فرقة "رباب فيزيون"

أصدرت المجموعة المغربية الأمازيغية الشهيرة "رباب فيزيون"، أغنية جديدة تحت عنوان"يا سلام" وتحمل بين طياتها عدة دلالات ومعاني متجذرة في القيم المغربية الأصيلة المميزة للمجتمع المغربي؛ والتي طالها النسيان والاندثار مع ظهور أساليب جديدة أنست المواطن المغربي في عاداته وتقاليده العريقة؛ وعوضها بعادات أخرى دخيلة على ثقافته نتيجة الطفرة العلمية والتكنولوجيا التي يشهدها العالم؛ امتدت تأثيرتها السلبية على المغرب وأرخت بظلالها على أفراده. 

وحاولت "رباب فيزيون" من خلال تلك الأغنية مقاربة هذا التحول الجذري في المجتمع المغربي بطريقة فنية معاصرة زواجت بين اللهجتين المغربيتين الأمازيغية والعربية في قالب موسيقي يميل إلى الثقافة الصحراوية الحسانية استجابة لجمهورها العريض ولعشاقها داخل المغرب وخارجه؛ في بادرة هي الأول من نوعها في المسار الفني للمجموعة بغية إرضاء مختلف أذواق جمهورها العريض؛ ولإيصال رسالتها النبيلة إلى مختلف شرائح المجتمع بتعدد مشاربهم الثقافية واللغوية. 

وهو الأمر الذي يستشف من الخطاب القوي للأغنية؛ والذي يدور في فلك نبذ التفرقة والعنصرية وتقبل اختلاف الآخر مهما كان لونه أو عرقه أو ديانته؛ ونشر قيم المحبة والتسامح والتآخي بين مكونات المجتمع؛ وبناء اللحمة الوطنية وترسيخ مفاهيم المواطنة؛ وتعزيز العلاقات الصحية؛ وتحقيق السلم المجتمعي بين أفراد الوطن الوحيد. 

وجاءت تلك الأغنية لإحياء بعض القيم الغائبة عن حياتنا اليومية والتي اختفت واضمحلت بشكل مهول من مجتمعنا وأصبح البحث عنها كالبحث عن إبرة في قش؛ وتحمل معاني سامية تسمو وتسافر بالمتلقي إلى عوالم من الرقي الفكري والحسي؛ الذي من خلاله تؤصل لقيم المحبة من منظور فني إنساني أخلاقي ثقافي؛ ويتضح هذا من كلمات الأغنية وإيقاعاتها وترانيمها الموسيقية المغايرة لما عهدنا به الجمهور بالمزج بين الزخم والغنى التراثي والثقافي الذي تزخر به بلادنا ووصفته المجموعة بطريقة جديدة تتماشى مع كلمات الأغنية والتي تؤكد على تعزيز العلاقات الإنسانية وتجديد روابطها والمعرفة بالآخر واحترامه؛ وإشاعة المحبة. 

وذلك لما أضحى اليوم على الفنان المغربي والأمازيغي الالتزام به من ترسيخ هذه المفاهيم ونشرها وتمريرها بإنتاجاته وأعماله الفنية والخروج من نفقه المظلم ومواضيعه الضيقة والنمطية التي كانت لصيقة به من خلال الرقي بأدائه والسمو بذوقه الموسيقي؛ فالفنان اليوم يجب أن يكون ملمًا ومطلعًا لكل الأحداث والمستجدات المحيطة به وعارفًا بمتطلبات عصره ومجتمعه الذي يعيش بين كنفه، باعتبار الفنان ركيزة أساسية وشريك حيوي في التنمية بمختلف مشاربها ورافعة مهمة في تقدم وإزدهار الشعوب.