صندوق النقد العربي

أكد صندوق النقد العربي في دراسته بعنوان " بطالة الشباب في الدول العربية ".. أن بطالة الشباب تعتبر من أهم التحديات الاقتصادية التي تواجه العديد من دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء.. موضحا أن التقديرات الصادرة عن منظمة العمل الدولية تشير إلى وجود / 75 / مليون شاب عاطل عن العمل على مستوى العالم وإلى ارتفاع معدلات بطالة الشباب لتشكل ثلاثة أضعاف معدلات البطالة بين الشرائح العمرية الأخرى.

وتهدف الدراسة الى إلقاء الضوء على الوضع الراهن لبطالة الشباب في الدول العربية التي تشكل أحد أهم التحديات التي تواجه الدول العربية على اختلاف هياكلها الاقتصادية والوقوف على الجهود التي بذلتها دول المنطقة لتقليل معدلات البطالة بشكل عام وبطالة الشباب بشكل خاص وكذلك الاستفادة من التجارب الدولية المتاحة في هذا المجال.

وشهدت معدلات البطالة ارتفاعا واضحا في أعقاب الأزمة المالية العالمية التي أدت إلى تفاقم هذه الظاهرة في عدد من دول العالم نتج عنها ارتفاع كبير في أعداد الباحثين عن عمل من الشرائح العمرية كافة ليصل إلى نحو/ 211 / مليون شخص على مستوى العالم بنهاية عام 2014.

وعلى مستوى الدول العربية .. أشارت الدراسة الى أن دول المنطقة بذلت جهودا حثيثة خلال العقدين الماضيين لتعزيز الاستقرار الاقتصادي ودعم فرص الوصول للنمو الشامل والمستدام .. فمنذ بداية التسعينات انتهجت معظم الدول العربية برامج لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ساهمت في دعم أداء الاقتصاد الكلي وساعدت على احتواء الاختلالات الاقتصادية الداخلية والخارجية .

واوضحت ان الزخم الإصلاحي في السنوات الأخيرة من عقد التسعينات تحول باتجاه الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى تحسين كفاءة استخدام الموارد من خلال تحرير أسواق السلع والخدمات ورأس المال ..و مكنت هذه الإصلاحات الدول العربية من رفع معدلات النمو الحقيقي لتصل إلى خمسة في المائة في المتوسط خلال الفترة / 2000 - 2014 /.

من جهة أخرى تبنت الدول العربية سياسات وتدابير عدة خلال السنوات الماضية استهدفت توفير المزيد من فرص العمل لمواطنيها خاصة من الشباب بما ساعد على رفع معدلات نمو مستويات التشغيل في الدول العربية بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي لتفوق مثيلاتها المسجلة في عدد من الأقاليم الجغرافية الأخرى .

ونتج عن تلك الإصلاحات تمكن الدول العربية كمجموعة من خفض معدلات بطالة الشباب بنحو/ 0.8 / نقطة مئوية تقريبا في المتوسط سنويا خلال الفترة / 2003 - 2009 / .. إلا أن تطورات البيئة الاقتصادية الدولية غير المواتية ممثلة في تأثير الأزمة المالية العالمية والأوضاع الداخلية التي مرت بها بعض دول المنطقة حالت دون مواصلة المضي قدما في هذا الاتجاه الإيجابي ونتج عنها ارتفاع معدلات بطالة الشباب لتسجل أعلى المستويات عالميا / 28 / في المائة وفق البيانات الدولية لاسيما في ظل الارتفاع القياسي لمعدلات نمو القوة العاملة العربية التي نمت بنحو ثلاثة في المائة سنويا خلال الفترة / 2000 - 2013 / بما يعد واحدا من أعلى معدلات نمو قوة العمل المسجلة على مستوى العالم .

ونوهت الدراسة بأن الجهود التي بذلت خلال العقود الماضية نجحت في توفير فرص عمل بالقدر الذي ساهم في الابقاء على معدلات بطالة الشباب عند مستوياتها المسجلة في بداية العقد الأول من الألفية الجديدة وحالت دون ارتفاعها إلا أنها لم تتمكن في المقابل من إحداث خفض ملموس في معدلات بطالة الشباب التي بقيت مستقرة عند مستويات مرتفعة نسبيا مقارنة بعدد من الأقاليم الأخرى .

وتطرقت إلى موضوع بطالة الشباب في الدول العربية حيث يتناول الجزء الأول الوضع الراهن لمشكلة بطالة الشباب في الدول العربية ويشير إلى ارتفاع معدلات بطالة الشباب في الدول العربية إلى نحو / 28 / في المائة وفق إحصاءات منظمة العمل الدولية وهو ما يفوق ضعف معدلات بطالة الشباب المسجلة على مستوى العالم البالغة / 12 / في المائة .

