تعتزم الجزائر دخول ميدان الصناعات الثقيلة عبر مشاريع مشتركة مع دول متقدمة وبتمويل مشترك مع الإمارات. واختارت الجزائر الخبرة الألمانية لتطوير صناعتها الميكانيكية من خلال التوصل إلى اتفاق مع شركة دايملر لصناعة السياراتاعتبرت الجزائر الشراكة مع  المجمع الألماني دايملر (مرسيدس- بنز)، تقدما تكنولوجيا هاما في مجال الصناعات الميكانيكية الوطنية، فيما تؤكد ألمانيا حرصها الشديد على فتح مجالات تعاونها مع الجزائر لقطاعات أخرى. وتوصلت وزارة الدفاع الوطني الجزائرية وصندوق الاستثمار الإماراتي "آبار" ومجموعة "دايملر" الألمانية إلى الاتفاق النهائي للبدء في تنفيذ الشراكة الاقتصادية المتعلقة بإنشاء ثلاث شركات ذات رأسمال مختلط بين الجزائر والإمارات وألمانيا، وذلك في إطار تفعيل بروتوكولات الاتفاق الخاص بإقامة ثلاثة مصانع لإنتاج شاحنات الوزن الثقيل، بالعاصمة، وعربات من الحجم المتوسط وسيارات الدفع الرباعي بمنطقة النشاط الصناعي "بوشقيف"، بولاية تيارت بغرب الجزائر بعلامة مرسيدس. أما المصنع الثالث فسيقام بولاية قسنطينة بشرق الجزائر والذي سيخصص لإنتاج المحـــركات الخاصة بكل نوع من الأنواع المذكورة سابقا.وأكد اللواء رشيد شواقي، مدير الصناعات العسكرية بوزارة الدفاع الوطني، أنه تم تحديد حوالي 30 مناولا وطنيا في إطار مشاريع الشراكة الجزائرية – الإماراتية - الألمانية لتطوير الصناعات الميكانيكية. وأوضح اللواء شواقي، أن مشروع الشراكة الضخم سيكون "قيمة مضافة لصناعتنا، ويشكل تقدما تكنولوجيا هاما بالنسبة للجزائر". ودعا مدير الصناعات العسكرية بوزارة الدفاع الوطني، المناولين الوطنيين إلى تحسين تنافسيتهم، حتى يتم اختيارهم كمجهزين لقطع الغيار لهذه المشاريع الثلاثة.ونوه بن دريميع السعيد، مدير الدراسات بالمديرية العامة لترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بوزارة الصناعة، إلى تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار بالشراكة الإستراتيجية الجزائرية- الألمانية التي بدأت تتوسع أكثر نحو قطاعات حيوية جديدة. وقال بن دريميع في تصريح للإذاعة الجزائرية،"نسعى مع شركائنا الألمان إلى تمكين الاقتصاد الجزائري من أن يصبح معيارا، ونموذجا ناجحا في التنافسية العالمية".يما أكد "غوتز لينغنتال"، السفير الألماني في الجزائر، على حرص بلاده في تطوير الشراكة مع الجزائر، في مجالات جديدة مختلفة، وإن اهتمام ألمانيا في الجزائر لن يبقى محصورا في "مشروع ديزرتيك" والطاقات المتجددة، بل سيمتد لمجال البناء والأشغال العمومية والنقل وصناعة الأدوية والإعلام والسياحة، وغيرها من المجالات. وأضاف "غوتز لينغنتال" أن "ألمانيا تأمل توسيع وتكثيف علاقاتها مع الجزائر في كافة المجالات الممكنة"، وما الاتفاق الأخير حول تصنيع سيارات وشاحنات "مرسيدس" إلا خطوة ستتلوها خطوات أخرى في المستقبل تعزز من قيمة التعاون الجزائري- الألماني، وتوسع من أفاقه.