بقلم : الدكتور وليد سرحان
عانت البشرية منذ فجر التاريخ الكثير ومرّت حياة الناس بأزمات وانفراجات لا حصر لها، وتطوّر المجتمع الإنساني وتطورت معارفه وعلومه، خاصّة في العقود الأخيرة، فقد أصبح القرن العشرين حافلًا بالإنجازات العلمية من ارتياد الفضاء إلى أطفال الأنابيب ووسائل الإتصال الحديثة، لكنّني محتار في عدم الاكتراث بمعرفة الإنسان لنفسه، شخصيته وذكائه وانفعالاته، صحّته النفسية واعتلالها بإضطرابات مختلفة، مئات المحطات الفضائية بعضها يخصّص للشعوذة وأخرى للطرب وبعضها للأخبار وقلة للثقافة والعلم والدين ومع ذلك يجد الإنسان صعوبة في العثور على مصادر في الثقافة النفسية والتربوية والاجتماعية في المجتمع العربي. ألا يستحق الإنسان العربي بعض الاهتمام بصحته الجسدية والنفسية، أليس من المفترض أن نتعرّف على انفعالاتنا ومشاعرنا ومزاجنا وتفكيرنا، ونعرف الصح والخطأ، أليس من المهم أن تتوقف الممارسات والأفكار الخاطئة في ميدان الصحة النفسية؟ هل يعرف الناس ما هي النفس وأمراضها؟ هل يعرف الناس ما هي الصحة النفسية وعللها؟ هل يعرف الناس كيفية التعامل مع الطفل وتطوّره ومشاكل المراهقة والشيخوخة؟ هل يعرف الناس لمن يلجؤون إذا اضطرب نومهم أو وظائفهم الجنسية أو فقدوا شهية الطعام؟ مع الأسف الشديد تدلّ الممارسة اليومية أنّ المعرفة في هذا المجال محدودة ومغلوطة، وهناك الكثير من الشوائب، متى سيأتي الوقت الذّي نعير فيه هذه المواضيع إهتمامًا أكثر ونخفف من المعاناة؟
إنّ المحاولات الفردية هنا وهناك لنشر الثقافة لا تكفي ولا بدّ للجهات الحكومية والأهلية من أخذ دورها، خصوصًا وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء.