الشركات الصينية

يتوقع خبراء ومسؤولون أن يحفز التدهور الكبير لليورو الشركات الصينية على تسريع وتيرة إقبالها على الاستثمار في أوروبا، لا سيما من خلال البحث عن أصول بأسعار أفضل، كما يتبين من الصفقة المتعلقة بمجموعة "بيريلي" الإيطالية.

مجموعة "بيريلي" لصناعة الإطارات التي تعتبر رمزًا صناعيًا لميلانو، ستضم حصصًا صينية مع دخول شركة شيمتشاينا إلى رأسمالها عبر عملية معقدة كشفت الأحد. وتقدر قيمة الصفقة الاجمالية بـ7,4 مليار يورو أي حوالى 49 مليار يوان بسعر الصرف الرسمي الحالي. لكن ذلك كان من الممكن أن يمثل 14 مليار يوان إضافي لو تمت العملية في أيار/ مايو من العام الماضي.

ففي هذه الأثناء تدهور اليورو وفقد 20 في المائة من قيمته مقابل الدولار الأميركي، على إثر سياسات البنك المركزي الأوروبي لانعاش النمو، في موازاة ذلك تدهورت العملة الأوروبية الموحدة بالنسبة نفسها مقابل اليوان.

وأعرب المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية شين دانيانغ عن ارتياحه قائلًا "إنّ تدهور قيمة الأصول باليورو تمثل فرصة ممتازة للشركات الصينية لتحقيق استثمارات وعمليات شراء" بأسعار جيدة.

وهذا الاتجاه ليس جديدًا، فبكين دفعت شركاتها لتصبح دولية لضمان الحصول على إمدادات من المواد الأولية وأسواق تجارية واكتساب مهارات تكنولوجية، فيما يطمح ثاني اقتصاد عالمي إلى "صعود نوعي" لصناعاته.

ومن المتوقع أنّ تتسرع هذه الحركة "لا سيما وأنّ الصين تسجل داخليًا تباطوءًا اقتصاديًا كبيرًا" بحسب رئيس غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين يورغ فوتكي. وتوقع الأخير في مقابلة مع وكالة فرانس برس "هجمة (صينية) واسعة في أوروبا".

وقد تضاعفت الاستثمارات الصينية في الاتحاد الأوروبي عشر مرات خلال شهري كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير على مدار عام، بحسب الجمارك الصينية التي أشارت إلى صفقة الشركة النفطية العملاقة "سيان بي سي" في هولندا. وكانت "تضاعفت ثلاث مرات عمليا" في العام الماضي.

ويتوقع أن تتسارع الوتيرة بشكل أكبر خصوصًا وأنّ بعض المفاوضات "تتطلب عادة عدة أشهر" كما نبه دريريك سيسورز من مؤسسة الأبحاث "أميركان انتربرايز".

لكن الصفقات التي يجريها صينيون لا تمر من دون أن تثير ردود فعل انفعالية أو غاضبة لدى الرأي العام كما حصل في فرنسا مع سيطرة مجموعة "فوسون" على "كلوب ميد" أو مساهمة "كونسورسيوم" صيني في مطار تولوز، كذلك الإعلان عن شراء مرفأ "بيريوس" ألهب اليونان.

ويبدو أنّه لم تبق أي من القطاعات في منأى، من القطاع الفندقي إلى صناعة الألبان والكروم وصولًا إلى نوادي كرة القدم مرورًا بصناعات السيارات مع دخول "دونغفينغ" في رأسمال "بيجو سيتروين".

إلا أنّ الصينيين يتكيفون مع الأوضاع رغبة منهم في تجنب الجدالات. وقال سيسورز "إنهم يملكون من الذكاء ما يكفي لاستحواذ أسهم أقل في الشركات الشهيرة" أو اختيار أهداف أصغر.

وكذلك في قطاع المال، فقد أعلن المصرف الهولندي "اس ان اس ريال" منتصف شباط بيع فرعه المتعلق بالتأمين لشركة التأمين الصينية "ان بانغ"، التي سبق ووضعت يدها في منتصف كانون الأول على فرع "دلتا ليود بنك بلجيوم" لشركة التأمين "دلتا ليود".

إلى ذلك تستفيد نحو اثنتي عشرة شركة صينية مباشرة من تراجع اليورو، لأنها تستدين بهذه العملة بدلًا من سندات بالدولار، التي تقل جذبًا، نظرًا إلى توقع رفع الاحتياطي الفدرالي الأميركي معدلات الفائدة. وهذه السندات باليورو يمكن أيضًا أن تسمح بتمويل عمليات في أوروبا.

وبحسب شركة "ديلوجيك" فإن أربع شركات مقرها في الصين الشعبية أصدرت ما يساوي 2,82 مليار دولار من السندات باليورو منذ بداية العام الجاري مقابل 1,92 مليار (خارج المؤسسات المالية) للعام الماضي.

وجمعت "ستين غريد كوربوريشن اوف تشاينا" التي تملك حصصًا في شركات توزيع الكهرباء في البرتغال وإيطاليا، مليار يورو في كانون الثاني. في المقابل، فإن ارتفاع قيمة اليوان مقابل اليورو له وجه سلبي للغاية لأنه سيضر بالقدرة التنافسية للشركات الصينية في الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للبلاد.