اوصت دراسة جامعية مشتركة لجامعتي زايد ونيويورك ابوظبي بتوفيرمعلمات من نفس خلفية الصغار في رياض الاطفال نظرا لان جودة التفاعل بين المعلمة والطفل تكون أكثر انخفاضا حال اختلاف خلفيتهما العرقية والثقافية.
واكدت أن التفاعل الداعم بين المعلمة والطفل في هذه المرحلة يقلل من التوتر الذي يشعر به الطفل وان التوافق الثقافي بين المعلم والطفل يرتبط بتقليل السلوك غير المرغوب بشكل استباقي وفعال ويحسن مستوى تعلم الطفل وصحته ويعزز قدرته على تنمية المهارات التي يحتاجها للنجاح في الدراسة.
وأشارت نتائج الدراسة التي توافقت مع أدلة إرشادية من الدراسات الأمريكية والأوروبية إلى أن القليل فقط من الأطفال يتمتعون بمناخ صفي عالي الجودة كما أن المعلمين الذين تفاعلوا مع الأطفال ذوي الخلفيات العرقية والثقافية المماثلة لخلفياتهم كانوا أفضل في خلق مناخ صفي إيجابي وفي حساسيتهم تجاه احتياجات الأطفال.
واجرت الدكتورة ليديا بارزا من جامعة زايد والدكتورة أنتجي فون سوشودوليتز من جامعة نيويورك بأبوظبي هذه الدراسة على 138 طفلا وطفلة في سن الخامسة في 27 صفا من صفوف رياض الأطفال في الدولة كانت معلماتهم من خلفية غربية.
وتوصلت الدراسة الى أن الصغار الذين يتمتعون بمستويات عالية من الدعم العاطفي والدراسي من جانب المعلمة داخل غرفة الصف يواجهون ضغوطا فسيولوجية أقل خلال يومهم الدراسي.
واشارت إلى أن مرحلة الروضة تمثل مناخا اجتماعيا معقدا بالنسبة للأطفال حيث تتسم استجابتهم لدى تنقلهم ما بين التحديات المعرفية والاجتماعية والعاطفية المختلفة بمستويات متزايدة من التوتر.
ولاحظت ان من بين العلامات البيولوجية الدالة على هذا التوتر ارتفاع/ الكورتيزول/ باستمرار لدى أطفال الروضة بمستويات أعلى من ارتفاعه لديهم وهم في المنزل إذ تكون مستوياته عادة في أوجها في ساعات الصباح الباكر ثم تبدأ بالهبوط تدريجيا خلال اليوم.
واستخدمت الباحثتان نظام التقييم الصفي باستخدام النقاط لاختبار العلاقة بين مؤشرات التفاعل بين المعلمة والتلميذ من جهة وتنظيم استجابة أطفال الرياض للتوتر من جهة أخرى وذلك عن طريق ملاحظة تقلبات مستويات الكورتيزول لديهم لثلاث مرات خلال اليوم الدراسي.
وحسب الدراسة فإن الجوانب ذات الصلة بالتفاعل الإيجابي والداعم بين المعلمة والطفل تشمل: المناخ العاطفي داخل غرفة الصف وجودة الإجراءات التدريسية وحسن تنظيم وإدارة الصف.
ويعكس الدعم العاطفي.. التناغم العاطفي لغرفة الصف ومجهودات المعلمة لتوفير مناخ إيجابي بشكل مستمر ومستقر أو قابل للتنبؤ بينما يصف الدعم التدريسي مدى استخدام المعلمة النقاش والأنشطة التدريسية لتحفيز مهارات الإبداع والاستنتاج لدى الأطفال ومدى توفر التحفيز اللغوي و ردود الفعل بجودة عالية توسع الفهم والتعلم لدى الأطفال .
