أبو ظبي ـ سعيد المهيري
أكثر من مشترك ثقافي وإبداعي وفني بين الثنائي الشاعر خالد البدور والشاعرة نجوم الغانم . البدور يكتب قصيدة النثر والقصيدة الشعبية، والغانم تكتب قصيدة النثر وتقطف قصيدتها من الطفولة وظلالها وأفيائها الباردة في دبي، وخالد البدور، أيضا، ليس بعيدا عن هذه الأفياء .
نجوم الغانم سينمائية بروح شعرية وبعين لاقطة وببلاغة بصرية حنينية، وخالد البدور ليس بعيدا عن الفضاء السينمائي، أو لنقل ليس بعيدا عن كنايات الكاميرا ومجازاتها الشعرية أيضا، وإن كان اهتمام نجوم بالسينما أكثر من اهتمامه .
تربى خالد البدور على مكتبة والده المؤثثة بمراجع وعناوين شعفت خالد الطفل في فضاءات بيت العائلة الدافئ بحنان أسري سيكون له دور مهم جدا في تكوين ذلك الصبي المولع بالكتب، وبالتالي، المولع بالقراءة .
في مناخ حميم ومشابه تربت نجوم الغانم أيضا . . الكتب، العائلة . القراءة، ولكن من المهم الإشارة هنا إلى الصور والأصوات وإيقاع الحياة، وإيقاع الطفولة، ثم صور الصبا والفتوة والشباب في بيئة شعرية أصلا . إنها دبي . . المدينة الجاذبة للشعر والجاذبة للكتابة بكل تجلياتها المشرقة .
بدأت نجوم الغانم الكتابة في أواخر سبعينات القرن الماضي، واللافت أن هذه الشاعرة التي حصلت على الماجستير في الإخراج السينمائي قد بدأت بشعر التفعيلة، ولكن حسنا إن قفزت إلى قصيدة النثر . في هذه القصيدة وجدت نجوم الغانم إشباعها الإبداعي، وخالد، أيضا له تجربة في قصيدة التفعيلة، ولكن خياره النهائي أو أن مشروعه الشعري قائم على قصيدة النثر .
ولد خالد البدور في العام ،1961 وولدت نجوم الغانم في العام ،1962 وكلاهما ولد في دبي . كلاهما تلقى تعليما جامعيا في اختصاصات تتلاءم وروح الشعر، وروح الفن الذي يعيشان في رحابه وفي أشواقه . أشواق الشعر والبحث عنه ليس في اللغة، بل في الحياة، بل في التفاصيل النائية التي تتألف منها الحياة .
لغة خالد البدور الشعرية لغة صافية . مفردته ملمومة وأنيقة، وصوته الشعري صوت هامس . ولعلك إذا قرأته جيدا تعتقد أنه يكتب في الليل، أو أنه كائن ليلي . لذلك عند قراءة شعره تسمع صوت الشعر . لا صخب، ولا منبرية، ولا شعارات . شعر يشبه ماء الينبوع . شعر إنسياني يصادق ولا يمل من فتنة الصداقة .
لغة نجوم الغانم مملوءة بالحنين والجمال والخفة . تكتب كأنها ترسم، أحيانا، وتمضي قصيدتها إلى النور دائما .
الشمس، الماء، الليل، الحب، والحزن أيضا . . أليس هو الوجه الآخر للحب؟ ثم، الدفء . دفء العبارة ودفء الجملة، ودفء الكلمة . . كل ذلك جزء من معمار نجوم الغانم الشعري، ولنا أن نلاحظ هنا أن الشعر له ركنه أو زاويته عند هذه الشاعرة المضيئة بالكلمات . . كما أن السينما لها ركنها أو زوايتها . شاعرة تعرف حدود الشعر، وتعرف حدود السينما، فلا تخلط أو تجازف، بل تتأمل وتتمهل .
هذه ثنائية أدبية جمالية قوامها الأوضح هو الشعر والبحث عنه، والبحث فيه، بهدوء، وبقلبين جميلين . الأول صوت والثاني صدى، والأول صدى والثاني صوت . إنه نوع من التلاقي الروحي والإنساني الذي يعكس جمالياته القصوى في الفن .
بحثا عن هذه الجمالية يتابع خالد البدور ظل الشعر، فيقوم من وقت إلى آخر بترجمة بعض الأشعار من تجارب إنسانية عميقة التأثير في الثقافة الشعرية إلى العربية، وهذا السياق هو امتداد لهاجسه الإبداعي الدائم الحيوية .
اشتغل كل من خالد البدور ونجوم الغانم في الصحافة المكتوبة، والإعلام التلفزيوني، لكن اشتراطات هذه المهنة لم تنل من شعرية الاثنين، وظلا يحفران في الكتابة، وفي سؤال الحياة وسؤال الوجود من دون مبالغات الفكر العقلاني الجاف، بل، يتبعان القلب، ويتبعان روح الشعر إلى ما لا نهاية .
أرسل تعليقك