دمشق - نور خوام
تدعم إيران الحكم السوري من مقر سري في دمشق يدعى "الصوبة الزجاجية". وتقود جيشًا سريًا ضخمًا لدعم بشار الأسد، وفقًا لتسريبات استخبارتية أرسلها نشطاء الى موقع "ميل أونلاين".
وكشف "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية"، أن المرشد الأعلى للدولة أنفق مليارات في التجهيزات الموجهة لدعم حليفه في سورية بشار الأسد في السنوات الخمس الماضية، ويقود عمليات من أرض المعركة من بناية تبلغ 5 طوابق بالقرب من مطار دمشق، ويوجد في المقر الإيراني الذي تلعب من خلاله إيران بجانب روسيا دورًا حيويًا لدعم الأسد، أجهزة استخبارتية وأجهزة مواجهة للأجهزة الاستخبارتية، كما تحتوي على خزائن مليئة بملايين الدولارات النقدية الآتية من طهران.
وهذه المعلومات ضمها ملف تقارير ويبدو سربه مصدر رفيع المستوى داخل الحرس الثوري الإيراني، وجمعه النشطاء المعارضون للنظام الإيراني. وأثار هذه الملف، الذي لم يتم التمكن من توثيقه بشكل مستقل، ولكن خبراء استخباراتيين وصفوه بانه "حقيقي"، الإدعاءات بأن إيران تدير أكبر قوة تحارب في سورية، ولديها قواعد عسكرية في الدولة المنقسمة، فضلًا عن حشدها أموالًا أكبر بكثير مما كان يثير الخوف، دعما للرئيس السوري.
وإذا صحت معلومات النشطاء، فهذا سيعني أن النظام الإيراني الأصولي ووكلاءه الشيعة في الحرب أكثر قوة مما قدر. فقد قدر محللون غربيون إجمالي القوات الشيعية التي تقودها إيران بحوالي 16,000. فيما يقول المعارضون إن إيران تقود قوات قوامها 60 ألف شيعي، أي أكثر من القوات البريطانية في غزو العراق في 2003 بـ15 ألف، بينما خفض الاسد قواته إلى 50 ألف فقط.
وأضاف النشطاء المعارضون أن "حزب الله" اللبناني يقود كتيبة مستقلة قوامها 10 آلاف، ولكنها تعمل بالتنسيق مع إيران. والمجلس الوطني للمقاومة حركة إيرانية معارضة تعمل في المنفى من أجل إسقاط النظام الشيعي في طهران. ولقد سربت معلومات استخباراتية في الماضي عن النظام، ولكن لم يثبت صحتها كلها. وأثار المجلس في العام 2002 وجود منشأت نووية سرية في "ناتانز" و"آراك"، بوسط إيران، ما جعل الدول الغربية أكثر حرصًا في مفاوضتها مع إيران.
والتلميح بأن إيران تملك جنود كثيرين في أرض المعركة، 16 ألف جندي غيراني يقودون 45 ألف من المرتزقة الشيعة من العراق وأفغانستان وباكستان ولبنان وفلسطين ومن الأقلية الأفغانية البلوش، يسبب قلقًا في المنطقة وللغرب الذي رفع العقوبات عن النظام بعد التوقيع على الاتفاق النووي المثير للجدل.
وقال كمال علام، المحلل في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن المعلومات الاستخبراتية المسربة "معقولة للغاية"، مضيفًا: "لقد زرت سوريا ومواقع الحروب بها، ولقد شاهدت كيف يحاول الإيرانيون أن يجعلوا من عملياتهم سرية قدر الإمكان. فقواتهم تميل نحو استخدام العربية دون الفارسية عند التحدث في الأماكن العلنية، ولا يرتدون الزي الرسمي الإيراني، ما يجعل من الصعوبة بمكان للمراقبين معرفة عددهم".