واتفق الطرف الجزائري الممثل بوزارة الدفاع الوطني والمؤسسة الوطنية لصناعة السيارات بداية شهر كانون الثاني/ يناير الجاري مع صندوق الاستثمار الإماراتي "آبار"، كشريك تكنولوجي ومالي رئيسي بالتعاون مع الشركة الألمانية "دايملر" على أن ينتج مصنع الرويبة 17 ألف شاحنة سنويا بعلامة مرسيدس- بنز، ووفق معايير الجودة العالمــية المطبقة من قبل الشركة الألمانية في مصانعها حول العالم. ونفس المعايير ستطبق بكل من تيارت الذي سينتج 10 آلاف سيارة رباعية الدفع وعربة نفعية من الحجم المتوسط في السنة، فيما سينتج مصنع واد حميمين بقسنطينة 26 ألف محركا سنويا.وجاء في بيان لوزارة الدفاع الجزائرية أن "الإنتاج سينطلق سنة 2014 بمختلف مواقع الإنتاج بعد الانتهاء من انجاز استثمارات المنشآت القاعدية والتكوين الضروري لـ900 مهندس وتقني. وسيتم في هذا الإطار إنشاء ثلاث مدارس لتكوين العاملين في مختلف اختصاصات المصانع الثلاثة، يؤطرهم مختصون من"آبار" و"دايملر" بمستوى نظرائهم في مصانع الشركة في العالم. وتقدر حصة "آبار" في المشروع بنحو 24.5 %، فيما تعود حصة مماثلة إلى مجموعة من الشركات الألمانية المتخصصة في الصناعات الميكانيكية، وهي شركات "مان" و"فيروستال" و"دايملر" و"دوتز" و"أم. تي. أو" و"راينميتال"، المتخصصة في الهندسة الدفاعية وصناعة مكونات السيارات والطاقة، فضلا على احتفاظ الحكومة الجزائرية بنسبة الأغلبية وحصة 51 بالمائة من رأسمال المشروع من خلال وزارة الدفاع الوطني والمؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية.وتقدر القيمة الإجمالية للاستـــثمار بين الحكومة الجزائرية وتحالف "آبار" و"دايملر" بـ 720 مليون دولار في المصانع الثلاثة التي يتوقع لها تغطية 100% من احتياجات وزارات الدفاع والداخلية من العربات والشاحنات خلال الخمس سنوات الأولى من الإنتاج، وسيتم الشروع في التصدير في مرحلة ثانية من المشروع.وأعتبر حمود تازورتي، المدير العام للشركة الوطنية للسيارات الصناعية للرويبة، "أن تحقيق هدف الشراكة والارتقاء بالصناعة الميكانيكية في الجزائر، عمل طويل الأمد، خاصة عندما يتعلق بنشاط نوعي ولعلامة مشهورة ومشهود لها بجودتها وصلابة منتجاتها على المستوى العالمي". ويؤكد الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن مبتول، على جدية الشراكة الألمانية الجزائرية في الارتقاء بالصناعة الميكانيكية، "خاصة وأن الطرف الجزائري الممثل بوزارة الدفاع لها دور كبير في إحياء الشركة الوطنية للسيارات الصناعية التي كانت على مشارف الإفلاس، وأن مستقبل هذه الشراكة سيعرف تطورا كبيرا في المرحلة الثانية، بعد توجيه الإنتاج نحو احتياجات جيوش الكثير من الدول الإفريقية". ويضيف مبتول لـ DW عربية، أن العقد المبرم له أهمية دولية للطرفين، وسيحدث ثورة في مجال الصناعة الميكانيكية في الجزائر".ويرى المحلل الاقتصادي، صالح سليماني، أن أهمية هذه الشراكة تكمن في ما توفره المصانع الثلاثة وشركات المناولة التي تم اختيارها من فرص العمل في مختلف التخصصات، حيث من المنتظر توظيف أكثر من أربعة ألاف عامل جديد في المرحلة الأولى. وأضاف صالح سليماني لـDW عربية، "لقد جاء اختيار الجيش الوطني الشعبي للصناعة الميكانيكية الأولى عالميا، ليؤكد مدى حرص الجزائر على انتقاء النوعية والجودة لإقامة شراكاتها في مختلف المجالات". ويأمل سليماني في أن تتوسع الشراكة إلى السيارات السياحية، حتى يتمكن المواطن الجزائري التمتع بمزايا السيارة الألمانية في السلامة والرفاهية، بأسعار تنافسية.