بين الريسوني وبنكيران من يكسب الرهان

بين الريسوني وبنكيران من يكسب الرهان؟

بين الريسوني وبنكيران من يكسب الرهان؟

 صوت الإمارات -

بين الريسوني وبنكيران من يكسب الرهان

بقلم : الحبيب عكي

لازال لغز استقالة الدكتور أحمد الريسوني من حزب "العدالة والتنمية"، ومغادرة صفوفه مع حمل وهمومه إلى اليوم، محيرًا وغير مفهوم ويلح علينا في السؤال والتأويل، خصوصًا كلما حدث ما هو قريب منه أوشبيه له في الظروف والدعاوى وإن اختلفت مقامات الأشخاص ووجاهة الأسباب، الحزب كما هو معروف يرأسه رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، وصحيح أن الرجلين مدرستين وتوجهين وكفاءتين مختلفتين، وإن كانا ولا زالا في نفس المرجعية الإسلامية ونفس الإطار الحركي لحركة التوحيد والإصلاح المغربية، وهي اندماج كلي سابق لحركتي "الإصلاح والتجديد" و"رابطة المستقبل الإسلامي"، والتي بدأ برآستها الفقيه الريسوني وكان تحت إمرته السيد بنكيران، في حين أن الريسوني في الحزب لم يخضع لرئاسة بنكيران.

1-   إن الموضوع كما يبدو ليس موضوع الرجلين ولا التوجهين العلمي الريسوني ولا السياسي البنكيراني، ولا حتى بين المجالين والعملين السياسي القُطري المحلي والعمل القومي العلمي العالمي، فالرجلين يحملان نفس المشروع الحركي التجديدي والدعوي الإصلاحي التشاركي المنفتح والوسطي المعتدل، مشاركة لا مغالبة وتعاونًا على الخير مع الغير وإصلاحًا في ظل الاستقرار، ونتحمل ما نطيق وندع ما لا نطيق، فلا السيد بنكيران يستعجل فيه ويخوض غمار الإصلاح في بلده بوجهه السياسي وبما هو ممكن، ولا السيد الريسوني يتريث ويقعد لإصلاح أعمق وأوسع عبر التأليف العلمي المقاصدي العالمي، ولا حتى كما يقال بأن الشيخ الريسوني كفاءة علمية ورجل الأمة ليس من الحكمة أن تستحوذ عليه حتى حركته الدعوية، فبالأخرى أن يخنق في المجال السياسي وأفقه الضيق والمسدود أحيانا، ولكن قد تبدو الأمور معقدة أكثر من ذلك:

 2-   فهل السيد بنكيران أكثر جرأة وموضوعية مثلاً، وإن اكتفى بالعمل السياسي المحلي على مستوى البلد، وهل السيد الريسوني أكثر طموحًا وتأصيلاً فلم يقتنع بغير العمل الفقهي الموسوعي والعالمي على قلة المتخصصين والناجحين فيه، فأصبح مهمومًا بقضايا الأمة في فلسطين والعراق، وما ابتليت به من "الدواعش" وانتشر فيها من "الفواحش" وديكتاتوريات الحكام في مصر واليمن وسورية الشام والتنطعات المتطرفة في نجيريا والصومال، والتي يكتوي بنيرانها وضيق فهمها وفظيع تصرفها الأبرياء، رغم أن السيد قد فشل في السياسة التي أرغمته على الاستقالة من رئاسة الحركة سابقًا، كما فشل بنكيران في التربية فهرب إلى السياسة التي تفوق فيها على الأقل في جمع وقيادة الحركة الدعوية، أو ينتفض حولها من الإخوان إلى الحزب السياسي.