وأضاف علام أن المحللين مجبرون على وضع تقديرات متحفظة للقوات، لأن طهران، التي تخشى من إحداث قلق في الداخل والخارج، لا تصدر أرقام ذات موثوقية. كما أن بشار الأسد الذي يحكم بنظام حكم علماني، يقلل من الدعم الإيراني له لتجنب إحداث انطباع أنه دمية في يد النظام الإسلامي الإيراني.
وقال محمد علي، عضو مجلس المقاومة الايرانية، أن المبنى المكون من 180 غرفة يوجد بالقرب من المطار ليكون من السهل للقيادات الجيش الإيراني تلقي الإمدادات من القوات والأموال والمعدات، وللهرب حال سقوط دمشف.
ويحيط بالمبنى جدران مربعة مضادة للرصاص، ويقوم عليه حراسة مشددة ، ويعمل به حوالي 1,000 شخص، وفقا لمجلس المقاومة ، ويخضع الجميع للفحص الأمني. ويوجد بالداخل عدد من الأقسام، تضم القيادة المواجهة للاستخبارات وقيادة الدعم اللوجيستي وقيادة الدعاية وقيادة القوات الأجنبية المرتزقة. ويقع جهاز الاستخبارات الإيرانية، المسؤول عن هذه القاعدة العسكرية، في أخر طابقين.
ويقال إن المبنى فيه غرف للصلاة ومستشفى صغير يضم 20 سريرا للمصابين من المسؤولين، وأماكن لحفظ ملايين الدولارات، وتوجد، وفقا لما يشاع، في الطابق الأسفل. ووفقا للمعلومات المرسلة، فإن طهران أنفقت 100 مليار دولار في الصراع منذ 2011، تشمل المعدات المادية ودعم النظام السوري.
وهذا الرقم أدهش المحللين الغربيين الذين قدروا فاتورة الحرب فقط بـ15 مليار دولار أنفقتهم إيران في الحرب في سوريا. كما تابعت المعارضة الإيرانية معلوماتها، مؤكدة أن ملايين الدولارات ترسل عادة عبر المطار الإيراني للمقر الذي يسمى "البيت الزجاجي". وتخزن هذه الأموال في الطابق الأسفل، وهي تحت إشراف رئيس قسم الدعم اللوجيستي الجنرال سيد رازي موزافي، القائد الأسبق لقوات القدس الخاصة في سورية، وتستخدم هذه الأموال في الأساس لدفع رواتب المقاتلين.
ويأتي هذا بعد الخطوة غير الاعتيادية التي اتخذتها إيران بالسماح لروسيا باستخدام قواعدها الجوية، ما يدل على الدور المتنامي لها في الحرب، ويأتي هذا أيضا بعد الأخبار التي تم تداولها بشأن تطبيق إيران لنظام صواريخ الدفاع الروسية من الطارز أس 300 أرض جو في مبنى تخصيب اليورانيوم في فوردو شمال شرقي إيران.
وقال الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية في المعهد الملكي أنيش بازيري تبريزي إن هناك صعوبة في معرفة الأعداد، لأن إيران تفرض حالة من السرية حول هذا، "وهذا ما نجتهد في الوصول له عبر أبحاثنا"، مضيفًا: "أنه ليس سرًا أن إيران لها تواجد على الأرض لا يتعلق فقط بالمستشارين. وهذا البيانات تقوي من شكوكنا بشأن تدخل إيران في سوريا، ولكنه يأخذنا إلى أبعد من قضية الأعداد. فهو يقوي من رؤيتنا أن إيران من غير المرجح أن تسحب قواتها من أرض المعركة بدون أن يحدث هذا تحول في موازين القوى، بسبب الاستثمار الإيراني السياسي والمالي والعسكري في سورية".
وقالت المتحدثة باسم المجلس الخارجي: "الدور الإيراني في ضرب الاستقرار في الشرق الأوسط، وما يشتمل عليه من الدعم المستمر للؤكلاء في الحرب، ولنظام الأسد، وللنشطاء في قوات القدس، يظل مصدرًا لإثارة القلق".
