وهم الأطراف التاريخ والمعاصرة تحت سقف واحد
آخر تحديث 15:56:56 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

المعرض الأول لديانا الحديد في المنطقة العربية

"وهم الأطراف" التاريخ والمعاصرة تحت سقف واحد

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - "وهم الأطراف" التاريخ والمعاصرة تحت سقف واحد

المعرض الأول لديانا الحديد
دبي ـ جمال أبو سمرا

عند تأمل أعمال الفنانة الأميركية من أصل سوري، ديانا الحديد، من الصعب الجزم بأن هناك "ثيمة" واحدة يمكن من خلالها فهم وتفسير أعمالها، فقد يبدو في نظرة سريعة أن الثيمة الأبرز لأعمال الحديد ترتبط بتلك الحوارية بين "المكعب الأبيض"، الذي يرمز إلى الفن المعاصر من جهة، وتاريخ الفن، خصوصًا عصر النهضة، وهي حوارية يمكن لمسها بوضوح في منحوتاتها ولوحاتها، مثل تلك الأعمال التي يتضمنها معرض "وهم الأطراف"، الذي يقيمه "رواق الفن" في جامعة نيويورك أبوظبي، وهو أول معرض فردي في العالم العربي للفنانة العالمية ديانا الحديد، ومن المقرر أن يفتح أبوابه للجمهور بحفل استقبال مساء غد.

وتظهر حوارية بين تاريخ الفن والفن المعاصر في لوحة "المسرنم"، وهي جدارية "ناصع البياض"، كما في أروقة وصالات عرض الفن المعاصر، استخدمت فيها الفنانة الجبس والألياف والفولاذ وأوراق الذهب، لتشكل لوحة لامرأة تمشي في رداء طويل، وهي مستوحاة من لوحة ذات نحت نافر من القرن الرابع عشر تُدعى "غراديفا" أو "السائرة"، وهو اسم ظهر في رواية فلهلم ينسن التي كتبها عام 1906، وتحكي قصة عالم آثار يطارد "غراديفا"، تلك المرأة التي نسجها من وحي خياله، تسير في مدينة بومبي القديمة. حوار آخر مماثل تحمله لوحة "طبيعة صامتة من الذهب"، التي تقدم فيها الفنانة رؤية جديدة للوحة الفنان هانز مملنغ، التي تعود إلى عام 1475 وتُسمى "رمز العفة"، التي طالما اهتمت بها ديانا الحديد بحسب ما ذكرت سابقًا، وهي تمثل امرأة تجلس بثبات على قمة جبل، ويقف أسدان في مقدمة اللوحة، في حين تمثل لوحة الفنانة امرأة غير واضحة المعالم، تتداخل طيات ملابسها مع شقوق الجبل.

مزيد من التأمل لأعمال الحديد يكشف أن هناك ثيمة أو ثيمات أخرى تحملها أعمال الفنانة، أبرزها الحرص على أن لا تقتصر علاقة المتلقي بالعمل الفني على الشكل النهائي، فتقنية العمل والأسلوب المتبع في التنفيذ جانب يستحق الاستحواذ على انتباه المتلقي، مثل فكرة العمل ومضمونه تمامًا، فاللوحتان السابقتان تحمل كل منهما جانبًا واضحًا للمتلقي، فالجانب الخلفي يقدم لمحة عن تقنية تنفيذ العمل، بينما تقدم الجهة الأمامية الشكل النهائي للوحة. كذلك المرأة تعد من الثيمات الحاضرة بقوة في الأعمال، وبتجليات وأوضاع مختلفة، وأحيانًا متباينة، فهي "سائرة" ومتحركة في "المسرنم"، وساكنة مثل الجبل في "طبيعة صامتة من الذهب". أما في العمل الذي يتوسط المعرض، ويحمل المعرض اسمه، وهو "وهم الأطراف" فتبدو المرأة في حالة مختلفة، ليبدو جسدها وكأنه منبثق من جبل متهاوٍ بصخور ذائبة، أو ربما هي مغمورة في هذا الجبل. حيث القطع الثلاث مجموعة أطلقت عليها الفنانة اسم "الأقدار"، وهي تمثل نساء في أوضاع مختلفة (المشي والوقوف والجلوس)، وقد تم عرضها في "رواق الفن" في جامعة نيويورك، وسط مجموعة أخرى من الأعمال التي تتعلق بمضمون "الأقدار" بطريقة أو بأخرى.

