهم يتوقعون مشاركة مئات الآلاف في تظاهرات ستجري في جوهانسبرغ وادنبره وسيول وريو دي جانيرو ونيويورك ومكسيكو سيتي، وفي باريس ألغت السلطات الفرنسية تظاهرتين عقب اعتداءات باريس التي أدت إلى مقتل 130 شخصا في 13 تشرين الثاني.
ووضعت السلطات الفرنسية 24 من نشطاء المناخ قيد الإقامة الجبرية بموجب حالة الطوارئ التي أعلنت عقب اعتداءات باريس.
ويعتزم الناشطون تشكيل سلسلة بشرية على مسافة كيلومترين على طول خط المسيرة الأصلي الأحد، وسيكسرون السلسلة أثناء مرورهم في قاعة باتكلان للاحتفالات التي شهدت احد الاعتداءات الدامية في 13 تشرين الثاني وقتل فيها 90 شخصا، تكريما لضحايا الاعتداء.
ويعتزم المحتجون ترك عشرات الأحذية عند ساحة الجمهورية رمزا للآلاف الذي يشعرون بالإحباط لعدم قدرتهم على تنظيم مسيرة. وسيتم وضع حذاء نيابة عن البابا فرنسيس الذي اصدر منشورا بابويا في وقت سابق حول خطر الاحتباس الحراري.
وفي أنحاء العالم أعلن المحتجون تضامنهم مع نشطاء باريس غير القادرين على المشاركة في مسيرة وذلك من خلال حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي مؤشر على أهمية المحادثات التي ستجري في المؤتمر، تم تقديم مفاوضات المناخ التي يجريها البيروقراطيون، إلى يوم الأحد عشية الافتتاح الرسمي.
وسيشارك في مؤتمر باريس نحو 40 ألف شخص من بينهم 10 آلاف مشارك من 195 بلدا إضافة إلى صحافيين ومراقبين وعلماء وجهات عرض وزوار. وسيتم نشر نحو 2800 من عناصر الشرطة والجيش لتامين موقع المؤتمر، كما سيتم نشر 6300 اخرين في إرجاء باريس.
وقال وزير الداخلية برنارد كازنوف إنه تم منع نحو ألف شخص يعتقد أنهم يمثلون خطرا امنيا من دخول فرنسا منذ تعزيز الضوابط على الحدود قبل محادثات المناخ.
ودعا أوباما قادة العالم إلى أن لا يسمحوا لسلسلة الهجمات التي شنها متطرفون مؤخرا في دول مختلفة من العالم، بتثبيطهم عن المشاركة في مؤتمر باريس الذي من المرجح أن تدخل مسالة الأمن العالمي على أجندة أعماله.
وهذا الأسبوع ذكرت وكالة المناخ في الأمم المتحدة أن معدل ارتفاع درجة حرارة العالم خلال عام 2015 ستصل إلى درجة مئوية واحدة، ويقول محللون انه حتى إذا التزم عدد من الدول التي تقدمت طوعا بتعهدات بخفض انبعاثات الكربون لدعم التوصل إلى اتفاق في باريس، فان درجة حرارة الأرض متجهة إلى الارتفاع بمعدل 3 درجات مئوية.
أرسل تعليقك