دبي صوت الامارات
تعد استثمارات الملكية الخاصة (private equity) من أصعب الاستثمارات وأكثرها كرماً بالعوائد، لكن شح السيولة ومخاطر البيئة الاستثمارية يغلّبان الحذر هذه الأيام، ويجعلان جمع الأموال لصالح الصناديق مهمة شاقة في المنطقة.
لم تكن الأشهر الماضية حافلة بالكثير، ما يفتح شهية المستثمرين، فمن استمرار تقلبات النفط إلى المخاوف من تباطؤ الاقتصاد الصيني، مروراً بتصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي وحيرة المستثمرين من إشارات الفيدرالي حول رفع الفائدة، تزعزعت البيئة الاستثمارية وكثرت التقلبات في الأسواق العالمية.
في أجواء كهذه، لا غرابة أن تتراجع استثمارات الملكية الخاصة بنسبة 13% عالمياً خلال الربع الثاني من العام الحالي، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، لتسجل 89 مليار دولار، بحسب بيانات "Preqin".
إلا أن اتفاقية صندوق الاستثمارات العامة السعودي مع مجموعة "سوفت بنك" اليابانية أتت لتغيّر هذا الواقع. فالطرفان سينشئان أكبر صندوق استثمارات خاصة على الإطلاق، بقيمة 100 مليار دولار، ليتفوق على حجم الصندوق الذي أسسته "بلاكستون" عام 2006.
فهل ستُلهم رؤية الصندوق السيادي السعودي المستثمرين وتجعلهم يركزون على المدى الطويل أم أنهم سيستسلمون لشح السيولة وحالة عدم الاستقرار المسيطرة على المدى القصير؟
الإجابة ربما جاءت من قطر التي أعلنت أنها تدرس الانضمام إلى الصندوق الياباني – السعودي المشترك.
التقييمات أصبحت مغرية
بعد نشاط ملفت لاستثمارات الملكية الخاصة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 2014، جاء العام 2015 ليعكس هشاشة البيئة الاستثمارية في المنطقة، حيث تراجعت قيمة الاستثمارات المباشرة والمخاطرة 4 في المئة، على الرغم من ارتفاع عدد الصفقات من 72 في 2014 إلى 175 في 2015. اليوم، ومع استمرار تقلبات أسعار النفط والاضطرابات الأمنية في المنطقة، في أي منحى تسير استثمارات الملكية الخاصة في المنطقة وأين تكمن فرص الاستثمار؟
يشير مصطفى عبد الودود، رئيس الأنشطة العالمية للاستثمار المباشر في "أبراج للاستثمار المباشر" التي تدير أصولاً تفوق قيمتها 10 مليارات دولار، في مقابلة مع "الأسواق العربية"، إلى أن شح السيولة الذي تعاني منه الشركات في الشرق الأوسط ضغط على هوامشها وأضعف فرصها للحصول على تمويل جديد، لا سيما من البنوك، ما أضعف قيمة أسهمها. هذا قد يجعل تقييمات الشركات مغرية للمستثمرين، وبالتالي يحفز اقتناص الفرص. ولكن متوسط حجم الصفقات سيكون مؤشرا مهما بالطبع، لا سيما بعد تراجعه العام الماضي إلى 51 مليون دولار من مستويات قياسية وصل إليها في 2014 عند 70 مليون دولار.
أين تكمن فرص الاستثمار اليوم؟
"ليس لدينا أي مخاوف من الاستثمار في دول مجلس التعاون"، يؤكد عماد غندور، الشريك المؤسس والمدير العام لشركة "سيدار بريدج"، وهي شركة استثمار تهتم بقطاع الرعاية الصحية والتعليم (لديها أيضا استثمارات في قطاعات أخرى). ويرى غندور أن الإصلاحات التي تقوم بها هذه الدول ستؤسس لبيئةٍ استثمارية قوية في المستقبل، معتبراً أن دبي تتصدر القائمة.
قد يتردد المستثمرون في المقابل في الاستثمار في دول أخرى في المنطقة، لا سيما تلك التي ما زالت تتلقى صدمات الصراع في سوريا وتتصارع مع عبء خدمة الدين. كما قد يُعتبر المناخ الاستثماري في مصر غير مشجع للمستثمرين وسط خطورة شح العملة الأجنبية.
الاستثمارات مستمرة ولكن التمويل شحيح
يؤكد عماد غندور لـ"الأسواق العربية" أن حركة استثمارات الملكية الخاصة مستمرة في المنطقة، ولكن جمع أموال جديدة (fundraising) هو الذي يشهد جموداً، حيث تستمر شركات وصناديق الاستثمار المباشر باستثمار الأموال التي جمعتها في السنوات الماضية، ولكنها تجد صعوبة في جمع أموال جديدة.
يلفت غندور إلى أن الأموال الآتية من المنطقة مرتبطة بتقلبات أسعار النفط التي تضغط على السيولة، مشيراً من الناحية الأخرى إلى أن المستثمرين الأجانب لن يقدموا على الاستثمار في منطقة طالما تفقد الاستقرار.
القطاعات الجاذبة
القطاعات التي يختارها المستثمرون هي أيضا مؤشر مهم لنبض وشهية الاستثمار. ففي أوقات التقلبات الاقتصادية غالبا ما يلجأ المستثمرون إلى القطاعات الدفاعية التي لا تتأثر أعمالها بشكل مباشر بها، مثل الرعاية الصحية والخدمات اللوجتسية وغيرها.
ولكن بالرغم من ذلك، استطاعت بعض الشركات في قطاع الخدمات المالية الحصول على التمويل، لا سيما تلك العاملة في خدمات التكنولوجيا المالية ((Fintech، منها شركة liwwa الأردنية التي جمعت 2.3 مليون دولار هذا العام. من جهة أخرى تخارجت "بيت الاستثمار العالمي" (غلوبل) من شركة التسهيلات التجارية الأردنية بصفقة قيمتها 29 مليون دولار.