سليمان أصفهاني
من الملاحظ أنّ بعض الفنانين في الوطن العربي لم تعد تكفيهم النجومية في شكلها العادي؛ لأن ثمة إضافات عصرية باتت مطلوبة بغية مسايرة ما يحدث هنا وهناك من مبالغة في استعراض الذات، خصوصًا بعد أن أصبح الحذاء أو حقيبة اليد أو تسريحة الشعر أهم من الصوت نوعية الأغنية.
وتبدو عبارات التبجيل واضحة في البيانات الإعلامية المرسلة حول أخبار أهل الفن، وتبرز في الأفق ألقاب وصفات غير منطقية وتثير السخرية في بعض الأحيان، مثل: "نجم نجوم المسارح وملك الخشبة الذهبية وأميرة وفاتنة وساحرة الغناء العربي والنجمة الاستثنائية والصوت الماسي والعاجي والذهبي والفضي" وما في ذلك من توابل يعتقدون بأنها تساعدهم على تعزيز أماكنهم بين الناس، علمًا أنّ أم كلثوم لم تغن سوى عبر صوتها وليس من خلال لقب "كوكب الشرق" وأيضًا فيروز لم تخطف الانتباه من خلال لقب "سفيرتنا إلى النجوم".
و آخر موضة في إطار التفخيم والتبجيل، لقب "الفنان السفير للنوايا الحسنة" في شركة خاصة لـ"شامبو" للشعر التالف و"الفنانة المرهفة السفيرة" في جمعية لم يسمع بها مؤسسها للأعمال الخيرية، وأيضًا يوجد النجمة الدكتورة ولا ندري من خلال أي اختصاص حازت على الدكتورة غير "هز الوسط"، والظهور من خلال بعض القماش أمام الناس في الحفلات وبرامج التلفزيون وأمام كل تلك المصائب يخرج هؤلاء ليقولوا لك: "الفن رسالة" فتعتقد نفسك في وزارة "البريد" لأن أحدًا منهم لم يبرهن لنا حتى الآن، ما هي نوعية رسالته؟ غير جمع المال وفبركة الألقاب والصفات، وفي المقابل تأتي "بهارات الخيال" في أخبار الأغنيات والحفلات والمشاريع الفنية، وللوهلة الأولى تشعر بأنك ـمام فيلم كوميدي ممكن أن يسبب لك الإغماء من كثرة الضحك، بعد أن تتابع تفاصيل كارثة كونية تتمثل في النص الآتي: "أحيت نجمة المسرح الماسي صاحبة الصوت التاريخي وسيدة الأناقة والرشاقة، حفلًا مميزًا حضره الآلاف من المحبين والمعجبين الذين كادوا يمزقون ملابسها من شدة حبهم لها وهي وعدتهم تقديم الأفضل وشكرت الرأي العام على اهتمامه بها وهي في الوقت الحالي تستعد للوقوف مع جورج كلوني في فيلم سينمائي، وربما تكون السبب في طلاقه من أمل علم الدين".
من جهة ثانية، تطرح عبارات خرافية حول نجاح الأعمال الغنائية، ويتبين أنّ 17 مليون شاهدوا فيديو كليب فلانة على موقع "يوتيوب"، ونحن ندري تمامًا أنّ في إمكان أي كان شراء نسبة مشاهدة عالية عبر بعض المختصين في البيع، وأيضًا الأشخاص في مواقع: "انستغرام" و"توتير" و"فيسبوك".
وتبقى كل تلك "التوابل فاسدة وغير قابلة للهضم"؛ لأنها تعبر عن سخافة من يلجأ إليها من أهل الفن ولا تغني عن صوت ممكن أن يضيف إلى أوقات الناس بعض الفرح والغناء وليس التباهي عبر أمور غير ملموسة موجودة في الخيال ولا تصنع استمرارية للفنان على الإطلاق.