الخلل في نظام صناعة الأفلام

يسمى الرجل الأذكى في هوليوود، ليس بسبب أفلام فازت بجوائز "أوسكار"، أو حصدت جوائز أخرى، بل أفلامه لا تقترب حتى من المنافسات! لكن لأنه أثبت أن هوليوود تنفق أموالاً ضخمة دون ضرورة سوى، من أجل المباهاة في وسائل الإعلام، ولتبرير وجود النجوم في تلك الأفلام أمام الجمهور.

جيسن بلم، منتج خمسة من 10 أفلام، هي الأكثر إدراراً للأرباح في الخمس سنوات الماضية، ومنتج فيلم "بارانورمال آكتيفيتي" أو نشاط خارق للعادة عام 2007، وهو الأكثر ربحية في تاريخ سينما الرعب. بلم حصد ملياري دولار من 22 فيلماً، بمعدل 4.5 ملايين دولار ميزانية كل واحد منها.

بلم أثبت أن نموذج هوليوود الحالي يعاني خللاً كبيراً، وهو يتمحور حول إنفاق مبالغ رهيبة لإنتاج أفلام مضخمة دون وجود أي ضمان لنجاحها وعودة المال إلى جيوب المنتجين. عندما جُمِّد مشروع فيلم "ويجا"، بسبب تضخم ميزانيته وتخطيها 100 مليون دولار، رفع بلم مطرقته وتطوع لإصلاح المشكلة، قائلاً لأصحاب الحقوق: "أعطوني المشروع، وسأصلح الخلل".

بلم حطم تلك الميزانية تحطيماً دهشت منه هوليوود، وحذف 100 مليون دولار بالكامل وأبقى على خمسة فقط، قائلاً: "هذا هو الفيلم وأنا مستعد لتنفيذه!"، النتيجة: تحول الميزانية الأصلية للفيلم تقريباً إلى أرباح بلغت 103 ملايين دولار! أي أنه أعطى الاستوديو أرباحه المتوقعة 20 مرة.

في العام التالي، أرسل إليه أحد الاستوديوهات نص فيلم "ذا بوي نيكست دور" لجينيفر لوبيز، بميزانية بلغت 35 مليون دولار مع رسالة مفادها: "هذا الفيلم ميت على الورق، ولن يحصد شيئاً في شباك التذاكر، أصلح المشكلة!". بلم حذف فوراً 31 مليوناً، وأبقى أربعة فقط! النتيجة: أرباح بلغت 61 مليون دولار أي ضعف الميزانية الأصلية.

الفيلم المذكور ينضم إلى بقية أفلام بلم، التي كانت سبباً في انتفاخ محفظته مثل فيلم "التطهير" و"إنسيدياس" و"الزيارة" و"الهدية"، والفيلم الذي يعتبر منجم ذهب سنوياً بالنسبة له، من 2009 إلى 2015 "بارانورمال آكتفيتي" بأجزائه الخمسة. بلم لديه مقولة شهيرة هي: 20 مليون دولار بالنسبة لي كافية لإنتاج فيلم مثل ستار وورز! نموذج بلم بسيط جداً: "حتى لو فشل المشروع، سأستعيد مالي".

ويبلغ معدل إنتاج أي فيلم في هوليوود 75 مليون دولار، بالإضافة إلى 30 مليوناً أخرى تخصص للتسويق. نموذج هوليوود يقول: "اصنع عملاً ضخماً، أو تخلى عن تكوين ثروة في الصين"، أي اصنع عملاً ضخماً حجماً وميزانية، حتى تضمن نجاحاً في أقصى بقاع الأرض أي الصين، أو بكلمات أخرى إما الدخول في المخاطرة بشكل كبير، أو لا تصنع عملاً من الأساس.

وتسبب هذا النموذج في إحساس الجمهور بالضجر من تفخيم الأفلام وتسطيحها وتضخيم كلفتها، لأن صناعها مرتاحون في منطقتهم الآمنة، ولا يريدون المخاطرة بصنع عمل من نوع جديد. وكما نرى أمام أعيننا هناك الكثير من أفلام الأبطال الخارقين، مقابل القليل جداً من أي شيء آخر