القاهرة- واس
رغم أن الصين تضغط بقوة من أجل بدء جولة جديدة لخصخصة الشركات المملوكة للدولة، إلا أن جهود الحكومات المحلية لإخراج النقود من الشركات الحكومية الرائدة المُثقلة بالديون، سوف يتضح أنها محاولة أصعب من عمليات الخصخصة الرائد ة التي انطلقت قبل نحو عقدين من الزمن.
ففي ذلك الحين، وتحت شعار "امسك الشركات الكبيرة، وأطلق الصغيرة"، كما ذكرت صحيفة (فايننشيال تايمز) البريطانية، تم تخصيص أو تصفية آلاف الشركات الوطنية والإقليمية ذات الأداء الضعيف، أما الشركات الأقوى، إما أنها أعيدت هيكلتها وإما أُدرجت جزئياً في البورصة، وهو ما أدى إلى جمع مئات المليارات من الدولارات.
بيد أن ذلك الوضع قد تغير بعد عام 2003، عندما أصبحت بكين مترددة في التخلص من الشركات الضعيفة المملوكة للدولة؛ ذلك أن السياسة النقدية المتساهلة لبرنامج التحفيز الاقتصادي عام 2008 في الصين، إلى جانب التوجيهات السياسية للشركات المملوكة للدولة من أجل دعم الاقتصاد عبر الاستثمار، ألحقت الضرر بميزانياتها العمومية وقلصت العائدات على الأصول.
واليوم، يضغط دين الحكومات المحلية من أجل حملة جديدة للخصخصة؛ إذ إن بيع حصص في الشركات المملوكة للدولة سوف يساعد على تسديد أكثر من 2.9 تريليون دولار، ما يعادل 58 % من الناتج المحلي الإجمالي.
مشكلات الديون
في هذا السياق، يقول ديفيد دولار، مدير البنك الدولي السابق المسؤول عن منطقة الصين، الذي تقاعد العام الماضي من منصب المسؤول الأعلى التابع لوزارة الخزانة الأميركية في بكين: "مشكلات ديون الحكومات المحلية ستكون قوة دافعة مهمة من أجل خصخصة الشركات المملوكة للدولة. بعض الحكومات المحلية أقدمت على عمليات اقتراض مفرطة، وستواجه صعوبة في سداد ديونها، خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة في أعقاب التحرير المالي".
ومنذ الأزمة المالية العالمية، اتسعت الفجوة الإنتاجية بين المجموعات المملوكة للدولة وبين مجموعات القطاع الخاص، مع متوسط عائد على الأصول للشركات المملوكة للدولة يبلغ نحو 4.6 %، مقارنة بـ 9.1 % لشركات القطاع الخاص، وذلك وفقاً لتقديرات "جافيكال دراجونوميكس" وهي شركة للأبحاث الاقتصادية مقرها في بكين.
وهذه العائدات الكئيبة تعتبر إشكالية بشكل خاص لأن الشركات المملوكة للدولة تسيطر على %30 من إجمالي الأصول في القطاعات غير الزراعية حتى عام 2008، وهو العام الأخير للتعداد الاقتصادي في الصين، لكنها تمثّل 3 % فقط من إجمالي عدد الشركات. وعندما يتعلق الأمر بالشركات الوطنية المملوكة للدولة، فإن التركيز سيكون على تحسين القدرة التنافسية.
وفي الواقع، قبل أن تكشف الحكومة المركزية عن برنامجها التجريبي، أعلنت المناطق المجاورة من ضمنها شنغهاي وبكين وجوانجدونج وتشونجتشينج عن خطط، على الأقل جزئياً، لتخصيص عدد كبير من الشركات المملوكة للدولة؛ حيث تنوي شنغهاي فتح المجال لأكثر من 60 % من أشكال الاستثمار الخاص.
الشركات المحلية المملوكة للدولة تغطي تقريبا كل صناعة، لكنها تملك عائدا على الأصول يبلغ 1.2 % فقط في المتوسط للشركات غير المالية، مقارنة بـ 2.5 % من الشركات المركزية المملوكة للدولة.
الطاقة الانتاجية المفرطة
الديون، والربحية الضئيلة، وعدم الكفاءة والطاقة الإنتاجية المفرطة ــ العوامل نفسها التي تدفع البحث عن الاستثمار ــ من المرجح أن تردع المشترين، كذلك ربما تثبط الحكومات المحلية المشترين، إذا حاولت هذه الحكومات انتزاع التزامات للحفاظ على فرص العمل في المصانع غير المنتجة.
من جانبه، يقول يوكون هوانج، وهو مستشار أول في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ومدير سابق في البنك الدولي مسؤول عن المنطقة: "لا أعتقد أن بيع حصص أقلية في شركة مملوكة للدولة يهُم كثيراً من حيث الحُكم. في نهاية المطاف، يعتمد ذلك على من سيسيطر على الشركة.
أما صناع السياسة في الصين فهم لا يوافقون على هذا الرأي، معتقدين أن الخصخصة الجزئية وإصلاحات الحُكم في الشركات، يمكن أن يُنتجا مكاسب كفاءة مع ترك السيطرة لهم.