وتعتمد منحوتة "وهم الأطراف" فكرة ذلك المصطلح الذي يشير إلى الشعور الذي يمر به صاحب أحد الأطراف المفقودة، كالذراع أو الساق، وكأن هذا الطرف موجود وقادر على الحركة. ويجسد هذا العنوان الطابع الفني الذي يسود معظم أعمال ديانا الحديد، بما يعيد الذاكرة ويستحضر جماليات التراث الثقافي العريق في حوار مع عميق الوجدان بأسلوب يرتكز على الجوهر.

ويتكرر موضوع الذاكرة بمظاهرها المادية في الفن والهندسة المعمارية في معظم أعمال الفنانة، لكنْ هناك مضمون آخر يحمله العمل، يرتبط بفكرة الاضمحلال، وربما رحلة الحياة، فجسد المرأة الذي يجلس على قمة جبل يشبه الغيوم، لطالما استخدمته الفنانة في أعمال سابقة حتى أصابه الاضمحلال، فأرادت تكريمه في عمل استثنائي، أو ربما يعبّر عن رحلة العمل النحتي، مرورًا بمرحلة النشوء، وصولًا إلى الاضمحلال، وما يعانيه وتعانيه معه الفنانة من تقطرات وشقوق تظهر في المكعبات المنصهرة التي تحمل التمثال.

ثيمة أخرى تبرز بوضوح في أعمال الحديد، أو تعبر عن تقنية عمل محببة لها، وهي الميل إلى دمج الجسد البشري أو مواراته بشكل أو بآخر، كما في منحوتة "جدار غراديفا الرابع" التي أنتجتها عام 2011، من مقتنيات "مؤسسة الشارقة للفنون" التي تترأسها سمو الشيخة حور القاسمي. فيعتمد العمل على تلك الأشكال العائمة التي صنعتها الفنانة من الجوخ، وتوحي للمشاهد بأنها شخصيات إنسانية، ليكتشف أنها أقمشة تمت صياغتها بطريقة معينة، يتداخل فيها القماش مع نسيج شخصية الإنسان، لتبدو وكأنها رسم في فراغ ثلاثي الأبعاد، تم تنفيذه بخلق "برك" صنعتها الفنانة من الأقمشة والتقطرات التي ترسم أشكالًا عمودية، تمتد على سلسلة من الأقراص المكدسة أفقيًا "الجزء السفلي من هذه المنحوتة عبارة عن سلسلة من اللوحات الأفقية، ونصفها العلوي عمودي، ومكون من تلك الأنسجة الأفقية، ويلتقيان في الوسط"، بحسب وصف الفنانة.

إلى جانب الأعمال المرتبطة بعنوان "الأقدار"، يضم المعرض، بحسب ما أوضحت القيّمة الفنية لبرامج معرض "وهم الأطراف" في "رواق الفن" بجامعة نيويورك، آلاء إدريس، خلال الجولة التي تم تنظيمها لعدد من ممثلي وسائل الإعلام في المعرض، صباح أمس، سلسلة من المنحوتات المرتبطة ببعضها بعضًا، إضافة إلى العرض الأول للقطعة الفنية الجديدة المكونة من ثلاث لوحات جدارية، وهذه اللوحات المتلألئة المفعمة بألوان زاهية ما هي إلا استجابة من الفنانة ديانا للوحة الفريدة "معركة سان رومانو" التي تعود إلى عصر النهضة، من أعمال الفنان باولو أوشيلو. وعلى غرار إبداعية أوشيلو، اختبرت ديانا الحديد المساحة التصويرية في لوحاتها، وزادت مساحتها، تارةً مع الرسم، وتارةً أخرى مع النحت.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وهم الأطراف التاريخ والمعاصرة تحت سقف واحد وهم الأطراف التاريخ والمعاصرة تحت سقف واحد



GMT 13:02 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

محترف حل المكعبات يحقّق رقمًا قياسيًا عالميًا رائعًا

GMT 00:39 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

تعرّفي على صيحات الديكور التي ستختفي في 2019

GMT 12:41 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

استخدمي الأسلوب الفينتاج لديكورغرفة المعيشة في منزلك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates