هل يتفاعل الفيدرالي مع متغيرات الأسواق العالمية؟

على مدار ثلاث سنوات، وجانيت يلين، رئيسة المجلس الاحتياطي الفيدرالي، لا تتفاعل مع المتغيرات التي طرأت أخيراً على أسواق المال سواء الأميركية أو العالمية.

ورغم خبرتها الواسعة في القطاع المصرفي، إلا أن تجاهل "يلين" لهذه المتغيرات يعكس ربما العديد من الانعكاسات السلبية سواء على الاقتصاد الأميركي أو على النظام المالي العالمي الذي لا يتحمل في الوقت الحالي أي ضربة جديدة.

وتولت جانيت يلين رئاسة المجلس الاحتياطي الفيدرالي في أكتوبر من العام 2013 بترشيح من الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبحسب تصنيف مجلة "فوربس" لأقوى الشخصيات في العالم للعام 2014 حازت "يلين" على المركز السادس عالمياً.

أولى هذه المتغيرات التي لا تتعامل معها رئيسة المجلس الاحتياطي الأميركي بمزيد من الجدية والاهتمام، تتمثل في الفقاعات التي تتسبب بها البنوك المركزية في أسواق الأسهم والسندات، ما دفعها إلى التصريح في وقت سابق بأن أسعار الأصول تتماشى مع المعايير التاريخية، وهو ما يتنافى مع الحقيقة تماماً، إذ بلغ سوق المال مستوى تاريخياً من القيم المبالغ فيها.

كما تظهر نسب متوسط السعر للأرباح والسعر للمبيعات وإجمالي القيمة السوقية إلى الناتج المحلي الإجمالي، أن فقاعة سوق الأسهم بعيدة تماماً عن الواقع الاقتصادي أكثر من أي وقت مضى.

وقد بلغت القيمة السوقية للأسهم إلى حجم الاقتصاد 70% أي أكثر من المستوى المحقق خلال الفترة من العام 1975 إلى 1990.

وبالنسبة للديون، فقد بلغت نسبة السعر إلى الأرباح بمؤشر "إس آند بي 500" حالياً 25%، بينما المتوسط التاريخي هو 15% فقط. وهو أمر نادر الحدوث في ظل تراجع الأرباح لستة فصول متتالية، مع توقعات بهبوط الأرباح بنسبة 2.3% على مدار العام، وهذا باستثناء انخفاض الدولار بنسبة 4% خلال 2016.

يضاف إلى ذلك الاستمرار في طباعة المال، حيث يطبع المركزي الأميركي نحو 200 مليار دولار شهرياً، ما أدى إلى زيادة ضخمة في ديون الشركات، كما ارتفعت ديون الأسر في الولايات المتحدة لتصل وفقاً للأرقام الحديثة إلى نحو 14.3 تريليون دولار، وهو الدافع وراء تخفيض أسعار الفائدة الذي انتشر في كافة أنحاء العالم.

ولا تقتصر فقاعة ديون الشركات على الولايات المتحدة فقط، حيث نمت ديون الشركات في الأسواق الناشئة إلى 25 تريليون دولار بما يمثل نحو 104% من الناتج المحلي الإجمالي في الأسواق الناشئة، مقارنة بنحو 57% في نهاية العام 2008.

وارتفع إصدار الديون العالمية بمقدار 5.02 تريليون دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري، ووفقاً لتقرير أصدره صندوق النقد الدولي، فإن العالم يسبح في ديون حجمها 152 تريليون دولار، حيث بلغت الديون العالمية العامة والخاصة نحو 225% من الناتج الاقتصادي العالمي العام الماضي ارتفاعاً من حوالي 200% في 2002.

وأوضح تقرير الصندوق أن حوالي ثلثي إجمالي 2015 أي نحو 100 مليار دولار مستحق على مقترضين من القطاع الخاص، مشيرا إلى أن تنامي الدين الخاص عادة ما يفضي إلى الأزمات المالية.

وتسبب سخاء البنوك المركزية في ارتفاع ديون الحكومات والأسر والشركات، كما أن هناك 13 تريليون دولار من الديون السيادية السويسرية والألمانية التي تتداول وفق عوائد سلبية، تمثل فقاعة صارخة يجب أن يلتفت إليها الفيدرالي الأميركي.

في نهاية سبتمبر الماضي، قالت "يلين" إن مجلس الاحتياطي الاتحادي يدرس تغييرات في اختبارات التحمل السنوية التي يجريها على البنوك الأميركية للانتقال إلى نهج أكثر استجابة للمخاطرة، يراعي احتياجات كل بنك على حدة مع رفع متطلبات رأس المال للبنوك الكبيرة، بناء على نتائجها في الاختبارات.

وذكرت يلين خلال شهادة أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب الأميركي أن مجلس الاحتياطي "يدرس حاليا إدخال عدة تغييرات على منهجية اختبارات التحمل وطريقة إجرائها".

وتهدف اختبارات التحمل إلى التحقق من قدرة كل بنك على اجتياز أزمة مالية ضخمة، لكنها لم تعلق على توقعات الاقتصاد أو السياسة النقدية.