بقلم: حسن البصري
افتتحت القمة الرياضية العربية في مصر على إيقاع الاحتجاجات، وتبيّن أنّه لا فرق بين قمة سياسية يحضرها الملوك والرؤساء وبين قمة كروية تحضرها الفرق العربية. في عز الشقاق والنفاق العربيين انطلقت البطولة العربية للأندية، وظل مذيع إذاعة ملعب القاهرة الدولي يصر على أن الكرة قادرة على علاج الأورام التي خلفتها السياسة، وحين دارت الكرة حول نفسها وتلقى فريقه الأهلي هدفًا من الفيصلي الأردني، وجه لومًا للتحكيم وقال إن أزمة العرب هي أزمة حكّام الشرط.
على غرار القمم السياسية، فقد حلّ الأمير تركي بن خالد بالمغرب حاملًا دعوة لرئيس الاتحاد المغربي من أجل حضور الدورة العربية، قال الأمير لمساعديه:
اكتبوا إلى كل أصحاب الفخامة رؤساء الاتحادات العربية، وجهوا لهم دعوات مكتوبة بالعطر الصيني، ومعها نسخة من كلمات الافتتاح والاختتام، وبطاقة عشاء في عبارة على النيل توقع فيها الاتفاقيات وترقص الراقصات العربيات على وحدة ونص.
في أول يوم تبين أن بعض أصحاب الفخامة رؤساء الأندية العربية، لا يطيقون زحمة القاهرة وصخب الإسكندرية، فحجزوا أجنحة في منتجع شرم الشيخ وقرروا متابعة الدورة بأجساد شبه عارية، بينما اختارت الباقيات الصالحات الإقامة في شقق مفروشة بعيدًا عن عيون الصحافيين.
في أول يوم أعلن الأهلي المصري “الفيتو” على القمة العربية، ورفض المشاركة خوفًا من إجهاد لاعبيه، وقدم مدربه حسام البدري تقريرًا أشبه بـ”سكانير” يقول فيه إن الحالة البدنية للاعبيه غير مستقرة، مشيرًا إلى أن اللاعب أحمد الشيخ دخل للتو قفص الزوجية، وهو في فترة نقاهة عسلية، والمغربي أزارو لم يصل حتى الآن لقمة مستواه البدني. لكن مدرب الأهلي أُجبر على المشاركة في الدورة العربية لأسباب سياسية.
ولأن الرياضة تقتات من السياسة، فقد أعلنت اللجنة المنظمة إبعاد وسائل الإعلام القطرية من التظاهرة، وطردت حكمًا قطريًا دوليًا حمل صفارته وقصد أرض الكنانة أملًا في تكسير الحصار العربي ولو براية وصفارة، كما منع الفريق القطري من حضور البطولة لدواع سياسية.
قبل انطلاق التظاهرة عاشت القاهرة أزمة تذاكر مباريات البطولة العربية للأندية، وفشل اتحاد الكرة المصري، في تنفيذ وعوده، بالحصول على موافقة القيادة الأمنية على حضور جماهيري، قال اللواء:
30 ألف متفرج في مباراة كرة، لالالا هذا كثير، خلاص خليها 5 آلاف مشجع.
وقبل صافرة البداية أعلنت رابطة ألتراس الأهلي المصري، مقاطعة مباريات البطولة العربية، في ظل رفض الأمن طرح تذاكر للبيع، وأصر على أن تكون المباراة الافتتاحية مغلقة، على غرار الجلسات الافتتاحية للقمم العربية.
بلغت العشوائية ذروتها، بعد الاتفاق مع المطرب المصري حكيم، على تقديم أغنية في الحفل الافتتاحي، طبعًا أمام المدرجات الفارغة، لكن مسؤولًا عربيًا اعترض وأصر على حضور مطربة في قمة لياقتها البدنية.
في هذه التظاهرة، التي عادت بعد أربع سنوات من الغياب، تبين أن مقولة “اتفق العرب على ألا يتفقوا” لازالت سارية المفعول، لكن حين رددها أحد الزملاء المصريين على “العواء مباشرة” تصدى له المشاهدون، وقالوا في مداخلاتهم الهاتفية:
لا مش الملك فيصل اللى قال الكلام ده هذا قول الشيخ محمد عبده
لا جمال الدين الأفغاني هو صاحب هذه الحكمة.
لا الكلام لابن خلدون في مقدمته.
وقال مغترب مصري: ذي أكثر جملة بكرهها
وتبين مع مرور الوقت أن المتدخلين تناسوا موضوع الحلقة الرياضة والدورة العربية وحظوظ الأندية، وشرعوا في تحليل الوضع العربي، وهو أكبر دليل على أنهم لن يتفقوا. لأنه على قدر الهمم تأتي القمم.