نيكوس ارخونديس

 تستعد اليونان السبت لاستفتاء من شأنه ان يحدد مستقبلها الاقتصادي الاحد في وقت اظهرت استطلاعات الرأي تقاربا بين مؤيدي ورافضي برنامج المساعدة الذي اقترحته الجهات الدائنة وترفضه الحكومة اليونانية. 

وعشية الاستفتاء بدا اليونانيون قلقين من ان تؤدي الرقابة المفروضة على الرساميل الى نقص في المواد الغذائية والادوية، في انتظار ان تعيد المصارف فتح ابوابها.

ويشهد الاقتصاد اليوناني تباطؤا منذ اغلاق المصارف الاثنين وفرض رقابة على حركة الرساميل. وقالت لينا انطونيو (35 عاما) الوالدة لطفلين لوكالة فرانس برس "سمعت ان الدقيق والسكر والملح تنفذ جميعها من المحال.

انا قلقة فعلا، كيف سنتصرف ما دمنا غير قادرين على الحصول على اموالنا وليس هناك طعام لشرائه؟".

من جهته قال نيكوس ارخونديس من مؤسسة "بان هيلينيك للتصدير" لوكالة فرانس برس "الكثير من المتاجر الكبيرة تبدي قلقها كونها غير قادرة على تحديد كيفية تطور الوضع"، مشيرا الى احتمال حصول نقص في مخزون اللحم والجبن والفاكهة والخضر خلال الاسابيع المقبلة.

الى ذلك قال العديد من التجار انهم اضطروا الى ان يطلبوا من عمالهم الذهاب في اجازة غير مدفوعة، حتى ان بعض المحال بدأت ترفض الدفع عبر بطاقات الائتمان في محاولة للحصول على السيولة.

كما وردت تقارير ان بعض الشركات بدأت تدفع لعمالها عبر كمبيالات.

واوضح اندرياس كوتراس (51 عاما) العامل في القطاع المالي ان "احدا لا يقبل بطاقات الائتمان. غالبية المواطنين يشترون الطعام الآن خوفا من الاسوأ".

ولقي رئيس الحكومة اليونانية الكسيس تسيبراس ترحيبا شديدا خلال تجمع لانصاره شارك فيه حوالى 25 الفا في وقت متأخر الجمعة في اثينا حيث دعا الى التصويت بـ"لا" في الاستفتاء لدعم موقفه في المفاوضات مع الجهات الدائنة (الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي).

واظهرت استطلاعات جديدة للرأي تقاربا بين مؤيدي برنامج المساعدة والرافضين له بحيث بدا من الصعب توقع ما ستؤول اليه نتيجة الاستفتاء.

وتفوق مناصري التصويت بـ"نعم" في ثلاث استطلاعات بفارق يراوح بين 0,4 و0,6 نقطة فقط، فيما بيّن استطلاع رابع تقدم معسكر "اللا" بـ0,5 نقطة فقط.

وحذر قادة الاتحاد الاوروبي من ان التصويت بـ"لا" في الاستفتاء سيعرض وجود اليونان في منطقة اليورو للخطر.

ونفى وزير المالية يانيس فاروفاكيس، مدعوما ببيان من وزارته، مساء الجمعة - السبت على حسابه على موقع تويتر "الاشاعة المغرضة" التي وردت في مقال في "فايننشال تايمز" حول وضع المصارف اليونانية لخطط تنص على اقتطاع 30 في المئة من الودائع التي تزيد على ثمانية آلاف يورو.

واكد فاروفاكيس ان رئيس جمعية المصارف اليونانية نفى هذا الامر.

واتهم فاروفاكيس السبت دائني بلاده بـ"الارهاب" وبأنهم يريدون "اذلال اليونانيين". وتساءل في مقابلة مع صحيفة ال موندو الاسبانية "لماذا ارغمونا على اقفال المصارف؟ لماذا يبثون الخوف بين الناس؟".

كما حذر في مقال في صحيفة "كاثيميريني" اليونانية من ان التصويت بـ"نعم" سيحول البلاد الى "مستعمرة خاضعة للدين" مع عودة الدائنين الى "اثينا بنوايا انتقامية".

وتعهد فاروفاكيس اعادة فتح المصارف الثلاثاء في حال التوصل سريعا الى اتفاق. كما اعلنت جمعية المصارف اليونانية الجمعة ان لدى اعضائها السيولة الكافية حتى هذا الوقت.

جوزيف ستيغلز، الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد والاستاذ في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة، كتب الاسبوع الحالي ان التصويت بـ"نعم" او "لا" سيكون له "مخاطر ضخمة".

وتدارك "لكن التصويت بلا سيمنح اليونان على الاقل فرصة الامساك بمصيرها بيدها" وتحديد مستقبل "قد لا يكون مزدهرا كما السابق ولكنه يمنح الامل اكثر بكثير من العذاب غير المسبوق حاليا".

وفي مقال في صحيفة نيويورك تايمز كتب بول كروغمان، الحائز ايضا جائزة نوبل، ان التصويت بـ"لا" قد يخرج اليونان من منطقة اليورو، و"من شأن ذلك ان يثير الفوضى على المدى القصير، ولكن سيمنح اليونان فرصة حقيقية للتعافي".

الى ذلك وصف توماس بيكيتي، الاقتصادي الفرنسي الشهير، خطة المساعدة المطروحة بانها "سيئة".

في المقابل وجه 246  من اساتذة الاقتصاد اليونانيين كتابا مفتوحا شددوا فيه على ضرورة التمسك بالبقاء في منطقة اليورو والاتحاد الاوروبي خشية نتائج كارثية على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والجيو سياسية.

وتجمع مساء الجمعة اكثر من 22 الف مناصر للتصويت بـ"نعم" في اثينا ورددوا شعارات مؤيدة لاوروبا.

ونبه رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر الجمعة الى ان موقف اليونان التفاوضي مع دائنيها "سيضعف بشكل كبير" في حال فازت "اللا" في الاستفتاء.

 ولكن رئيس المجلس الاوروبي دونالد تاسك سعى الى تخفيف التوتر ودعا الاتحاد الاوروبي الى تفادي "الرسائل الدراماتيكية".

من جهته، اكد وزير المالية الالمانية فولفغانغ شويبله انه حتى في حال فوز "النعم" فان استئناف المفاوضات سيحتاج الى الوقت.

وهو موقف يتعارض تماما مع موقف نظيره اليوناني فاروفاكيس الذي اعرب عن اقتناعه الكامل بانه "ايا تكن نتيجة الاستفتاء، سيتم التوصل الى اتفاق الاثنين (...) لان اوروبا تحتاج الى اتفاق، واليونان تحتاج الى اتفاق".