المسْكُوت عنه في كُرتنا

المسْكُوت عنه في كُرتنا..

المسْكُوت عنه في كُرتنا..

 صوت الإمارات -

المسْكُوت عنه في كُرتنا

بقلم - محمد عفري

الساكت عن الحق شيطان أخرس.. وكُرتنا الوطنية التي تبجّحنا كذبا بتطورها وتغنينا بهتانا بصحوتها، سرعان ما أفاقتنا نتائج المنتخب الوطني في المونديال الأخير على حقيقة تخلفها، وعليه وجب ذكر بعض مسببات غياب هذا التطور المزعوم وانعدام هذه الصحوة الكاذبة..

كرة القدم في المعمور، شأنها شأن باقي الرياضات تقوم على ثالوث "3M"، أي "المال والإعلام والتدبير -Money-Media-Marketing "، وكرتنا الوطنية تفتقد على الأقل عنصرين هامين من هذا الثالوث.

فإذا حضر فيها المال بالملايين والملايير التي يضخها لصالحها دافعو الضرائب، غابت عنها الكفاءة في التسيير والحكامة في التدبير وافتقدت الإعلامَ الذي من الواجب أن يساعد على رقيها وتسويقها، لا أن يستغلها ويسترزق منها في غياب الكثير من الضوابط التي يجب أن تُجوّد المنتوج الصحفي قبل تجويد المنتوج الكروي والرياضي الوطني، بصفة عامة..

كرتنا هاوية بكل المقاييس تنبني في كل شيء على الموهبة غير المصقولة، ومع ذلك أصر المسؤولون عنها أن "يلصقوا" بها عُنوة مصطلح الاحتراف، قبل أن يهيئوا لها الأرضية الصالحة لهذا الاحتراف.. الكرة الاحترافية منظومة من ألفها إلى يائها، ملاعب وتجهيزات وأطر خبيرة في التكوين والتأطير وإدارات تقنية وبرامج طويلة ومتوسطة المدى.

وحينما نتحدث عن التكوين والتأطير نتحدث حتما عن مراكز التكوين والأطر المحنكة التي من المفروض أن تُكوّن لنا بهذه المراكز الكفاءات الكروية قبل أن تكوّن لنا اللاعبين من مختلف الفئات العمرية.

وإذا كانت فرنسا أقرب المقربين منا، نستنسخ منها كل شيء، علا شأنه أو تدنى، استطاعت خلال 20 سنة لعب ثلاث مباريات نهائية لكأس العالم، فازت في اثنتين منها بلقبين، آخرهما كان الأحد الماضي بروسيا، فلأنها انكبت طيلة سنوات على الدراسة والتمحيص، اهتمت بالتكوين وتحكمت في الإنجاز الكروي، ومع مرور السنين طورت منظومة هذا التكوين تماشيا مع المستجدات وقطعت الصلة مع لازمة الموهبة الفطرية دون تطويرها أو الاستثمار فيها، كما قطعت الصلة مع التطوع والمجانية في مرفق اتضح أنه تنموي ومدر.. فرنسا كما في غيرها، فيها فرق وأندية مهيكلة تؤمن بالربح والخسارة في إطار المقاولة التي تنتج فتعرض أحسن منتوج (لاعبون وأطر)من أجل التسويق.

فرنسا وفي غيرها لم يعد من وجود للجمعيات التطوعية في كرة القدم.. ليس فيها، كما لدينا في المغرب، مسير يجمع بين كل المهام، رئيس الفريق ومدربه ومديره التقني وأمين ماله.

ليس في فرنسا حكم يحابي فريقا ضد آخر، تحت ضغط معين تتماهى فيه السلطة بالمال.. ليس فيها مسيرون أبديون وفرق لا تعقد جموعها العامة ولا تقدم تقاريرها المالية إلا وفيها تزوير، ومع ذلك تنعدم المحاسبة.. ليس في فرنسا مدارس للكرة أو أكاديميات لا تنتج، فرنسا لا توكّل مهمة الإشراف على الفئات الصغرى للفرق وشبابها إلى قدماء اللاعبين دون إخضاعهم للتكوين والتأشير على مستواهم من الإدارة التقنية الوطنية كما لدينا نحن بالمغرب.

فرنسا ليس فيها من يزكي نفسه ضد الآخر في الكرة، ليس فيها "علماء"، يعيشون على الأطلال، يحللون الفراغ ويبيعون الوهم عبر الإذاعة والصحف. 

عكس فرنسا وغيرها ممن تمارس الاحتراف الكروي الحقيقي، كرتنا الوطنية حضرت فيها المؤسسات الإدارية والترسانة القانونية واللجان الجامعية المختصة دون أن تكون الفرق والأندية المتنافسة سواسية أمام هذه المؤسسات ولا هذا القانون أو تستفيد من تكافؤ الفرص في التنافس والإنتاجية.. 

كرتنا فيها محظوظون و"محميون" يسيرون في قواعدها - الفرق والجمعيات - بفكر الربح المادي الفردي وبهاجس الاستفادة من الريع الكروي والتهرب الضريبي في غياب النادي/ المقاولة.
مونديال روسيا كشف الصورة الحقيقية لكرتنا، كشف هدرنا للملايير بهدف التلميع وليس بهدف التطوير، وملايير أخرى لاستعدادات منتخب وطني قوامه أبناء جاليتنا بالخارج بمدارس كروية أوروبية، أعفى المسؤولين من هوس التكوين والإنتاج المحلي ومن الإصلاح الحقيقي لواحد من أهم القطاعات التنموية الاجتماعية والاقتصادية..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسْكُوت عنه في كُرتنا المسْكُوت عنه في كُرتنا



GMT 01:42 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

مدرب جديد وإستراتيجية قديمة

GMT 02:35 2018 الإثنين ,10 أيلول / سبتمبر

يوميات روسيا13

GMT 06:06 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

الكوكب وقاعدة الجاذبية

GMT 05:59 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

يوميات روسيا..4

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates