بقلم : طارق طلعت
يصحو من النوم مبكرًا، على غير العادة، ودون تدخل من والدته، التي يسمع صوتها القاصي والداني، في الحارة الفقيرة، في مصر القديمة، ويخرج على أمه، التي تجلس في صالة المنزل الفقير، هذا المنزل الذي تتحدث جدرانه عن حب كبير لنادي الزمالك.
يخرج الطفل، صاحب السنوات العشر، على أمه، دون أن يُلقي تحية الصباح، تمتمة غير مفهومة من الأم، والطفل لا يلقي بالاً، ويجهز نفسه للخروج.
الأم: "هتروح فين على الصبح كده؟ انت بتصحى بالعافية علشان المدرسة، والنهاردة إجازة".
الطفل: "مشوار مهم".
الأم: "مشوار مهم إيه يا مفعوص، وانت تعرف المشاوير المهمة؟"
الطفل يهم بالخروج، والأم تحاول اللحاق به.
الأم: "هتروح فين يابني عرفني؟"
الطفل: "هاقابل حد مهم".
الأم: "حد مهم !"
الطفل يستقل "ميكروباص"، في رحلة المجهول، يريد الوصول إلى مدافن اللاتين، في السيدة زينب. لقد قرا، أمس، على موقع "فيسبوك"، أن مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك، يهاجم جورج مرزباخ، مؤسس نادي الزمالك، ويقول: "لماذا يتباهى الجمهور برئيس النادي اليهودي؟".
الطفل يسأل: "يعني إيه يهودي؟ ومرتضى بيهاجم الراجل اللي بنى نادي الزمالك ليه؟، مش المفروض يحبه، علشان هو أول رئيس للزمالك؟ مش إحنا مفروض كلنا نحبه؟".
أسئلة كثيرة تدور في عقل الطفل، الذي خرج دون أن يتناول إفطاره، أسئلة تأكل جسده النحيل، وتحدث تشوشًا في عقله، الذي مازال يتكون. وبالفعل وصل الطفل إلى مدافن اللاتين، وبالتحديد الممر 39، مقبرة رقم 15، حيث يرقد مؤسس نادي الزمالك.
يبدأ الطفل في الحديث إلى الجسد، الذي يرقد تحت التراب، ويبدأ في طرح وابل من الأسئلة، حبسها في نفسه بشق الأنفس، على رجل لم يعد في عالمنا.
"مرتضى منصور بيهاجمك ليه؟، مش هو مفروض يكون قدوة لينا، ويحترمك، علشان انت أكبر منه؟"، طيب هو بيزعق كتير في التليفزيون ليه؟ هو ليه بيشتم الناس كتير، هو بيقول إنك يهودي، وبيقول ده مش حلو، وأنا مش عارف، ليه بيكره كل الناس اللي جمهور الزمالك بيحبهم؟".
الطفل يقرر العودة من جديد، ويقرر أنه لن يتحدث عن هذا الموضوع مع أشقائه وشقيقاته ، لقد حسم أمره، سيغلق التليفزيون في كل مرة يظهر فيها مرتضى منصور، سيشاهد المباريات، ويشجع، ويستمع إلى تصريحات اللاعبين، الذين يحبهم، وكفى، وسيظل يحب كل رموز الزمالك.