أما تنظيم غرفة الصف فيتعلق بقدرات المعلمة على استخدام أساليب واستراتيجيات فعالة لمنع وإعادة توجيه السلوك غير المرغوب وإدارة الوقت التدريسي ورفع مستوى مشاركة الأطفال في الأنشطة الصفية وقدراتهم في التعلم.
وفيما يتعلق بتوصيف التفاعل بين المعلمة والطفل كشفت نتائج الدراسة عن تفاوت كبير في مستويات جودته في الغرف الصفية لكن المستوى العام للدعم العاطفي والتنظيم الصفي بشكل عام كان معتدلا بينما كان المستوى العام للدعم التدريسي منخفضا.
ووجدت الباحثتان عند مقارنة الصفوف وفقا للتفاوت في التكوين العرقي والثقافي أن جودة التفاعل بين المعلمة والطفل كانت أكثر انخفاضا في الفصول التي تختلف فيها الخلفية العرقية والثقافية لدى المعلم عنها لدى الأطفال.. وبالإضافة إلى ذلك فقد لوحظ أن جودة التفاعل هذه كانت نسبيا أكثر استقرارا في الفترة الصباحية.
أما فيما يتصل بتنظيم استجابة الأطفال للتوتر فقد تنبأت مؤشرات التفاعل بين المعلمة والطفل في جميع الصفوف بالتقلب في مستويات/ الكورتيزول/ لدى الأطفال لكن الأطفال في الصفوف التي توفر مستويات عالية من دعم المعلمة العاطفي والتدريسي على وجه الخصوص أظهروا مستويات أقل من الكورتيزول مما يعكس توترا أقل لديهم.
كما أظهروا هبوطا أكبر في مستوى الكورتيزول من الفترة الصباحية حتى فترة الظهيرة.. وتشير هذه العوامل مجتمعة إلى أن المناخ الإيجابي لغرفة الصف قد يدعم مقدرة الطفل على تنظيم السلوك والضغوطات .
وتقول الباحثتان إن هذه النتائج تدعم بحثا سابقا أجري في الدولة أظهر انخفاض الكفاءة الذاتية في التدريس لدى المعلمين الأجانب ما يشير إلى أن التواؤم الثقافي قد يؤثر على الكفاءة.
وبشكل عام تشير هذه النتائج إلى أن عدم التوافق بين الخلفية العرقية والثقافية لكل من المعلم والتلميذ يمثل تحديا للمعلمين وعمليا فإنه يبدو أن تخفيف أثر الاختلاف الثقافي مهم لضمان تدريس عالي الجودة كما أن دعم المعلمين لكي يوائموا ويتمكنوا من تطبيق استراتيجياتهم التدريسية مع التلاميذ ذوي الخلفيات العرقية والثقافية المغايرة لخلفياتهم قد يساعد على تيسير التفاعل الإيجابي بين المعلمة والطفل.
وبالرغم من أن أغلب برامج التنمية المهنية تركز على طرق التدريس والمناهج فإن نتائج هذا البحث تؤكد أن التركيز يجب أن ينصب بشكل أكبر على خلق مناخ حساس وداعم عاطفيا للتلاميذ ويلعب دورا أساسيا في تنظيم استجابة الأطفال للتوتر وبالتالي في تعلمهم ونموهم.
وأوصت الدراسة بضرورة توفر ثلاثة مقومات أساسية لتحسين فعالية التواصل بين المعلم والطفل هي: الدعم العاطفي والتنظيم الصفي والدعم التدريسي..
وتشمل أحد جوانب الدعم العاطفي مقدرة المعلمة على دمج أفكار التلميذ ووجهات نظره في الأنشطة والإجراءات الصفية اليومية .
ولفتت الدراسة إلى أن العديد من المعلمين يقومون عادة بمراجعة الرزنامة والطقس حيث يذكرون اسم اليوم وتاريخ اليوم ومن ثم يجعلون التلاميذ يرددون هذا أو يدعو المعلم التلاميذ لذكر اسم اليوم وتاريخ اليوم وحالة الطقس .. إلخ. ولا يكون لدى التلاميذ أي خيار ضمن النشاط بل عليهم إكمال الإجراء حسب توجيه المعلم وأكدت أن المعلم الذي يتمتع بالمرونة ويدمج اهتمامات التلاميذ في الأنشطة لا يتمسك بخطة أو جدول أعمال معد مسبقا على حساب فرص التعلم فمثلا بدلا من مراجعة الرزنامة والطقس يوميا باتباع نفس الروتين يمكنه أن يشجع التلاميذ على قيادة النشاط وفي هذه الحالة سيكون النقاش حول التقويم والطقس على الأرجح مختلفا كل يوم.
وفي كل الأحوال فإن التركيز على التلميذ سيشجع الإبداع لديه وينمى اهتمامه بالأنشطة وبالتالي يدعم استقلاله من خلال إعطائه الفرص لتجربة مهام متنوعة واكتساب الثقة بقدراتهم ومهاراتهم .
ويركز أحد جوانب التنظيم الصفي على إدارة الوقت التدريسي والإجراءات الروتينية..فخلال اليوم الدراسي تحدث العديد من الانتقالات من نشاط إلى آخر فمثلا يطلب من التلاميذ إرجاع الكتب إلى الأرفف بعد الانتهاء من نشاط القراءة.
وفي الغالب تأخذ هذه الانتقالات وقتا طويلا ولا تدمج فرصا تعلمية فقد يدور الأطفال في الصف لأنهم لا يعرفون بالضبط ماذا يفعلون أو كيف يفعلونه وقد ينخرطون في سلوك فوضوي ونتيجة لذلك فإن المعلم عادة ما يرى الانتقالات مجهدة ومليئة بالتوتر.
وتتطلب إدارة الانتقالات والإجراءات الروتينية بكفاءة أن يقلل المعلم من الفوضى بقدر الإمكان بإعطاء تعليمات واضحة طوال فترة الانتقال مما يساعد الأطفال على معرفة ما هو متوقع منهم عمله.
ويشمل أحد جوانب الدعم التدريسي جودة ردة الفعل فالعديد من المعلمات يمدحن الأطفال ويقدمن ردود فعل إيجابية إلا أن رد الفعل غالبا ما يركز على إعطاء الإجابة الصحيحة وليس على عملية التعلم أو أن رد الفعل المقدم واسع وغير محدد مثل كلمة "شاطرة" حيث لا تقدم للتلميذ معلومات محددة حول عمله.. نتيجة لذلك فإن هذه النوعية من رد الفعل لا توسع فهم الأطفال للمفاهيم.
وتشجع ردود الفعل الفعالة التلاميذ على الوصول إلى فهم أعمق للمفاهيم مما يمكن أن يصلوا إليه بمفردهم.
ويشمل رد الفعل الفعال طرح أسئلة متابعة والاستجابة لتصرفات أو تعليقات الأطفال عن طريق تقديم المعلومات مما يساعدهم على التركيز على مهامهم والمثابرة على ذلك وبالإضافة إلى ذلك فإن رد الفعل الفعال أيضا يساعد الأطفال على صقل معارفهم وفهم كيفية إتيانهم بالأفكار التي يتوصلون إليها.
وعلى سبيل المثال عندما يخطئ الطفل في التخمين بدلا من تصحيح إجابته مباشرة قد تختار المعلمة إبداء التقدير لمجهود الطفل في المحاولة والتوسيع في إجابة الطفل لمساعدته على فهم تفكيره الخاص قبل تقديم التوضيح والقاعدة التي يبني عليها الطفل لإيجاد الإجابة الصحيحة.
وعندما تقدم المعلمة ردود فعل تساعد الأطفال على فهم عملية التعلم فإن ذلك يساعدهم على المثابرة على الانخراط في الأنشطة والدروس والاستفادة منها إلى أقصى حد.
أرسل تعليقك