أبوظبي - صوت الإمارات
"الفرح" رواية رجل سعيد، للفيلسوف الفرنسي شارل بيبان Charles Pépin، وهي أيضا تأمل في الفرح، هذه القوة التي، في أي لحظة، يمكن أن تجعل حياتنا مثيرة.
في قراءتها لهذه الرواية تقول مجلة "كليه" الفرنسية " عرفه القراء فيلسوفا، لكن عند الاطلاع على كتابه الأخير " الفرح" يكتشفون أنه روائي أيضا. فما الذي جعله يختار هذا النوع من الكتابة؟".
يجيب شارل بيبان " أن أكون روائيا يعني أني أعيد اختراع نفسي. لأن جعل المفاهيم الفلسفية أكثر حساسية في قالب أدبي أمر أراه مُهماً كثيرا. وهذا في الواقع تقليد عظيم منذ رواية " الراهبة" للكاتب الفرنسي العظيم ديدرو، ورواية " الغثيان" للكاتب سارتر، أو رواية " الغريب" لـ كامو".
يرى بيبان أن الفرح رواية فيلسوف، إذ يؤكد " لأن هناك أطروحة. بل وحتى طريقة كامنة لتطوير مصدر فرحنا. أوّلا، يجب أن نتوقف عن الأمل في أن يكون الغد أفضل. بطلي في الرواية، سولارو، يقول بأن الأمل هو الموت. إن ما يجعلنا نعيش حقاً هو الحقيقة، الفرح ينبثق من الواقع، هنا والآن. يجب علينا أيضا أن ندرك أن وجودنا معجزة، ولذا علينا أن نتلذذ بفرحة كوننا نستمتع بالحياة. كل فرح ينطوي على بُعْدٍ ميتافيزيقي.
وأخيرا، يجب أن نكون على بينة من امتلاكنا لهذا المورد حتى نحس به، ونلمسه من جديد. فكلما فرحنا أكثر صرنا سعداء أكثر".
وعن الفرق بين السعادة والفرح يؤكد بيبان " السعادة حالة من الرضا الهادئ الأكثر ديمومة. أما في الفرح هناك شيء متوافق مع عدم الرضا. قد أكون غير راض عن نفسي لأن مشاريعي المهنية تتعثر أو تفشل، وفي الوقت نفسه أحس بلحظات من الفرح. حسبي فنجان قهوة أحتسيه على السريع، أو أغنية أحبها وأسمعها على الراديو لكي أشعر بهذا الفرح".
في رواية بيبان الفلسفية يرتكب البطل سولارو جريمة قتل، لكنه يرفض تفسيرها. لأنها في رأي بيبان " لحظة من الجنون، والعمى. لكن المحاكمة التي تلي ستكون لحظة فرح. في الفرح هناك شيء من الجنون. ألسنا نقول " فلان مجنون بالفرح"؟ لسولارو إذن القدرة على أن يفرح مثل الطفل. والقدرة على أن يقسو مثل الطفل أيضا".
سولارو راض عن كل ما يحدث له، سواء كان على سرير والدته المريضة، أو في السجن. السعادة عنده أن يقبل كل شيء من دون الرغبة في تغيير أي شيء في العالم من حوله؟ " السبب، يرةي بيبان، إنه عندما نحب الواقع نمتلئ بقوة تجعلنا أكثر استعدادا لتغييره نحو الأفضل. هذه هي أطروحة الرواقيين، وماركوس أوريليوس، وسينيكا".
سولارو ينهي حياته في مستشفى للأمراض العقلية. أيعني هذا أن الشخص المبتهج شخص لا يطاق في المجتمع؟ يقص بيبان: "سولارو لديه قوة لا تقهر على قبول الواقع، سواء من قِبل الذين يحبون الشكوى، أو من الأشخاص التقدميين الذين يريدون دائماً تغيير الأشياء نحو الأحسن. ولكن قد يحدث أن الذين يرغبون في تحسين الأمور هم الذين يفاقمون الشر. أنظروا إلى ستالين أو بول بوت. بينما من كان يعرف كيف يقبل الأشياء كما هي، في حكمة وروية وفرح، فلن يقتل أحداً".
هل سولارو إسقاط لذات الروائي؟ يستطرد شارل بيبان " نعم، تقريباً. قد تسألونني هل كتبت هذا الكتاب في فرح؟ أقول أجل، في فرح غامر عارم! أن تكون مثل سولارو لبضعة أشهر، فتلك هي العبقرية".
أرسل تعليقك