بقـلم الدكتور فايـز أبو حميـدان
أم وأب كبار في السن هل هم أبوان جيدان؟ نسمع الكثير عبر شاشات التلفاز عن اشخاص ينجبون أطفال في سن متأخر قد يتجاوز 60 عاما ، ولكننا في هذا المقال سنتطرق للحديث عن الإنجاب في سن متأخر يتراوح بين 40-45 عاما سواء بشكل طبيعي أو باللجوء إلى طرق المساعدة على الإنجاب عن طريق تقنيات أطفال الأنابيب المسموح بها في بلادنا.
إذا عدنا إلى السنوات الخمسين الماضية نجد أن أمهاتنا أنجبن الطفل الأول في سن 16-20 عام، وعند وصولهن لسن 35 كانت غالبا مصحوبة بتوقف عملية الإنجاب ، فقد كان يصل معدل الإنجاب للسيدة الواحدة من 5-7 أطفال ، وأسهمت التطورات المجتمعية والاقتصادية في ازدياد الوعي لدى السيدات مما أدى إلى تحسين المستوى التعليمي ومن ثم الانخراط في مجال العمل الذي بدوره قَلَبَ المعايير الاجتماعية سابقة الذكر رأسا على عقب، فبدأت السيدات التفكير بالزواج والإنجاب بعد سن 25 سنة وربما أكثر من ذلك .
ومن المعروف علميا أن إمكانية الإنجاب خصوصا عند المرأة تنخفض مع التقدم في العمر مما يجعل الكثير منهن مرضى لدى مراكز العقم والمساعدة على الإنجاب ، وهذا الوضع ينطبق أيضا على الرجل فكلما تقدم السن تضعف لديه المقدرة على الإنجاب ولو بنسبة أقل من السيدات.
كما أن الإنجاب بعد سن 40 عاما محفوف بصعوبات جمة ومخاطر كثيرة على الأم والطفل، بالإضافة إلى أن مخزون البويضات لدى السيدات في تناقص دائم مع مرور السنين ، فهي تفقد في كل دورة شهرية مئات بل الآلاف منها ، أما بالنسبة لنوعية هذه البويضات فهي تزداد سوءًا مع زيادة العمر؛ مما يقلل فرص الحمل لديهن .
ولتشخيص وضع المبيض يتم إجراء فحوصات هرمونية ومن أهمها(E2-AMH-FSH) إلى جانب فحص الأمواج الصوتية للمبيض(Ultrasound)، فهذه المعلومات تعطي الطبيب مؤشرات ما إذا كان هنالك احتمالية للحمل أم لا ؟ كما أن إمكانية بقاء الجنين في الرحم والتصاقه بجدار الرحم محدودة مما يقلص أيضًا فرص الولادة، يضاف إلى هذا كله الصعوبات الاجتماعية والنفسية للأطفال وللأهل لاحقًا.
وهناك مخاطر صحية كثيرة على الأطفال فنسبة التشوهات الخلقية لدى الأطفال من أمهات تزيد أعمارهن عن 35 سنة عالية ، لا سيما في إنجاب أطفال منغوليين؛ إذ تكون نسبة إنجابهم أعلى من السيدات اللواتي ينجبن قبل هذا السن، وهناك أبحاث علمية أيضًا تبين ازدياد نسبة مرض فرط النشاط وقلة الانتباه لدى أطفال من سيدات تتجاوز أعمارهن سن 40 عامًا مقارنةً مع الأطفال الآخرين، كما أنه يعتقد وجود أمراض نفسية لدى هؤلاء الأطفال وربما يعود هذا إلى أن مادة الصفات الوراثية DNA)) أصبحت قديمة وكبيرة في السن.
وأخيرًا فإن الإنجاب في سن متأخر ليس ممنوعًا وعلى كل إنسان تنظيم حياته الإنجابية كما يشاء، ولكن علينا العلم والمعرفة بأن الإنجاب في سن مبكر يحظى بجوانب إيجابية كثيرة وهو الوضع الطبيعي الذي يجب أن يُشاهَد.