بقلم : محمود الربيعي
إذا تجاوزنا وعزفنا أنشودة النصر قبل اللقاء، فسامحنا! إذا أقمنا سرادقات الفرح قبل "الملكة"، فسامحنا! إذا أوقفناك على منصة التتويج، وأحطنا أعناقك بالذهب قبل أن تلعب فسامحنا! فنحن المشتاقون للفرح، ونحن المترقبون للحظة هجرتنا منذ سنين، نحن المشتاقون للقب كبير، يعيد لنا التوازن، ويعيد لنا هويتنا الرياضية، ويعيد ثقتنا، التي أصبحت على المحك!
من أجل ذلك لا تلُمنا يا زعيم، فما زالت أيام المجد الآسيوي في خاطرنا، ما زال العام 2003 هو أروع أيامنا، يوم أن فرح الناس مثلما لم يفرحوا من قبل، يوم أن قال ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد: "لم أكن أعرف أن الفوز الرياضي يفعل كل ذلك في الناس، يسعدهم لهذه الدرجة".نحن نعرف أنها كرة قدم، ولأنها كذلك فهي مفتوحة على كل الاحتمالات، نحن نعرف من الآن أنها ستكون فرحة لا تعادلها فرحة إذا فزت، لكننا نعرف أيضًا، أننا لن نغضب منك إذا ذهبت لمنافسك، لا قدر الله.
نحن نعرف قيمة منافسك، فهو من حيث النتائج الآسيوية يأتي بعد الهلال السعودي، ونعرف أنه استطاع أن يقلب خسارته بهدف إلى فوز بهدفين في مباراة الذهاب، لكننا نعرف أيضاً، أنك بشخصية البطل، وبخبرة السنين في المعترك الآسيوي الصعب، جعلت الناس تعتقد أنه فريق سهل المنال، فلم يكن سهلاً أن تتقدم بهدف هناك في عز الأجواء الملبدة بالغيوم، غيوم الطبيعة وغيوم البشر، لم يكن سهلاً أن تفرض إيقاعك في مباراة نهائية على ملعب منافس صعب المراس، ونعترف أنه نجح في قلب النتيجة وفاز، لكنك نجحت مثله وربما أكثر يوم أن سجلت ووضعت "مسماراً في نعش البطولة"، وهو الهدف الذي يؤرقهم ويعذبهم ويشككهم.
أنت تستطيع، نقولها ونعنيها، أنت تستطيع، ونحن صادقون فيها هذه المرة، أنت تستطيع، فما زالت القارة كلها وليس الإمارات فحسب تعرف أنك البطل الأول لدوري أبطال آسيا، ما زالت القارة كلها تعرف أنك لم تتراجع، فما زلت زعيماً في الداخل، ورقماً صعباً في الخارج، فالعين اسم كبير في كرة القدم، تشونبوك الكوري يعرف ذلك جيداً، ويعرف أن مقارعتك على ملعبك أمر خطر، يعرف أن الداخل مولود والخارج مفقود!.
العين اسم كبير، بنى اسمه على مدار السنين، لم يعد في إمكانه أن يفرط، لم يعد في إمكانه أن يتنازل عن بطولة في دقائقها الأخيرة، لم يعد في مقدوره أن يرفض التتويج، ولم يتبق ولن يتبقى سوى 90 دقيقة فقط!
كلمات أخيرة
الشجاعة، ليست فتحة صدر، وليست اندفاعاً بلا رقيب نحو مرمى الفريق المنافس، الشجاعة قرار، إرادة، ثقة، خبرة، شخصية!
هكذا كان حال الزعيم هناك، ومن أجل ذلك قلنا وما زلنا نقول: إن الألقاب الكبيرة لا ينالها إلا الشجعان!
قالوا: نخشى من الضغوط، ضغوط الملعب، ومشهد الجماهير، واقتراب اللقب، وقلنا نعم، معكم الحق، لكن المتمرسين تعودوا، وهذا ما نسميه بالخبرات المتراكمة، التي تهزم الضغوط، ومن دونها لا تأتي البطولات!
فريق يذوب عشقًا في ناديه ومدينته ووطنه، ومدرب قدوة في خلقه وعلمه، يلعب بطريقة المهاجم الخفي، ويعطي الحرية لعموري، لا تخافوا عليه.. فقط أدعوا له بالتوفيق.