وداد الأساطير

وداد الأساطير

وداد الأساطير

 صوت الإمارات -

وداد الأساطير

بقلم: بدرالدين الادريسي

 في السراديب والأنفاق، وفي كل الدروب الموحشة والمعتمة، مشى فرسان الوداد يبحثون عن قبس من نور، ليضيئوا ما حولهم وليطلعوا علينا بتلك الشقائق النعمانية المبهرة، فحتما كان الوصول إلى المباراة النهائية لعصبة الأبطال الإفريقية يحتاج لمحاكاة الأساطير وللنسج على منوال الملاحم والإليادات وللتأسي بكل الخوارق التي تأتي أحيانا بالمستحيل.

كنت أعرف أن بالوداد تلك النفحة الأسطورية التي تهبها القدرة على فعل العجب العجاب، وكنت أدرك أن بلاعبي الوداد نزعة ذهنية لا تقاوم لكتابة التاريخ، وكنت جازما في الإعتقاد على أن الوداد الذي نشاهد على المسرح الإفريقي لا يقاس أبدا بالوداد الذي يحتبس في فضاءات البطولة الإحترافية ويختنق في بيئة كأس العرش، لذلك كنت قاطعا في الجزم باختلاف السياقات وفي رفض ما يأتي به البعض من مقارنات وقياسات، إلا أن الذي كان يلهمني بهذه الثقة الجارفة في قدرة الوداد على تحريك صخرة إيزيس بالصبر والجلد، هو هذا الجمهور الذي متى كانت الحاجة ماسة إليه لإنهاء المخاضات العسيرة والمساعدة على انبلاج ضوء الفرح، إلا وفعل ذلك بشكل يفوق كل وصف.

لقد قلت في زاوية العدد الماضي وأنا أصدر، مؤمنا بمقدرات الوداد لا عرافا ولا قارئا للفناجين، التفاؤل بقدرة الوداد على الوصول لنهائي عصبة الأبطال الإفريقية كخطوة عملاقة نحو تحقيق لقب أمجد الكؤوس الذي يضمن الدخول رأسا لمونديال الأندية، أن جمهور الوداد هو من ستكون له الكلمة العليا، صحيح أنني لا أهمش الأدوار البطولية التي لعبتها روح المجموعة لتحسم على أرضية الملعب صداما كرويا عنيفا وضاريا، ولا أنكر على الطاقم التقني ما أبدعه من سيناريوهات لتدبير النزال الخطير بخاصة في فترات حرجة، إلا أنني أكبر في جمهور الوداد ما أتى به في تلك الأمسية بالذات، لقد استوطن كل تفاصيل المباراة، بل هو من حدد سرعة واتجاه الرياح وإيقاع الأمواج لتتمكن سفينة الوداد من أن ترسو على ميناء المباراة النهائية متحدية تلاطم الأمواج.

وعندما يفتش البلجيكي بول بوت مدرب اتحاد العاصمة وهو الذي خبر جيدا سخونة الملاعب الإفريقية، في ذاكرة مباراة الدار البيضاء ليحصي علل ومسببات سقوط فريقه، فيجد أن أكثر ما عطل المحركات هو ذاك الجمهور الذي أشاع في فضاء المباراة أوكسيجينا غريبا لا يساعد خصم فريقه على التنفس بل يصيبه بالإختناق الناعم، قبل أن يأتي إلى هلامية أشرف بنشرقي وأيضا إلى عبث الحظ الذي عاكس فريقه في لحظات مفصلية، خصوصا لما طرد أمين عطوشي وحكم على الوداد باللعب منقوصا من لاعب واحد لما يزيد عن الأربعين دقيقة، فهذا يقيم لوحده الدليل على أن جمهور الوداد كان هو الطلسم الذي استعصى على لاعبي اتحاد العاصمة حله.

طبعا لا ينتظر مني جمهور الوداد أن أهنئه على ما فعل ولا أن أثني على حاسته السادسة التي أشعرته بأهمية الدور الذي سيلعبه في صناعة الإنجاز، فقد عودنا هذا الجمهور على أن يتقمص الشخصية النافذة والمؤثرة التي تجعل منه بطل الأمسية لا شاهدا عليها فقط، وهذا الجمهور هو ما سيحتاجه الوداد نهاية هذا الأسبوع عندما يلعب الفرسان الحمر ذهاب نصف نهائي عصبة الأبطال، حيث يجب فرملة المشاعر وكبح جماح الفرح للإنكباب على الفصل الأخير من الملحمة، فما أروع أن تكون النهاية سعيدة، وفرسان الوداد يقفون على أعلى قمة، على منصة التتويج أبطالا للقارة وسفراء لها في كأس العالم للأندية.

لنصادر مؤقتا كل مشاعر البهجة بما شاهدناه يوم السبت وقد أحالنا بالطبع على بعض من الحكايات الخالدة لكرة القدم الوطنية، ولننكب على مباراة ذهاب نهائي عصبة الأبطال بما يلزم من حصافة ومن حصانة ومن روح إفريقية خلاقة، فغير بعيد في الزمن الودادي الجميل  تقف سنة 1992 شاهدة على أول إنجاز قاري، عندما جلب جيل فخرالدين، نيبت، الداودي، موسى نداو، فرتوت وامجيد بويبود الكأس الغالية من أم درمان السودانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وداد الأساطير وداد الأساطير



GMT 01:36 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إعلام بلا أخلاق !!

GMT 01:34 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 21:39 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعلام هو الخاسر الأكبر!!

GMT 20:44 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

وداعا صديقي العزيز

GMT 01:14 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

منتهى الغطرسة..

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates