حقيقة الكذب 5

حقيقة الكذب (5)

حقيقة الكذب (5)

 صوت الإمارات -

حقيقة الكذب 5

آن الصافي

الظل الأزرق
بعض الكلمات الرنانة وكثير من الثقة بالنفس،إدعاء معرفة بواطن الأمور وخفاياها أياً كانت، صفات جيدة تليق بشخصية قيادية، هكذا أقنع نفسه. وهو يعدل وضع ربطة عنقه نظر إلى الحضور الملتفين حول الطاولة أمامه.  

قال وهو ينظر في أعينهم واحداً تلو الآخر،
النفاق داء خطير يهدم حياة الفرد والمجتمع، ابتدعت له مسمى، أما الكاذبون إلا وتأتي لحظة يتعرضون فيها للفضح وكشف سرائرهم ومكائدهم، وللمنافق علامات، منها على سبيل المثال وليس الحصر..الكذب، والغدر، والفجور، وخلف الوعد، والاستهزاء والسخرية، والتخذيل، والإرجاف، والاعتراض على أقدار الله، والوقوع في أعراض الناس، والإفساد في الأرض، ومخالفة الظاهر للباطن، والتخوف من الحوادث.

كان يقف بين كل جملة وأخرى ملتفتاً ليتمعن ظله على الحائط الأزرق خلفه، في صمت.

انتهت المحاضرة إنصرف الحضور. توجه إلى منزله منتشياً. بعد غفوة ساعة، نهض إلى الحمام غسل وجهه، ومرر أسنان المشط على شعر رأسه،ناظراً في المرآة، ابتسم. تأكد من أن الصبغ الأسود الذي استخدمه لأول مرة في حياته صباح اليوم جعله يبدو أصغر سناً. تلك الفتاة التي تعرف عليها مؤخراً جعلته يفعل كل شيء ليكسب رضاها ويبقيها قربه لأطول وقت ممكن. 

في مرآة بغرفة تقطنها ثلاثة فتيات. وقفت أمام المرآة تأكدت من أن المساحيق تغطي ندوب على خدها بشكل جيد، نظرت لعينيها الضيقتين، حارت ما عليه أن تفعله لتجعلهما أكثر إتساعا، مررت إبهام يدها الأيمن على أنفها الأفطس همهمت لنفسها بأن عمليات جراحية صغيرة ستغير ملامحها لتبدو أكثر جاذبية وجمالاً.  

عادة اللقاءآت الأولى بين الجنسين بنية التعارف لإنشاء علاقة، تكون مفعمة بكثير من الأحاديث البراقة، حتى يتأكد كل صائد من أن فريسته باقية خلف سياجه، محكماً عليها إغلاق أبواب التفكير في أي بديل، هكذا كان يؤمن كل واحد منهما على حده.

كلاهما أخفى حقائق عن نفسه قد تصدم الآخر، كلاهما عزف أنشودة الود بعذوبة  ليستكينا معاً بمسميات مثل الهوى والغرام...
بعد مرور قرابة العام أمضياها معاً...
هو...
لقد تمكنت من ايهامي أن المادة لا تعنيها، لأجدني أبتاع لها كل مستلزماتها لدرجة الاستنزاف.

لقد أوعزت لي بأن الذي بيننا علاقة يمكن أن ننهيها وقتما وجدنا ضررها أكثر من نفعها..لأجدني أنهيت علاقاتي بكل من حولي، وتستمر فقط علاقتي بها، وكثيراً ما شعرت بالحرج من عدم تواصلي مع معارفي وأصدقائي. 

كنت أراها بعيدة عني في مستوى الثقافة والفكر، لم أرها جميلة قط وعليه نويت أن أنهي علاقتي بها بعد أسابيع قلة دون ندم... لأجدها تحيطني بإهتمامها بكل تفاصيل حياتي فيصعب أمر استغنائي عنها مع مرور الوقت. اللحظة أجد جملة (أخرجي من حياتي!) صرخة مدوية في صدري أكبحها لأجل..ربما.
هي...

الرجل البخيل لا يجب أن يكون في حياتي، أختبرت كرمه وعلمت بأنه لا يوجد من ينافسني على جيبه... كل ما يحضره لي مهما كان بسيطاً أشعره بكبر قيمته لدي..هنيئاً لي.
فرق السن بيننا يجعلني أراه أب مثالي، يصب إهتمامه في حل مشاكلي بتفاني. بينما أجدني عاجزة عن فهم اشكاليات تتعلق بتفاصيل حياته مع أسرته وفي عمله.
من ناحية أخرى، أرآه صامتاً وشارداً بعيداً عني جل وقت تواجدنا معاً.لم استطع بعد فهم شخصيته!
النتيجة...
ربما تبادل مصالح لا نعلم حقيقة وجود الود التي من أجلها وبها تبنى العلاقات، هل ستستمر هذه العلاقة؟!
صوت هاتفه يرن بلا كلل وهو يحلق ذقنه مدندناً أغنية (إن مر يوم من غير رؤياك..) 
(إنتهى)
إخفاء الحقائق، لتحقيق أهداف بعينها هل يلغي العقل واتخاذ القرارات؟ لم الأستسلام لما نعي بأنه ينافي الحقيقة وينافي رغباتنا فنستسلم له في صمت؟!
هل هناك متعة في كل ذلك؟إن كانت الإجابة بنعم:  أهي لدى كل طرف ؟ بذات الدرجة؟
ماذا حين تسقط الأقنعة ويتطلب كل ذلك لحظة مواجهة؟ كيف تتم؟ ماهي الخطوات التي يجب اتباعها؟ هل هناك توقيت يحدد بدء المواجهة؟ هل للطرفين حق الإدلاء بأقوالهم؟ أم هناك طرف يتحدث والآخر عليه السمع والطاعة وإن كابد الألم يكتمه ويمضي؟!
الخلفية الثقافية لأطراف القصة تسهم في توضيح مسار السرد على يد الراوي من خلال الحوار والوصف. هناك دقة مطلوبة لنقل المشهد بتفاصيل تجعل القارئ حاضراً ومقتنعاً ببنية السرد والتي يجب أن يلمس موضوعيتها وخدمتها لفكرة النص. 
عزيزي القارئ، لو أكملت بقلمك مشهد ختامي للقصة القصيرة أعلاه، كيف توده أن يكون؟! أي منعطف يمكنك أن تغير به هذه القصة لتكون جديدة في تفاصيلها ومدهشة النهاية؟!
عبقرية المبدع تتجلى في أن يتقن صنع الدهشة في كل مفصل لعمله بحيث لا يترك للمتلقي فرصة للملل والقفز للخاتمة. كل ذلك آخذاً بأسباب ابتكار نص متكامل يصبح أيقونة/اسطورة لدى المتلقي ويُتحدث عنها فيما بعد بتفرد وتميز.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقيقة الكذب 5 حقيقة الكذب 5



GMT 23:22 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 20:35 2023 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

مجانية الالقاب على جسر المجاملة أهدر قدسية الكلمة

GMT 02:34 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

GMT 00:53 2021 الأربعاء ,19 أيار / مايو

”أعطنى مسرحًا أُعطِكَ شعبًا مثقفًا”

GMT 20:38 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

صندوق أسرار الزمن المعتّق

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates