بعد موجة الحر الأخيرة، يبدو أنه من الصعب تصديق أن واحدا من كل 5 بالغين في بريطانيا لديه مستويات منخفضة من فيتامين (د) الخاص بأشعة الشمس.
قد يكون هذا لأننا نغطي أنفسنا كثيرا في الشمس، مع وضع كريم الحماية ضد الشمس في استجابة للتحذيرات من سرطان الجلد، لكن أيما كان السبب الأمر له آثار على صحتنا؛ ففي الأسبوع الماضي أعلنت الصحة العامة في إنكلترا (PHE) أن السكان يجب أن يبدؤوا في اتخاذ فيتامين D بمقدار 10 ميكروغرام يوميا طوال أشهر الشتاء (من تشرين الأول/ أكتوبر حتى آذار/ مارس) لمنع هشاشة العظام وأمراض العضلات.
فيتامين D ضروري للعظام ولأسنان قوية، في حين أنها توجد بشكل طبيعي في الأطعمة مثل الأسماك الزيتية والبيض، فإن المصدر الرئيسي هو ضوء الأشعة فوق البنفسجية، فهو المصنع في الجلد في وجود ضوء الشمس. ونصح باتخاذ فيتامين (د) يوميا بما في ذلك الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1-5، والنساء الحوامل والمرضعات والبالغين فوق 65 عاما وذوي الجلود الداكنة.
لكن كما أوضح رئيس قسم العلوم التغذية في PHE الدكتور لويس ليفي الأسبوع الماضي "الجميع سيحتاج النظر في اتخاذ ملحق في الخريف والشتاء إذا كانوا لا يأكلون ما يكفي من الأطعمة التي تحتوي على فيتامين (د) بشكل طبيعي أو محصنين به"، ولكن هل نحن حقا بحاجة لحبوب فيتامين D، أو يمكننا فقط قضاء فترة أطول في الحديقة؟ أكثر من 30 دقيقة في الشمس غير مجدية، فتعريض الجلد لأشعة الشمس أفضل وسيلة لتعزيز فيتامين "د" في الجسم، وأكثر فعالية بكثير من تناول الحبوب، على سبيل المثال فإن الأمر يتطلب 30 دقيقة فقط في أشعة الشمس خلال أشهر الصيف لبشرتك لجعل 250 ميكروغرام من فيتامين (د)، الحبوب تحتوي فقط على ما يصل إلى 25 ميكروغرام.
ويمكن وضع واقي الشمس مع عامل حماية من الشمس 10 لمنع الأشعة فوق البنفسجية من اختراق الجلد، لذلك تحتاج كشف الجلد دون ذلك، لكن ليس عليك الخروج في الشمس الحارقة للحصول على فيتامين (د) لتجنب الحرق، والحصول على الأشعة قبل 11:00 أو بعد 03:00. أما عن كمية الجلد التي تحتاج لكشفها كل يوم، وبحكم التجربة هو نحو 10% (وهو الوجه والعنق والظهر واليدين والذراعين) لمدة 15-20 دقيقة في فصل الصيف، وهذا ينبغي أن يكون كافيا لتخزين ما يصل إلى العرض الأمثل.
في الواقع، يمكن للجلد فقط أن يصنع فيتامين (د) لأول 30 دقيقة من التعرض اليومي، بعد ذلك فإنه يتوقف بشكل طبيعي لأنه يعترف بأن لديك كل ما تحتاجه، وهناك أدلة قوية على أنه من المستحيل على الجسم تخزين ما يكفي من فيتامين D خلال فصل الصيف البريطاني إلى آخر الشتاء الطويل. وهناك دراسات تبين أن الجسم يمكنه تخزين فيتامين (د) في الكبد لفترة معينة من الزمن، لكن عمر النصف من فيتامين (د) ليس سوى من 5-6 أسابيع، بعد ذلك يصبح غير قادر على القيام بدور نشط في الجسم.
وبحلول منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر لا أحد يبقى في المملكة المتحدة لديه ما يكفي من مخازن فيتامين D، ولكن كثيرا ما يغرقون في الشمس خلال فصلي الربيع والصيف. الشمس في فصل الشتاء في المملكة المتحدة ذات الطول الموجي الذي من الخطأ أن يخترق الجلد وصنع فيتامين (د)، وهناك طريقة بسيطة لمعرفة ما إذا كان الأشعة قوية بما فيه الكفاية هي أن تنظر إلى ظلك فإذا كان ظلك ظهرا أقصر من طولك، إذن ضوء الأشعة فوق البنفسجية ستكون قادرة على تحريك إنتاج فيتامين D في الجلد.