وذكرت ان بطالة الشباب في الدول العربية تتسم بتركزها في أوساط الإناث والمتعلمين والداخلين الجدد إلى سوق العمل .. حيث تبلغ معدلات بطالة الشباب من الإناث نحو/ 43.4 / في المائة مقارنة بنحو/ 12.7 / في المائة للمتوسط العالمي كذلك تتركز بطالة الشباب في الدول العربية في أوساط المتعلمين الذين يشكلون في بعض الدول نسبة تصل إلى نحو/ 40 / في المائة من إجمالي العاطلين عن العمل وفي الداخلين الجدد لسوق العمل الذين يواجهون تحديات ملموسة في الحصول على فرص عمل .

ويهتم الجزء الثاني من الدراسة بالوقوف على تحديات تشغيل الشباب في البلدان العربية التي يتمثل أهمها في اتجاه وتيرة النمو الاقتصادي نحو الانخفاض مؤخرا وعدم شمولية النمو المحقق لكافة شرائح المواطنين في بعض الدول العربية إلى جانب تبني نماذج نمو قائمة بالأساس على التراكم الرأسمالي إضافة إلى الزيادة الكبيرة في حجم قوة العمل العربية بما يزيد من صعوبة تحقيق الدول العربية لإنجاز ملموس على صعيد خفض معدلات البطالة .

وأكدت الدراسة أن ارتفاع بطالة الشباب يعزى إلى الفجوة بين متطلبات سوق العمل ومخرجات أنظمة التعليم وإلى عدم قدرة القطاع العام ببعض الدول العربية على الاستمرار في القيام بدوره كموظف رئيسي للعمالة في ظل تزايد حجم الضغوط على الموازنات العامة في الوقت الذي لم يتمكن فيه القطاع الخاص من القيام بالدور المرجو منه على صعيد التشغيل نتيجة التحديات التي تواجه بيئات الأعمال في بعض الدول العربية بما يؤثر سلبا على ديناميكية هذا القطاع وقدرته على المساهمة في استيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل.

كما تطرقت الدراسة في الجزء الثالث إلى تجارب بعض الدول العربية في حفز مستويات التشغيل سواء فيما يتعلق بالسياسات الهادفة الى زيادة مستويات المعروض من العمالة الماهرة أو سياسات تحفيز مستويات الطلب على العمالة أشار هذا الجزء إلى أن غالبية الدول العربية انتهجت سياسات وتدابير وبرامج نشطة لزيادة مستويات تشغيل الشباب ومواجهة التحديات التي تحول دون ذلك خلال العقود الماضية وسجلت نجاحات متباينة في هذا الأمر.

أما في الجزء الرابع فقد تم الوقوف على أبرز محددات نجاح سياسات التشغيل من واقع التجارب الدولية التي يتمثل أهمها في التأكيد على دور سياسات الاقتصاد الكلي في تعزيز النمو الداعم للتشغيل وضرورة تبني منهج متكامل لحفز مستويات تشغيل الشباب في إطار استراتيجيات وخطط وطنية هادفة لخفض معدلات البطالة بشكل عام وبطالة الشباب بشكل خاص .

وأكدت الدراسة أهمية التركيز على مبادرات وبرامج تشغيل الشباب في القطاعات الاقتصادية الأكثر ديناميكية والمؤهلة بشكل أكبر للاستفادة من طاقات الشباب العربي يأتي على رأسها قطاعات السياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

ونوهت الدراسة بأهمية حفز وتشجيع ريادة الأعمال لدى الشباب العربي وأهمية مشاركة القطاع الخاص في برامج تأهيل وتدريب العمالة وأهمية التقييم الدقيق لفاعلية برامج تشغيل الشباب وضرورة أن يتم صياغتها من خلال المشاركة ما بين الجهات الحكومية المسؤولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني مع الحرص على الاستفادة من الفرص المتاحة من خلال التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية المعنية التي تنفذ مبادرات عدة لخفض بطالة الشباب .

وأكدت الدراسة على ضرورة تركيز برامج التشغيل على تقديم الحوافز لمنشآت القطاع غير الرسمي ليندرج تحت المظلة الرسمية لممارسة الأعمال بما يساهم في توفير المزيد من فرص العمل المناسب للشباب العربي..الى جانب أهمية مراعاة البعد النوعي في برامج التشغيل لخفض معدلات بطالة الشباب من الإناث وهو ما يتطلب برامج تسعى إلى تحقيق التوازن المطلوب بين مشاركة المرأة في سوق العمل واستمرار قيامها بالدور الاجتماعي المنشود منها .