ويقول النشطاء إن طهران لها قواعد عسكرية في 18 موقعا من الشمال إلى الجنوب في سورية، تبين كيف تعتزم إيران السيطرة على مساحة واسعة من البلاد، حتى إذا هزم الأسد، موضحين أن المخططين العسكرين الذين يعملون تحت العميد محمد جعفر اسدي، القائد الاعلى للقوات في سوريا المعين حديثا، قسموا سورية إلى خمس مناطق: الجبهة الشمالية والشرقية والجنوبية والأمامية المركزية والأمامية الساحلية.
وفي كل قطاع تقع قواعد الحرس الثوري تتسع 6,000 جندي، بجانب الأسلحة الثقيلة والقوات الجوية والصواريخ المضادة للطائرات. ويقول الخبراء إن طهران عازمة على حماية والدفاع عن خطوط إمدادها لحليفها حزب الله في جنوبي لبنان، وتوسيع لخارج هذه المنطقة الأساسية.
وقال مصدرنا لـ"ميل أونلاين": "لقد جعلت إيران لنفسها مكانا في سوريا سواء بقى الأسد أو سقط. إيران في أفضل موقع للسيطرة مهما جرت الأحداث". وجاء في الملف أن هذا هو حجم تدخل إيران في الحرب السورية التي يدفع ضريبها محليا. ففي العام الماضي كان هناك 5 آلاف إيراني في سوريا، واليوم العدد وصل إلى 16 ألف.
وقالت مصادر أمنية إن هناك قلق متنامي داخل غيران بسبب مستويات الخسائر المستمرة، بينما تعرض إيران الحرب على أنها حرب في الخطوط الأمامية ضد الإرهاب، التي لا تواجه فقط في الخارج، بل يمتد تهديده إلى الداخل.
ووفقا للتبريزي، فإن التواجد الإيراني الكثيف سيزيد من خطر التصعيد إقليميا، قائلا: "دول الخليج خائفة بالفعل من تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة. وهذا قد يعجل بتقديم دعمها للمتمردين، أو حتى للتفكير بنشر قوات برية في سورية".
وأضاف نشطاء المعارضة، إن دور ايران يذهب لما هو أبعد من هذا، فقد تدخلت إيران في طلب لروسيا لتخصيص موارد كبيرة لدعم الأسد في 2015، وقامت بهذا في أغسطس/آب من هذا العام بعد الخسائر الكبيرة في حلب وأدلب ودرعا، ما جعل سقوط الأسد يبدو في الأفق.
وخلال لقاء سري بين إيران وموسكو العام في يوليو/تموز الماضي، طلب قاسم سليماني، فيما يبدو، دعمًا عسكريًا روسيًا أكبر وشحنة ضخمة من الأسلحة، تشتمل على طائرات ميغ، وسوخوي وأنتوف وطائرات هليكوبتر "كاموف ميل"، ودبابات "تي 90". ووفقا لمصادر من الحرس الثوري الإيراني نقلها مجلس المقاومة فإن الصفقة تمت بعد أن دفعت إيران 3 مليار دولار لتغطية التكاليف التي بلغت 10 مليار.
وقال مصدر لـ"ديلي ميل" إننا "نتحدث عن وجود منسجم ومخطط له وجرئ، فهم يفكرون بوضوح وحكمة، ويدشنون جذور عميقة من القوى في مناطق ذات أهمية إستراتيجية. فالإيرانيون أساتذة في التدخل في الأحداث السياسية الخارجية. وهو بالضبط ما يخيف الكثيرين. أنها أكبر من الكابوس".
وقالت المتحدثة باسم المكتب الأجنبي: "إن الحكومة الإيرانية قالت إنها تريد أن تجد حلا سلميًا للصراع في سوريا. ولكن كما يظهر فإن إيران بعيدة كل البعد من لعب دور بناء. فهي تواصل إرسال مقاتلين، بما فيهم قوات الحرس الثوري وقوة القدس، إلى سورية لدعم نظام الأسد في القمع الذي يمارسه ضد الأبرياء".
أرسل تعليقك