يمكن أخذ استراحة من أشعة الشمس في فصل الشتاء لمساعدتك على أن تصل إلى أعلى المستويات الخاصة بفيتامين D، ولكن سيتم فقدان الصالح في غضون أسبوعين إلى 3 أسابيع من عودتك؛ لذلك ستحتاج مواصلة ملحق فيتامين D الخاص بك، أو قضاء المزيد من الإجازات. الناس ذوو البشرة الداكنة مثل الأفارقة المنحدرين من منطقة البحر الكاريبي وأصول جنوب آسيوية محميون طبيعيا من أشعة الشمس القوية لأن لديهم كميات كبيرة من صبغة الميلانين؛ لكنهم بالتالي يحتاجون ما لا يقل عن 3-5 مرات أطول في الشمس لصنع نفس القدر من فيتامين (د) لشخص بلون البشرة البيضاء، كما وجدت دراسة عام 1982 في مجلة لانسيت.
ولأسباب مشابهة سمرة الشمس يمكن أن تقلل من كمية فيتامين D بها. ووجدت الدراسة البرازيلية التي قدمت في الاجتماع السنوي لجمعية الغدد الصماء في بوسطن في نيسان/ أبريل أن الأشخاص الذين يأخذون حمامات الشمس بانتظام يمكن أن يكون لديهم نقص في فيتامين D بسبب أن "التان" تمنع ضوء الأشعة فوق البنفسجية. وفي الآونة الأخيرة زيادة الوزن ارتبط بنقص فيتامين (د) لأنه يصبح محاصرا داخل الأنسجة الدهنية فلا يصبح متوفرا داخل الدم.
كبار السن هم أيضا أكثر عرضة لخطر نقص فيتامين (د) لأنهم يصبحون أقل كفاءة من ناحية صنع فيتامين (د) في الجلد، كما أنهم يقضون المزيد من الوقت في البيوت أو في الداخل، وهناك أدوية تقلل من امتصاص الجسم مثل الستيرويدات التي تستخدم بهدف كبح الالتهاب مثل التهاب المفاصل، فالناس الذين يتناولون الستاتين لارتفاع الكوليسترول في الدم قد يكونون أيضا عرضة لخطر المستويات المنخفضة رغم أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث.
فيتامين D مهم ليس فقط للحفاظ على عظام قوية والسماح للنمو الطبيعي للأطفال، فهو مهم لوظيفة العضلات والجهاز المناعي السليم، كما أنه يساعد الجسم على استخدام الكالسيوم والفوسفور من الطعام وينظم عملية تغيير خلايا من نوع واحد إلى آخر؛ مما يساعد على منع السرطان. وتشمل الحالات المصاحبة الأخرى زيادة خطر الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان، لكن المشككين لم يقتنعوا بأن فيتامين D هو السبب أو الحل.
عندما حلل الدكتور مارك بولاند من قسم الطب في جامعة أوكلاند وزملاؤه نتائج نحو 50 تجربة شملت أكثر من 200 ألف شخص في عام 2013؛ وجدوا أن مكملات فيتامين (د) كان لها تأثير ضئيل أو منعدم على خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسرطان أو حتى كسور العظام، ويمكن أن تشمل أعراض نقص فيتامين D آلام العظام الشديد والخمول والتعب، ولدى كبار السن يمكن أن يؤدي إلى هشاشة العظام. واختبار دم بسيط يمكنه تحديد ما إذا كان لديك انخفاض في مستويات فيتامين (د)، وبعدها يمكن التوصية بفيتامين (د) لمعرفة ما إذا كانت فعالة في تخفيف الأعراض؛ حتى لو لم يكن لديك أي أعراض علينا جميعا أن ننظر في تناول المكملات الغذائية يوميا فقط في حالة النقص. الفيتامينات قد تحتوي فقط على 5 مايكروغرام من فيتامين D، والأطباء يوصون بـ 10 في اليوم.
أرسل تعليقك