 3-   هل الأمور أعمق وأخطر من كل ذلك، وتتجاوز الرجلين إلى مأزق الحركة الإسلامية، إن جاز التعبير، هذا المأزق الذي لم يعد يتيح لها في نظر بنكيران غير الانخراط في إصلاح بلادها والاندماج في سياستها على أمل إصلاح ما يمكن إصلاحه من الداخل وعبر المؤسسات، في حين أن الريسوني لازال يرى في الأمر قسطًا من الحرية والاختيار وامتلاك القرار والعمل في مقاصد الحركة الإسلامية وبرامجها الدعوية والإصلاحية، لا مقاصد وبرامج الآخرين كيفما كانوا، ولو بالهجرة أو"الحريك" الدعوي إلى ما يسمى بالعمل على مستوى الأمة التي تظل هي أيضًا في أمس الحاجة إلى الإصلاح، أم أن الأمر كله مجرد العطاء الشمولي للحركة الإسلامية المغربية وخاصة حركة التوحيد والإصلاح، التي تؤمن  في مواثيقها بالإصلاح الديني وتجديد التدين وترشيده على مستوى الفرد والأسرة والوطن والأمة، وطبعًا وفق الطاقات والإمكانيات، ومن تم فالأمر كله توزيع للأدوار والمواقع وسد للثغرات وتنمية للاتجاهات والتراكمات، وكل ميسر لما خلق له.

 4-   هل الريسوني على نفس تصور بنكيران، الذي يضحي بوضوح بكل شيء من أجل خدمة البلاد والمساهمة في إنقاذها في هذه المرحلة الحرجة لثورات الربيع العربي المتأججة الفوارة، ولو على حساب المشروع الحزبي والحركي الذي ربما لم تسعفه الظروف الاجتماعية والسياسية ليتم نموه ورشده بشكل طبيعي، وينخرط في الشأن الوطني أيضًا بشكل طبيعي غير محرج ولا مشوه، ومن تم ابتعد عن الحراك السياسي حتى لا يُحرِج ولا يُحرَج، ولماذا الريسوني ورغم خلافه البين مع بنكيران فهو لا يزعجه، بل ترك له المكان في الحزب حتى يعمل على راحته، بل ويثني دائما على تجربته الحكومية ويعتبرها ناجحة بكل المقاييس، وإن كان فيما سبق يرى ضرورة إسراعها أكثر في الإنجاز كمًا ونوعًا، وإنصافًا للفئات وعدلاً بين المناطق، والآن لا يفوت عليها فرصة إلا وصفعها في كل ما تقدم عليه أو فقط يحدث كحوادث مدبرة أوعابرة، وقد تابع الجميع ذلك على العديد من المواقع الإعلامية وإلى اليوم، حيث تشتد لدغات ولسعات الرجل تجاه الحزب.

 5-   لماذا لم يكن الريسوني كعبد الله باها، الذي يبدو أنه، رحمه الله، قد تلاشت أو تجلت حكمته في فساد الزمان، فبقي السند الفعلي والعملي للسيد بنكيران وعلبته السوداء، كما كان يصرح بذلك، مهما كانت الظروف والنتائج، وتحمل من أجل ذلك وزارة دولة بدون حقيبة رغم عنائها المعنوي عليه، في حين أن الريسوني استنكف عن ذلك وهو مؤهل لبعضه لو شاء وتواضع، وهنا تحية خاصة للسيد الرميد الذي، رغم مواقفه التاريخية المعروفة مع بنكيران، تحمل معه كل العناء ونزل عند شورى إخوانه وحزبه فقبل ترشيحهم إياه للوزارة وهمومها الشاقة، ووفق المختصين المنصفين فقد أبلى الوزير في وزارته البلاء الحسن وحقق فيها الكثير من التراكم والإنجاز في اتجاه ما يستلزمه البناء والإصلاح.

