أسود استثنائيون

أسود استثنائيون

أسود استثنائيون

 صوت الإمارات -

أسود استثنائيون

بقلم : محمد فؤاد

إن كان الجمهور البيضاوي خاصة والجمهور المغربي قد شكل الاستثناء بمركب محمد الخامس إسوة بذات الصورة التي طبعها بمركب الأمير مولاي عبد الله في مباراة مالي، فالاستثناء الأكبر كان لرجال الرقعة وأسود الأطلس الذي أمتعوا مقامة الغابون بكل الألوان وأحاطوا الأمسية بشراسة الرجال ورغبة الفوز وشمولية السخاء الذي لم نعهده منذ مباراة الجزائر التاريخية مع إريك غيرتس وبالرباعية الشهيرة بمراكش.

وأن يفوز الأسود بهذه الطريقة الهلامية عبر تفاصيل حكايات الضياع المهولة لنقاط المجموعة والشكوك المحيطة بمصير الأسود في مباراة الغابون شبه المصيرية، فهو من باب الدعوة القائمة وبدرجات السمو بين ملعب وآخر علما أن جمهور البيضاء ذواق ويموت في حب الكرة ويموت على منتخب بلاده ويريد من الأسود رفع درجة هذا الحب القائم أيضا من نفاذ التذاكر شريطة الفوز وبأي ثمن دون النظر في الأداء، إلا أن شموخ الأسد المغربي لم يبخل ولو دقيقة في إمتاع هذا الجمهور وكل ربوع المملكة، ولم تتوقف تكشيرات أنيابه طيلة تفاصيل المباراة معبئا برغبة التفوق، ومشحونا بدعم الجمهور ومحصنا بالمعلومة التقنية والتكتيكية والطريقة التي تقتل حركية هذا الرعد الغابوني، وإن كانت الفوارق الحيوانية طبعا بادية بين فهود تخاف أصلا من الأسود في البراري، ولكن في الكرة ليست المنتخبات حيوانية، ولكنها تحمل هذه الكنية لطريقة اللعب وقدرات لاعبيها على تجسيد شراسة الفهد ومملكة الأسد، وأمسية السبت حكت لنا قصة أسود استثنائيون صاحوا وجالوا وعاثوا في عرين الفهود كيفما شاءوا وأخرجوهم من كل الحسابات، ووضعت الساحر الملكي الأبيض كماتشو في خندق الباحثين عن مجد آخر دون المغرب.

قلت أن روائع أسود الأطلس قدمت الدليل اليوم على أنها من أشرس المنتخبات لو كانت مكتملة الصفوف إبان كأس إفريقيا الأخيرة وحرام أن لا يفوز هذا الجيل بالكأس القارية وهو يلعب اليوم كرة نموذجية بكل معايير الكرة الملكية والبارصاوية. ولست بالمبالغ إن قلت أنني ما كنت أنتظر مطلقا هذا الشكل من الإمتاع العالمي للمنتخب المغربي كونه سطر الليلة بكل أشكال الحوافز المقدمة إليه ذهنيا وبدنيا ونفسيا ومساندة، ولم أكن أعتقد أن الأسود سيفوزون بهذا الشكل الذي فاق توقعات مباراة مالي حتى ولو كانت بالسداسية، لأن الفوز على الغابون بالثلاثية وكادت تكون مدوية ، هو فوز عميق بكل الدلائل التي قدمها الرجال داخل الرقعة دون أن يتقاعسوا لفترة طويلة إلى حد الملل ، بل وكنت عند الدقيقة 75 بسيولها الخرافية المغربية أشعر وأن الجمهور قد استبشر خيرا بما يراه على أرض الواقع  ولا يريد أن ينهي المباراة على إيقاع التراجع، وهذه المزية  الفنية إنما هي من صنع التنافسية المطلقة والبداية المتوهجة لنجوم المغرب والتحضير الجيد للبطولات الأوروبية التي نتابعها عن قرب والحكايات التي تجعل من كل محترف علامة مميزة كل أسبوع، وهذا هو واقع الأشياء موازاة مع التحضير النفسي والذهني للمباراة بفكر الداهية رونار الذي أعتبره شخصيا العلامة الأولى لهذا الفوز الكبير كونه هو من اختار الكوموندو، وهو من قرأ الخصم، وهو من عرف كيف يقزمه بنجمه أوباميانغ، وهو من سطر لجمهور البيضاء متعة كروية مغامر فيها، ولكنه نجح في قراءتها التكتيكية وأعاد للفريق الوطني بريق المدرسة المبنية على اللعب القصير والمهارة العالية والمؤازرة والمساندة داخل الرقعة وصلابة الاحترافية في التعامل مع الخصم عبر مواقع مناطقه وعبوره.

