لندن ـ كارين إليان
توفيت المهندسة المعمارية الشهيرة في العالم "زها حديد"، عن عمرٍ يناهز الخامسة والستين عامًا، إثر إصابتها بنوبة قلبية مفاجئة، حينما كانت تتلقى العلاج داخل أحد مستشفيات ولاية ميامي من التهاب رئوي حاد، ومن بين أشهر أعمالها مركز الرياضات الأولمبية المائية في لندن، وملعب كرة القدم القطري المخصَّص لاستضافة مباريات بطولة كأس العالم 2022.
وعهد إلى حديد تصميم البنايات في مختلف أنحاء العالم، وكانت أول امرأة تتسلم الميدالية الذهبية من المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين، وفي بيانٍ مطول صادر عن شركتها، نعى ببالغ الحزن رحيلها.
وعانت المهندسة المعمارية الشهيرة من التهاب رئوي هذا الأسبوع، وأصيبت بنوبة قلبية خلال تلقيها العلاج في المستشفى، وقد اعتبرت المهندسة المعمارية الأعظم في العالم حتى اليوم، وتسبب خبر وفاتها في صدمة كبيرة لريتشارد روغرز الذي تتضمن أعماله الهندسية مركز بومبيدو وقبة الألفية، وقد تحدث من المكسيك قائلاً إنها كانت مهندسة معمارية عظيمة وامرأة جميلة فضلاً عن تمتعها بشخصية رائعة، بحيث استطاعت فرض نفسها في المجال وكانت أول امرأة تفوز بجائزة بريتزكر.
وأضاف اللورد روغرز أنه اشترك معها في كارديف عندما أبعدتها الحكومة عن المشروع بطريقة أكثر من مشينة، وكان عليها أن تكافح في كل شبر من طريقها، مؤكداً أن رحيلها يمثل خسارة كبيرة، أما رئيس المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين، فقد ذكر أن حديد كانت امرأة ملهمة، ومهندسة معمارية يحلم الجميع بأن يحذو حذوها، لما كانت تتمتع به من خبرة كبيرة على الرغم من صغر سنها، وأنها استطاعت ترك مجموعة رائعة ومذهلة من الأعمال لبنايات وأثاث وأحذية وسيارات أثرت بها العالم.
وكشف المهندس المعماري دانيال ليبسكيند عن أن رحيل زها حديد كان مؤلماً، مؤكداً أنها ستبقى بأعمالها التي قدمتها، كما أعربت أماندا ليفيت الفائزة بجائزة ستيرلينغ عن أن حديد كانت مصدر إلهام وتركت إرث سيستمر الشعور به لأعوام عدة، حيث استطاعت تحويل ثقافة التصميم المعماري والطريقة التي ننظر بها في تصميم البنايات، وأضافت ليفيت أن ابنها حينما كان لا يزال صغيراً، فقد كشفت له زها كيفية كتابة اسمه باللغة العربية، ما جعلها تلاحظ أصل لغتها المعمارية الرائعة، فقد كانت رائدة وتمثل قدوة غير عادية بالنسبة إلى المرأة، فضلاً عن أنها لم تعرف الخوف وتمتعت بشهرة كبيرة على الرغم من أنه أحياناً كان يساء فهمها.
ونشر وزير الثقافة البريطاني، إيد فايزي، تغريدة عبر موقع التواصل "تويتر" قال فيها إنه كان مصدوماً من أنباء رحيل زها حديد، مشيداً بمساهماتها الكبيرة في العمارة المعاصرة، بينما أعرب عمدة لندن عبر "تويتر" عن بالغ حزنه في أعقاب سماعه نبأ وفاة زها حديد التي كانت مصدر إلهام وأعمالها في ستراتفورد وحول العالم تخلد ذكراها، كما أكد المهندس غراهام موريسون أن زها حديد كانت فريدة ولا يوجد أحد آخر مثلها.
وولدت حديد في العاصمة العراقية بغداد العام 1950، وباتت واحدة من القوى الثورية في مجال العمارة البريطانية حتى وإن كانت قد كافحت لكسب العمولات في بريطانيا لأعوام عدة، ووصفت الحكومة العراقية وفاتها بالخسارة التي يصعب تعويضها للعراق والمجتمع الدولي، وقد درست الرياضيات في الجامعة الأميركية في بيروت، قبيل بدء مسيرتها المعمارية والالتحاق بالجمعية المعمارية في لندن.
وبحلول العام 1979 أسست عملها الخاص في لندن للتصاميم الهندسية، ونالت سمعة في جميع أنحاء العالم عن أعمالها التي أبهررت بها الجميع، بما فيها منتجع القمة في هونغ كونغ العام 1983 وكوفورستندام 70 في برلين العام 1986 إضافةً إلى دار أوبرا خليج كارديف في ويلز العام 1994، وكان أول تصاميمها الرئيسية التي حازت خلاله على الاعتراف الدولي محطة إطفاء فيترا في فايل ام رين الألمانية العام 1993، إلا أن مخططها لبناء دار أوبرا كارديف قد تم إلغاؤه خلال فترة التسعينيات، ولم تشارك في أعمال هندسية لبنايات رئيسية في بريطانيـا حين تم الانتهاء من متحف ريفرسايد للنقل في غلاسكو العام 2011.
وتضمنت المشاريع الأخرى البارزة ماكسي وهو المتحف الوطني الإيطالي لفنون القرن الحادي والعشرين في روما العام 2009، وكذلك مركز الرياضات المائية في لندن والذي تم الانتهاء منه العام 2011 من أجل استقبال دورة الألعاب الأولمبية العام 2012، إضافةً إلى مركز حيدر علييف في باكو العام 2013 وملعب كرة القدم في قطر لاستضافة مباريات بطولة كأس العالم 2022، ونالت الإشادة على البنايات مثل مركز روزنتال للفن المعاصر في سينسيناتي العام 2003، ودار أوبرا غوانغجو في الصين العام 2010 كنقلة نوعية في الهندسة المعمارية المستقبلية.
وأصبحت زها حديد أول سيدة تحصل على جائزة بريتزكر في الهندسة المعمارية العام 2004 وتفوز مرتين بجائزة ستيرلنغ المرموقة للعمارة في بريطانيا، كما حازت على جوائز أخرى من فرنسـا واليابان، فضلاً عن الإشادة بها في إسكتلندا لتصميم متحف ريفرسايد في غلاسكو، والذي يشتهر بالسقف المميز.
وذكرت زها حديد في شباط / فبراير الماضي أنها لا تولي اهتماماً بالحديث عن كونها رائدة في مجال الإنشاءات، مشيرةً إلى أنها تقوم فقط بعمل ما تؤيده من وجهة نظرها، في ما وصفتها المدير السابق للمعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين، أنجيلا برادي، بأنها من أعظم المهندسين المعماريين في عصرنا الحالي، معربة عن بالغ حزنها لفقدان نموذج يحتذى به للمرأة في الهندسة المعمارية.
أرسل تعليقك