مونديال 2026 والفيتو الأمريكي

مونديال 2026 والفيتو الأمريكي؟

مونديال 2026 والفيتو الأمريكي؟

 صوت الإمارات -

مونديال 2026 والفيتو الأمريكي

بقلم: بدر الدين الإدريسي

لن يقنعني أحد، حتى جياني إينفانتينو نفسه، بأن الفيفا تنظفت من كل الذي علق بها لعقود من أوساخ الفضائح ومن رذائل كروية، أنتجت غابة من الفساد، فالشفافية التي يقول إينفانتينو أنها من فرائض ولايته على رأس الفيفا، تبدو إلى الآن مجرد نوبة، وما جزم به إينفانتينو من أن كرة القدم ستضع جدارا واقيا يحميها من أمواج السياسة الصاخبة، يظهر اليوم وكأنه كذب على النفس بل وضحك على الذقون، فلم تكن السياسة ضالعة ومتغلغلة في المشهد الكروي العالمي وفي القرارات الكبرى لمؤسسة الفيفا، أكثر ما هي اليوم، والسباق نحو تنظيم نهائيات كأس العالم 2026 يعطينا الدليل على ذلك، الدليل على أن الولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لفرض حق الفيتو في تركيع الدول الصغيرة وحتى النامية كلما شعرت بأن مصالحها الكروية مهددة، وبحسب رئيسها دونالد ترامب، الذي يجسد العنجهية في أبلغ صورها، فإن مجرد وقوف المغرب وجها لوجه مع الولايات المتحدة الأمريكية يعتبر تطاولا.

قبل ثلاثين سنة، منذ الزمن الذي بحثت فيه الولايات المتحدة الأمريكية عن تنظيم المونديال لأول مرة في تاريخها، أملا في جذب الأمريكيين للسوكر وهم الذين يضعون في مرتبة القداسة رياضات مثل، البيسبول وكرة السلة والغولف، كانت الولايات المتحدة بغاية الأدب والتعفف، لكنها بعد ذلك ستبدأ مشروع أمركنة الفيفا، باعتبارها مؤسسة كونية، من غير المستصاغ أن تظل خارج رادارات المقاربة الجيو سياسية.

ومع ما أبداه بلاتر من مقاومة لعدم الإنصياع لإرادة الأمريكيين، فإنه بمجرد الإعلان عن روسيا منظمة لمونديال 2018 وقطر مستضيفة لمونديال 2022، وما ترتب عنه من هزيمة مريعة للولايات المتحدة الأمريكية أمام قوى معادية وأمام دولة صغيرة، ستبدأ في الكواليس حرب باردة سخرت فيها كل وسائل التنصت والتخابر والإيقاع برجال بلاتر، إنتهت بتفجير الكثير من قضايا الفساد التي سيؤدي ثمنها غاليا من كانوا مقاومين للمد الأمريكي، وقد هللنا وقتها أن العدالة تحققت وأن عهدا جديدا سيبدأ، بينما الحقيقة أن أمريكا انتقمت لكبريائها المجروح.
اليوم وقد هبط من سدة الحكم بلاتر، وتطهرت الفيفا ممن وصفوا بصناع الفساد وتجملت أروقتها ونصوصها الإجرائية الجديدة، المنبعثة من ثورة التطهير، بالكثير من العبارات الدالة على أنها أزالت من على كل منصاتها القيادات الفاسدة، اليوم وإينفانتينو يدعي أن الشفافية في صناعة القرارات الكبرى، وفي مقدمتها نظام تعيين البلد المستضيف لكأس العالم، نسمع بإنزال قوي لخبراء جيو سياسيين في مجال الرياضة، ونسمع حديثا عن مغانم مالية ستغنمها الفيفا إن منحت الولايات المتحدة الأمريكية وشريكيها كندا والمكسيك تنظيم كأس العالم 2026، ونسمع رئيس أكبر قوة عالمية يهدد كل من فكروا في التصويت للمغرب بالمثل، والمثل هنا هو ضرب المصالح الإقتصادية ورفع الحماية وتغيير أسلوب الحوار، ما لا يتطابق مع القيم الجديدة التي نناضل جميعا في أجلها في المشهد الكروي العالمي، قيم العدالة والمساواة ورفض كل ما له علاقة بالتمييز أيا كان نوعه وجنسه.
إن كل ما استحدثته الفيفا وما رمت به من إجراءات أشبه ما تكون بقشور الموز، لم تكن الغاية منه سوى ترهيب المغرب ولربما ثنيه على الخروج من السابق، وإخلاء الطريق لكي يصل الأمريكيون إلى مبتغاهم من دون حاجة للمقايسة، والحقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود الملف الأمريكي الشمالي فلسفة وعمقا، لا يقف طموحها عند كسب رهان تنظيم كأس العالم 2026، بل يتعداه إلى جعل الحصول على شرف التنظيم ميسرا من دون حتى الوصول لتصويت الجامعات 207 خلال كونغريس الفيفا يوم 13 يونيو القادم، فأمريكا التي تجسد الغطرسة في أقوى مظاهرها لم تعد تقبل بسماع دول تصوت ضدها، لأنها تسيس عملية التصويت هذه ولا تريدها أن تكون قائمة على الروح الرياضية وعلى ثقافة كرة القدم التي لا يمكن أن يكون المال هو محركها الوحيد. 

أعرف ما يواجهه المغرب من تحديات ومن صعاب وهو يسعى لتحقيق حلمه الجميل بكل الوسائل النظيفة المتاحة، أعرف ما يعانيه من أجل حشد التأييد لملفه القائم على ثقافة الشغف وحب كرة القدم، وأعرف ما تضج به الكواليس في الفيفا وفي كل بؤر التحكم في مصير الإنسانية، من تخطيطات وترتيبات، لكي تتعبد طريق الأمريكيين لتنظيم المونديال يتفادون ضربة أخرى تقصم لهم الظهر، لذلك وجب أن نظل متماسكين وموقنين أن لنا حظوظا يجب أن ندافع عنها لآخر رمق بلا وهن ولا كلل. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مونديال 2026 والفيتو الأمريكي مونديال 2026 والفيتو الأمريكي



GMT 01:36 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إعلام بلا أخلاق !!

GMT 01:34 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 21:39 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعلام هو الخاسر الأكبر!!

GMT 20:44 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

وداعا صديقي العزيز

GMT 01:14 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

منتهى الغطرسة..

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates