غابات أشجار القرم

أكدت هيئة البيئة - أبوظبي أن 80 في المائة من غابات أشجار القرم في أبوظبي تتمتع بحالة صحية جيدة إلا أنه تم تحديد 15 في المائة منها في حالة صحة معتدلة وحوالي 5 في المائة منها تعاني ظروفا صحية متدهورة ويمكن أن يعزى التدهور في صحة أشجار القرم إلى أنشطة التنمية الساحلية حول جزيرة أبوظبي.

وأكملت الهيئة مؤخراً رسم الخرائط التفصيلية وتقييم صحة أشجار القرم في إمارة أبوظبي والتي تمثل عنصراً مهماً من المنظومة البيئية في الإمارة وتمتد على مساحات يبلغ إجماليها حوالي 150 كم² من أشجار القرم الطبيعية والمزروعة.

وأشجار القرم هي شجيرات أو أشجار صغيرة تنمو في المياه المالحة أو قليلة الملوحة في المناطق المدية التي تقع بين خطي المد والجذر في المناطق الساحلية ومن أغنى الموائل في البيئة البحرية لما لها من أهمية اقتصادية وبيولوجية كبيرة فهي تشكل حاجزاً طبيعياً لحماية السواحل من التعرية والتآكل بفعل الأمواج والتيارات البحرية كما تعتبر بيئة مناسبة لتعشيش الكثير من الطيور المهاجرة ومسكناً بحرياً غنياً للكائنات البحرية فضلاً عن الدور المهم الذي تلعبه في الحد من تأثير التغيرات المناخية من خلال عزل وتخزين الكربون.

وتتأثر أشجار القرم سلباً بالأنشطة البشرية مثل التنمية الساحلية وأعمال الحفر وحركة القوارب فضلا عن زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وارتفاع درجة حرارة سطح الأرض، وارتفاع مستوى سطح البحر كما أن التغيرات في درجة الملوحة والملوثات والترسيب لها تأثيرات ضارة على النظم الإيكولوجية لأشجار القرم ولذا تقوم هيئة البيئة - أبوظبي برصد ومراقبة حالة وصحة أشجار القرم ونطاق انتشاره بشكل مستمر.

وفي إطار هذه الدراسة ..وضعت هيئة البيئة - أبوظبي مؤشرات لرصد حالة ومدى تدهور مناطق أشجار القرم التي تتعرض للضغوط بسبب الأنشطة البشرية وستتم الاستفادة من هذه المعلومات لتحديد العوامل الخارجية التي يمكن أن تضر بصحة النظام البيئي لغابات أشجار القرم إلى جانب ذلك ستساعد المعلومات التي سيتم جمعها خلال الدراسة في تعزيز الجهود التي تبذلها الهيئة لإعادة تأهيل أشجار القرم من خلال اختيار المناطق الملائمة لزراعة أشجار القرم الجديدة لتعويض تلك المناطق التي فُقدت بسبب الأنشطة التنموية.

وشملت الدراسة استخلاص معلومات من صور الأقمار الصناعية متعددة الأطياف عالية الدقة باستخدام التقنيات المتقدمة لمعالجة الصور، فضلا عن التحقق من صحة البيانات من خلال المسوحات الميدانية لضمان الحصول على معلومات موثقة ودقيقة ..كما تم تحديد التوزيع المكاني لتجمعات أشجار القرم التي تتمتع بنمو صحي وسليم وتلك المتضررة بدقة تصل إلى 90 في المائة.

كما شملت الدراسة رسم خرائط للتغيرات التي تحدث في نطاق انتشار أشجار القرم من خلال مقارنة صور الأقمار الصناعية التي تغطي ثلاثة عقود.. وقد وجد أن هناك انخفاضا بنسبة 26 في المائة في المساحة التي تغطيها أشجار القرم في الفترة من عام 1987 إلى عام 2001 إلا إن جهود إعادة التأهيل الأخيرة الناجحة غيرت مسار هذا التراجع وأدت إلى زيادة مساحتها بنسبة 61 في المائة من عام 2001 إلى عام 2017 ومن خلال رسم الخرائط التي تغطى هذه الفترة الزمنية.

وقالت الدكتورة شيخة سالم الظاهري المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة - أبوظبي إن نتائج الدراسة تضيف قيمة كبيرة لجهودنا في الحفاظ على غابات أشجار القرم من خلال توفير معلومات عن حالتها وصحتها بشكل سريع كما تساهم الدراسة في فهم تأثير الأنشطة البشرية والظروف الطبيعية بشكل أفضل على هذا الموئل المهم والحساس للغاية.

وأضافت انه من خلال هذه الدراسة سنتمكن من وضع قاعدة بيانات دقيقة لصحة ونطاق انتشار أشجار القرم في الوقت الحالي الأمر الذي سيسمح لنا بالتوصل لفهم أفضل للخدمات التي يوفرها النظام الإيكولوجي لأشجار القرم بما في ذلك عزل الكربون وهو جزء لا يتجزأ من دراسة تأثيرات تغير المناخ.

يذكر أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - كان قد أطلق برامج تشجير واسعة النطاق في دولة الإمارات في أواخر السبعينيات ما أسهم إلى حد كبير في اتساع رقعة غابات القرم على مدى العقود الماضية.

وتعمل هيئة البيئة - أبوظبي حالياً على إعادة تأهيل وحماية غابات أشجار القرم على طول الساحل الرئيسي لجزر وإمارة أبوظبي فمنذ نوفمبر 2009 تشارك الهيئة في تنفيذ برنامج لإعادة تأهيل أشجار القرم حيث تم غرس 3.1 مليون شتلة من أشجار القرم على سواحل الغربية والسعديات والجبيل وجزيرة الموئل ويساعد برنامج زراعة أشجار القرم في الحد من آثار الأنشطة التطويرية على غابات القرم التي تنمو بشكل طبيعي.