وأعتقد أن رونار شكل الاستثناء الخالص لأنه صاح في كثير من المواقف وبح حلقومه لدرجة ارتفاع الضغط في أي لحظة شاهدنا فيها صياحه أثناء ضياع الكرة والفرصة. وهي نقطة هامة لابد وأن نعطيها حقها للرجل كونه قدم لنا واحدة من أروع مباريات الأسود.

ويأتي الشق الثاني من الشطط الكروي الذي قدمه الأسود من البداية إلى النهاية وعبر قنوات كل المبدعين الذي هشموا تكتيك كماتشو ووضعوا نجوم الغابون في عزلة تامة، فلا أوباميانغ نجح في خلخلة الدفاع ولا وسط الغابون الناري زعزع كل القنوات، ولا أحد تمكن من اختبار الحارس المحمدي لكون المايسترو بنعطية وضع أوباميانغ في زنزانة الرصد وتمكنت الأظهرة من إسقاط لغة الخوف وسطرت جملا كبيرة في الغطرسة الهجومية، وشاء لبهندة أن يلعب واحدة من أجمل مبارياته لأنه تحصن بالتعليمات، وساد وجال الأحمدي وبوصوفة بالمداورة والتناوب على الأدوار، وأحاط زياش بكل المهارات رغم أنه لم يكن مشعا بالتمريرات الحاسمة، ولكن شخصيات الهجوم قدمت الدليل والنجاعة التي أوصلت بوطيب إلى الموائد الثلاث رغم أن أمرابط قدم واحدة من أجمل مبارياته دون أن يتمكن من التسجيل، ولكنه شكل الرعب  المفترض أن يقدمه بالكوت ديفوار رفقة زئير الأسود الآخرين في ملحمة الأدغال المرتقبة.

شكرا لكم يا أسود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسود استثنائيون أسود استثنائيون



GMT 20:24 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

اللاعب الذي لا يعوّض ..

GMT 04:39 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 00:58 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

قراءة في قرار اللجنة التحضيرية

GMT 19:55 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبخوت.. لا يكفي! ..

GMT 04:04 2018 الأحد ,04 شباط / فبراير

الضحيتان

GMT 00:10 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 صوت الإمارات - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 00:01 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 صوت الإمارات - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 21:45 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 09:30 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

تسريحة الكعكة الناعمة تُعطيك إطلالة جميلة داخل منزلك

GMT 05:42 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المنامة يواصل صفقاته ويتعاقد مع سلمان عيسى

GMT 12:56 2014 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

متفرقات الأحد

GMT 07:24 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الوحدة يشارك بـ 3 زوارق في بطولة العالم للفورمولا 1

GMT 19:50 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

النجم هاني شاكر يدعو لإيمان البحر درويش بالشفاء العاجل

GMT 05:27 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عطوي يفاضل بين 3 أندية للانضمام اليها في الموسم المقبل

GMT 10:17 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة الإسكان تبدأ تنفيذ "المليون وحدة" ٢٠ نوفمبر

GMT 17:49 2013 الجمعة ,22 آذار/ مارس

"سمراويت" رواية أريتريا المجهولة

GMT 14:11 2014 الإثنين ,01 أيلول / سبتمبر

أناقة التنورة مرهونة بطولها المناسب

GMT 18:39 2021 الثلاثاء ,13 إبريل / نيسان

سكودا تكشف سعر أيقونتها الكهربائية "Enyaq iV"

GMT 05:51 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

أفكار رائعة لتصميم غرف السفرة

GMT 20:11 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جو كايسر يؤكّد استعداد الشركة لمساندة لبنان

GMT 01:07 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

"أوتوماك فورميلا 2018" طرح فورد كوجا ST
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates