بقلم : محمد البادع
لم نكن يوماً بهذا الشكل الذي نراه.. لم تكن مدرجاتنا ساحات للنزال ولا للشحناء.. في كل الظروف، كانت الأمور تحت السيطرة، وكان أقصى ما بين الجماهير من هذا اللون البريء الذي تحتاج إليه الملاعب لتدب الحماسة فيها، أما ما نراه اليوم، فهو لعب بالنار، تشارك فيه كل الأطراف، وآخرها الجماهير التي تتأثر بما يكتبه المسؤولون والإداريون الذين - مع الأسف- يسكبون الزيت على النار، وقلما تجد بينهم رجلاً رشيداً، ينظر لما هو أبعد من تحت قدميه.. الكل يريد مصلحته وفقط، ولتذهب المصلحة العامة إلى حيث تذهب.
شهد دورينا في الفترة الأخيرة، عدداً من الأحداث المؤسفة، وصلت إلى حد التشكيك في وطنية نادٍ، وشهد ملعب آخر معركة شبه ضارية بين فريقين، ووسط هذا وذاك، تقف مذهولاً بما يحدث، تتساءل في غصة ومرارة: أهذا ما نريده من الكرة.. إلى هذه الدرجة وصل بنا الحال، وما الذي بإمكاننا أن ننتظره لو تطورت الأمور وجاوزت هذا المدى؟
أكبر أزمة ألا نتفق على الأخطاء الواضحة.. أن تختفي المعايير وتذوب الحدود الفاصلة بين الصواب والخطأ، ولا يصبح بإمكانك التمييز بينهما..
يحدث ذلك، حين تعلو المصلحة الخاصة فوق أي اعتبار.. حين يتحول الجميع إلى ذئاب مع اشتداد المنافسة، فيريد كل طرف أن ينهش الآخر، غير عابئ بقواعد ولا قيم حاكمة، ولا يعنيه سوى نفسه، وليبتلع الطوفان من يبتلع بعد ذلك.
كتبت هنا كثيراً عن حاجتنا إلى عقلاء، وأننا شركاء ولسنا فرقاء، وأنه على كل طرف، سواء المسؤول أو الإداري أو اللاعب أو المدرب أو الإعلامي، أن يدرك واجبه، وأنه ليس منوطاً فقط بالدفاع عن مصلحته، سواء كانت صواباً أو خطأ، وإنما عليه أن ينتصر للحق فقط، لأن ذلك وحده هو السبيل للحفاظ على كل المكتسبات التي حققناها.. ذلك هو السبيل لتستمر المنظومة، ولكن ما يحدث غريب عنا تماماً وينذر بعواقب وخيمة، إن تركنا الأمور على حالها، فالمشاحنات بين الجماهير وصلت ذروتها، والسكوت عليها من أي طرف يعني أنه راضٍ عنها أو شريك فيها.. من يرضيه ما يحدث لا يريد الخير قطعاً لكرة ورياضة الإمارات.
أنا لست في معرض الحديث عن نادٍ بعينه، ولكن العدوى تمتد من ملعب إلى ملعب، ومن فئة إلى فئة، وتصاعدها بهذا الشكل المخيف، يدعونا جميعاً للتصدي لها، إنْ كنا نريد الخير لدورينا ولرياضتنا، فهذا التشكيك وتلك الحسابات الشائكة، ليست في مصلحة أحد، واللعب بالنار قد يحرق الجميع، حتى من أشعلوها.
كلمة أخيرة:
العواصف حين تأتي لا تستثني أحداً.. والنار لا تعرف من أشعلها