بقلم : محمد أبو علي
شرفت بمرافقة محمد أبوتريكة بعد أحداث مذبحة بورسعيد أثناء زيارته لبعض أسر شهداء النادي الأهلي في مدينتي السويس والشرقية، وخلال يومين رافقت فيهم الخلوق محمد أبوتريكة وجدته لاعبًا دمث الخلق هادئًا حريصًا على فعل الخير، فخلال زيارتنا إلى مدينتي السويس والشرقية للعزاء في ضحايا مذبحة بورسعيد والتي كان أبوتريكة شاهدًا عليها.
كان أبوتريكة حريصًا كل الحرص على عدم إخبار أحد بذهابه إلى هناك خوفًا من إثارة الأمر في وسائل الإعلام، وتعاهد معي على ذلك، وكنت على العهد ولم أخبر أحد ووقتها شاهدت بنفسي مدى الحب والعشق الذي يتمتع به أمير القلوب من الجميع، فبمجرد ظهوره في أي مكان يلتف حوله المئات من المعجبين، ولم يكن يتذمر أو يشعرهم برفضه الوقوف معهم أو التقاط الصور، بل كان يقف مبتسمًا ابتسامته المعهودة حتى ينتهي الجميع من التقاط الصور معه.
وعندما توجهنا لأول منزل في مدينة السويس رفض أبوتريكة تناول أي شيء سواء مشروبات أو مأكولات، وقام بتقديم واجب العزاء لأسرة الشهيد، وفوجئت به ينتفض غاضبًا عندما وجد أحد المراسلين، وكان يعمل مع الإعلامي أحمد شوبير وقتها في مدينة السويس، ويطلب مني أن أخبره بعدم رغبته في التصوير، وتفهم المراسل الأمر إلا أنه رفض مسح ما تم تصويره مما جعلني أقوم بالاتصال بالإعلامي أحمد شوبير، وأشرح له الأمر فطلب مني إعطائه المراسل، وطلب منه مسح ما تم تصويره نزولا لرغبة اللاعب الذي يرفض التشهير بما يقوم به، ويرغب في الحصول على الثواب دون شو إعلامي كما كان يفعل البعض.
وعند انتقالنا لمنزل آخر ووجد أبوتريكة والدة الشهيد تحتضن حذاء نجلها الملطخ بدمائه، وتقوم بتقبيله وتبكي بشدة، وأخبره الجميع أن هذا هو حالها منذ الحادث ذرفت عيناه بالدموع، ولم يتمالك نفسه، رافضًا أيضًا تناول أي شيء من مشروبات أو مأكولات قدمت إليه، وكنا قد سافرنا مبكرًا إلى السويس، واستمرينا هناك حتى صلاة المغرب، وعندما سألته عن رفضه تناول أي شيء حتى المياه فاجئني بقوله "الثواب على قدر المشقة"، وأنا أرغب في الحصول على أكبر قدر من الثواب، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما كان يزور مريضًا أو يقدم واجب العزاء كان لا يتناول شيئًا عنده وهو يرغب في الاقتداء به.
وعند الرحيل فوجئنا بأن خبر وجود أبوتريكة في مدينة السويس، انتشر في المدينة الباسله بأكملها ووجدنا أغلب أهالي المدينة تنتظره عن طريق الخروج والجميع متمسك بأن يقوم الخلوق أبوتريكة بتناول الطعام، وهو يرفض بشدة وأصرّ على موقفه، وتم إخراجه من المدينة بمنتهى الصعوبة وقتها.
ليتكرر الأمر في مدينة الشرقية والتي شعرت فيها بمدى انهيار أبوتريكة النفسي بعد أن جلس مع أحد أمهات الشهداء، والتي كانت تقوم بالاتصال بنجلها على هاتفه المحمول، وتؤكد أنه سيرد عليها بالرغم من قيامها بدفنه بيدها، وكانت أصعب اللحظات على الجميع مما جعل أبوتريكة يخرج منهارًا نفسيًا وذهبت ابتسامته المعهودة طوال طريق العودة لتأثره بما شاهده.
وكانت كل هذه المواقف التي مرت على أبوتريكة بعد حادث بورسعيد سببًا في قربه من الألتراس وتعاطفه معهم ومع قضيتهم، فأبوتريكة شاهد مالم يشاهده جميع من هاجمه لموقفه مع الألتراس ورفضه خوض لقاء السوبر المحلي أمام إنبي، أبوتريكة إنسان بمعنى الكلمه أبوتريكة صديق الشهداء كل عام وأنت طيب يا أمير القلوب.