 6-   واليوم والحزب العدالي على مشارف مؤتمره الثامن، في ديسمبر / كانون الأول 2017، أثيرت بقوة مسألة التمديد بولاية ثالثة لبنكيران على رأس الأمانة العامة للحزب، وذهب فيها العداليون كل مذهب بين مؤيد ومندد، ومن حقهم، رغم بعض الأصوات القيادية التي تدعو وتصر على أن يترك ذلك النقاش والحسم فيه داخل المؤسسات وكأننا لا نعرف أن مداولات المؤتمرين والمؤتمرات لا تتعدى الدقيقة والدقيقتين، وأن الرأي والموقف لا تغيره القرارات مهما كانت ملزمة ومهما نزل عندها الجميع، وهكذا في سابقة من نوعها يقمع الرأي والرأي الآخر والتداول الحر وإنضاجه العمومي بحجة تفويت الفرصة على المتربصين بالحزب وبالساعين لخلق صراعات وهمية بين أبنائه وقياداته، وكأن الحزب هش إلى هذه الدرجة أو أن مؤتمر الحزب شأن داخلي وليس وطني، ولا يهم غير الأعضاء في الحزب وليس غيرهم من المواطنين، أو أن كل مسؤولية المواطنين المساكين الطيبين المغفلين أن يمنحوا الحزب أصواتهم في الانتخابات على بياض ولا شأن لهم بشيء بعد ذلك، في هذه الأجواء والمرحلة الحرجة التي يمر بها الجميع يصرح الريسوني من زمان بتحديد عدد الولايات الانتدابية والانتخابية والبرلمانية والرئاسية

للجميع حتى تكبح شهوة الزعامة وتكون الهيئات هيئات مؤسسات ورؤى وقوانين لا هيئات أشخاص وميولات، وربما "كولسات" غير مشروعة، في حين صرح بنكيران أيضًا، ومنذ زمان، بأن قائد الفريق إذا وجد من لاعبيه أقواهم وأمهرهم فلماذا سيغيرهم وهم ناجحون، ترى من سيكسب الرهان التحديد أم التمديد؟ الريسوني أم بنكيران؟ السياسي الحزبي أم الحركي الدعوي؟، هذا الأمر الذي يرى فيه العديد من المحللين أنه جوهر الإشكال الحقيقي رغم كل مظاهر الأزمة الأخرى ورغم كل الاجتهادات التي حاولت تحديد العلاقة بين الحزب والحركة، من الوصل والفصل إلى الشراكة والتعاون ووحدة المشروع واستقلالية التنظيم إلى فصل الدعوي عن السياسي والعزل التام والتمايز الواضح بينهما، وكل هذا يبدو اليوم على المحك الحقيقي وتظهر مصارعه

للعيان ما دام كل الأفق الديمقراطي للحركيين والحزبيين على السواء، رغم تغير الظروف وتجدد المتطلبات، لا يتجاوز منتجاتهم السياسية المثالية وبعض مقولاتهم الإصلاحية المحنطة وعلى رأسها مسألة الفصل والوصل أو على الأصح الوصل رغم الفصل، وعنه تفرعت كل الأزمات الحالية وعلى رأسها مسألة تحديد عدد الولايات من تمديدها، ومسألة القيادة قبل الرؤية، ومسألة إعادة "المارد" إلى القمم بأي شكل من الأشكال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الريسوني وبنكيران من يكسب الرهان بين الريسوني وبنكيران من يكسب الرهان



GMT 15:14 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هذا ما أراده سلطان

GMT 03:05 2018 الجمعة ,20 إبريل / نيسان

​عبدالرحمن الأبنودي شاعر الغلابة

GMT 00:55 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

الموت كتكتيك أيدولوجيّ

GMT 19:58 2018 السبت ,03 آذار/ مارس

تغريدة آذار

GMT 20:10 2018 الأحد ,04 شباط / فبراير

فلسفة الموت

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني

GMT 22:11 2013 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الموسيقى المعاصرة على "راديو فرنسا" الأربعاء

GMT 03:26 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مجدي يعقوب يجري 3 عمليات "قلب مفتوح"

GMT 15:12 2013 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

جامعة عثمانية إحدى أبرز جامعات الهند وآسيا

GMT 18:29 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الجامعة الأميركية في الإمارات تنظم مؤتمرًا عن "الناتو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates