بقلم : عمرو عزام
"قال لي زيدان إنني أمتلك أفضل قدم يسرى رآها منذ ميسي"، هكذا صرح ماركو أسينسيو، لاعب ريال مدريد الموهوب، من قبل، في إحدى المقابلات مع إذاعة "كادينا كوبي" الإسبانية.
حينما يرى الأسطورة الكروية زين الدين زيدان، أن أسينسيو يمتلك قدمًا يسرى تشبه - في دقة التمرير والتصويب - القدم اليسرى لنجم برشلونة والأرجنتين ليونيل ميسي، فنحن بالقطع أمام موهبة تستحق أن نسلّط الضوء عليها، وأن نتابعها ونرصد مراحل تطورها، وأيضا حينما يقول "زيزو" مثل هذه الكلمات، فهو يؤمن إيمانًا راسخًا بموهبة هذا الشاب.
أطلق أسينسيو شرارة البداية بالقميص الملكي، كأفضل ما يكون، فحينها وقف ملعب ليركندال بمدينة تروندهايم النرويغية، شاهدًا، على قذيفة رائعة بقدم ماركو اليسرى، سكنت المقص الأيمن لحارس إشبيلية سيرخيو ريكو، في مباراة كأس السوبر الأوروبي 2016، والتي فاز بها الملكي (3-2).
وخاض بعدها الموهوب الإسباني موسمًا متأرجحًا بين التألق والغياب، والهبوط والصعود، ولكنه عاد وكتب كلمة النهاية - بيسراه أيضا - في نهائي دوري أبطال أوروبا، أمام يوفنتوس، وفي شباك المخضرم غانلويغي بوفون، ليؤكد على أنه لاعب من طينة الكبار.
وفي بداية الموسم الحالي، ازداد أسينسيو توهجًا، حينما أطبق الصمت على ملعب "كامب نو"، بتسديدة محكمة، عجز تير شتيجن عن التعامل معها، وأحرز الهدف الثالث في مرمى الغريم برشلونة، في "كلاسيكو" الذهاب بالسوبر الإسباني، ثم عاد وكرر فعلته بتسديدة أكثر روعة في كلاسيكو الإياب، على ملعب "سنتياغو برنابيو".
منذ هذا التوقيت، وبعد موجة من الأخبار والتقارير الصحافية التي تحدثت حول سعي عمالقة أوروبا لخطف أسينسيو من ريال مدريد، وأحاديث أخرى مطولة حول قيمة الشرط الجزائي في عقده، بدأ بريق اللاعب في الخفوت شيئا فشيء.
هذه هي المعضلة الأساسية في تطور أسينسيو، وأكبر تحدٍ يواجه اللاعب الموهوب، فهو يتألق تارة، ويختفي تارة أخرى، يصول ويجول ويمرر ويسدد ويراوغ في مباراة، ثم تشعر وكأنه شبح غير مرئي في المباراة التالية، وهذا ما شكل لغزا لدى مدربه زيدان، الذي اضطر في فترات كثير لإعادته إلى مقاعد البدلاء.
موهبة أسينسيو تحتاج لطفرة على مستوى الشخصية الكروية والعقلية داخل الملعب، فهو يملك الإمكانيات التي تؤهله ليكون مستقبل النادي الملكي، ولكنه يبخل في إظهارها، يعطينا فقط جرعات قليلة من حين إلى آخر لا تسمن ولا تغني من جوع، على أسينسيو أن يفرض موهبته ويجبر الجميع على احترامها، وأن يؤهل نفسه لمنافسة أي نجم بالفريق على مكانه بالتشكيلة، وألا ينتظر إصابة هذا أو هبوط مستوى ذاك، ليحظى بفرصة اللعب.
هاجم قطاع كبير من الجماهير المدريدية، زيدان، بسبب عدم اعتماده على أسينسيو في كثير من الأحيان، لكني أرى أن المدرب أعطاه الفرصة كثيرًا، ولكنه رفض استغلالها كثيرًا أيضًا، وليس ممكنًا أن يدفع به زيدان أساسيًا وهو يعيش حالة تذبذب المستوى هذه، لأن بكل بساطة، اللاعب الأكثر جاهزية دائما يكون الأولى بالمشاركة.
في الأسبوعين الماضيين، أسينسيو أكثر جاهزية، لذلك يدفع به زيدان في تشكيلته، أتمنى أن يستغل الفرصة جيدا هذه المرة، وأن يبرهن على تشبيه يسراه بالقدم الأسطورية لميسي، فهذه مكانة عظيمة لو تعلم يا ماركو!