بقلم :السيد بيومي
هل مازال أحد يذكر زجاجات الشربات؟ أعتقد أن البعض لازال يذكر الأفراح الشعبية والمناسبات، وقبل هجوم "الكانز" والعصير، كانت زجاجة شربات كافية لتحية نصف "المعازيم"، فقط ما عليك إلا أن تضعها على "حلة" مياة كبيرة، مع إضافة بعض السكر إن كنت كريمًا.
لا أعرف لماذا تذكرت هذه الصورة عندما قرر الحاكم بأمره في "دولة الفيفا"، إنفانتينو، زيادة عدد منتخبات كأس العالم إلى 48 دولة، وكأنه يريد أن يسكب زجاجة شربات حمراء صغيرة على نهرٍ جارٍ، وساعتها لن يتلون النهر، ولن نجد شربات، فلا نكون حصلنا على نهر لونه أحمر، ولا نتذوق حلاوة الشربات.
نعم، هناك آمال للبعض في أن نلعب في كأس العالم، ولكن كيف سيكون حال الحالمين إذا كانت البطولة مثلاً في أقاصي الكرة الأرضية، وتصعد لتلعب مباراة أو مباراتين وتودع البطولة بعد أسبوع من سفرك.
"إنفانتينو" "ذبح القطة" للجميع منذ يومه الأول، ونجح في أول اختبار، سواء بالإقناع أو بالإغراء، المهم أنه نجح فيما دعا إليه، وجاب أنحاء المعمورة ليروج له. إذن نحن أمام تجربة "بلاترية" جديدة، فسلفه "بلاتر" قال، عند قدومه، إن الكرة في عصر "هافيلانج" عانت من الجمود، وأنه يسعى إلى تحريرها، ويبدو أن سقف الحرية عنده لم يكن له حدود، فانتهى به إلى الفساد المالي والأخلاقي، مما أدى به إلى ما هو عليه الآن.
"إنفانتينو" يراهن على نزاهته وقراراته الإصلاحية داخل بيت "الفيفا"، لكن، وفي رأيي المتواضع، فإن هذا القرار سيكون وبالاً على الكرة، ولن تسانده القوى الكبرى في كرة القدم، وسمعنا ردودا فورية من ألمانيا وإسبانيا وإنجلترا، ولا يمكن بأي حال أن نغفل هذه الأصوات، لأنها إن غضبت فستقلب السحر على الساحر، وقد ينتهى الأمر إلى أن نجد مونديالاً بفرق مثل مدغشقر وماكاو وليشتنشتاين.
الأفارقة هللوا، ورئيس الاتحاد الآسيوي أيد القرار، ولكن ألا يعلم هؤلاء أن البطولة الكبرى في العالم ستفقد بريقها مع الوقت، وتنتهى لتكون بطولة بروتوكولية، لا تسمن ولاتغني من جوع، مثلما بدأ يحدث في بطولات آسيا، والنتائج القياسية للمباريات، على غرار (15-0) و(20-1)، وهكذا، كما بدأ الاوروبيون يشعرون بقلق بالغ بسبب خطط تغيير أمم أوروبا.
يا سادة المونديال دائمًا للكبار فقط، واللعب يكون للأقوى والأجدر بالتأهل، إذا أردتم أن تخدموا المنتخبات الأفريقية عدلوا طريقة التأهل، واجعلوها أكثر عدلاً، وإذا أردتم إفادة الكرة الآسيوية أعطوهم ربع المقعد الذي يجرون خلفه، فقط لا تعبثوا بالبطولة التى تعد أقصى طموح لاعبي الكرة.
كرة القدم تتحول يومًا بعد يوم إلى "كشك" لبيع السلع المستوردة والبضائع المهربة، يكفي عبثًا من الرعاة، حرروها من سيطرة أباطرة رأس المال، أعيدوا لنا كرة "بيليه" و"مارادونا" و"كابتن لطيف".