القاهرة-صوت الإمارات
في اصدار يضم مسرحيتين جديدتين يواصل خالد وهدان مسيرته الابداعية ويتصدى لقضايا الربيع العربي فيما حصد من قبل عدة جوائز وله العديد من الإصدارات المسرحية والقصصية والسياسية.
وهذا الإصدار الجديد مكون من مسرحيتين، الأولى بعنوان"أبريل 2003م" وهو تاريخ سقوط بغداد، التى يراها المؤلف النقطة المفصلية والتفسيرية لعديد من الشواهد المدمرة التى تحدث في العالم العربي الآن، وفقا لما يعرف بالربيع العربي وخاصة سوريا والعراق من حروب وطائفية وقتل ودمار بسبب غياب الديقراطية وتداول السلطة بشكل ديمقراطي سلمي.
وتدور أحداث المسرحية في سفينة يقودها ربان كهل يفتقر إلى مواصفات القيادة الرشيدة للبلاد والمواطنين وفقا لمتطلبات العصر الحديث، فكان عليه أن يستعين بمساعديين من أهل الثقة والمقربين لقيادة كل مفاصل البلاد التي ترهلت بفعل تجريف كافة العقول الفاعلة، بينما العالم يتغير بسرعة البرق دون أن يدرى بما يحدث حوله.
وتنعكس فكرة المسرحية وأحداثها من خلال ديكورها وتقسيم المسرح، فنجد الربان يتوسط جوقة كبيرة من الرجال والنساء تحتشد في مقدمة سفينة عتيقة ويقبض بصعوبة على عجلة السفينة المتهالكة التي يقودها.
تلك السفينة التي نقشت عليها آثار محيت معالمها بفعل الإهمال، فيما الربان والجوقة يرتدون ملابس غربية وأقنعة كأنهم في حفلة تنكرية، وتمتد أماهم موائد الشراب واللحوم التي وضعت بدمها دون طهي، يشربون ويأكلون وهم يطلقون الضحكات المستهترة، والأمواج العاتية تستبد بالسفينة الواهنة فتوشك على إغراقها، لا تستقر إلا في ظل صراخ مجموعة من الضعفاء.
وتبدأ الأحداث وتمضي على فتاة وشاب ينسجان ثوب حبهما خلال ميعادهما اليومي أمام النهر وصيد الأسماك، لكن بالقاء صنارتهما في الرمال بدلا من النهر الذي جفت خيراته وثروته بسبب الجوقة الفاسدة.
ويعلق البطل وبجواره البطلة في استهلال للمسرحية التي كتبت بالفصحى، على مشهد الربان المتداعي وهو يقود السفينة ودفته مرتعشة بين يديه: "سفهاء يقودون السفينة".
وتتحرك الصراعات في المسرحية بين أحلام الجيل الجديدوالجيل القديم الحاكم بالثقافة القديمة في الحكم والادارة وتدبير شئون البلاد، ووسط هذا اليأس تنتهي الأحداث بصعود فئة من المتشددين المنقطعين عن متطلبات العصر وتحاول هذه الفئة على طريقتهم المتشددة أن تقصي الجميع لتستشرف المسرحية حقيقة هؤلاء المتشددين والمتسترين وراء شعارات دينية.
أما المسرحية الثانية "وردة وسيف" والتي اختيرت كعنوان للاصدار الجديد لخالد وهدان فتتناول الأحلام السياسية الرومانسية نحو العدل مقابل الديكاتورية، ومن أول وهلة نرى رمزية المسرحية من خلال خشبة المسرح التي تحولت إلى قصر أثري مقسم إلى قسمين.
القسم الأول: علوي, عبارة عن قصر الرجل الأول يتـصدره مجلســه وحاشيتـه, والقسم الثاني: سفلي, عبارة عن سجن مظلم مكتظ بالبشر, مرسوم على جدرانه ملامح تاريخ قديم في نماذج معبرة, وقد محيت ألوانها, وبين القسمين يتدلي قفص ذهبي محبوس بداخله عصفور هزيل, يقف أسفله ثلاثة من الحراس, كخيال ضخم.
تتناول المسرحية أصوات الشباب البكر الرومانسية والتي شبهها الكاتب بالورود نظرا لفطرتهم الطيبة وعمق ونبل أفكارهم وأحلامهم، مقابل أصوات الحكم المستبدة التي تتجسد في السيف الذى يقابل كل رأي أو وردة بجبروت السيف والسجن والدم.
والبطل الأساسي في المسرحية يحمل في صوته وقلبه كل الأصوات والأحلام الرومانسية بشكل عصري وجرىء ويقابل صوت "الرومانسي" شخصية "الملك" الذي يمتعض من جرأة الشاب الرومانسي ويهرب من صوت نبوءه كابوسه الذي يطارده ويذكره بكل ماضيه وأخطائه في حق شعبه.
وتطور الأحداث والمسرحية ويقوم الملك بقطع رقبة "الرومانسي" بعدما يستمر في انتقاد حكمه بلا هواده مشجعا كل الأصوات الخافتة والخائفة والمترددة والتي تبغي السلام على التمرد ومواجهة الظلم ورسم مستقبل بلادهم عبر الأطر الديمقراطية.
لكن "الملك" يجد كل الأصوات تحولت إلى صوت واحد، ألا وهو "الرومانسي" يطالبون فقط بالحرية والعدل الذى غاب عن العالم والقلوب.
وهذه المسرحية من اصدار سلسلة اتحاد كتاب مصر لهذا العام، فيما تصدرت أغلفة ومتون مؤلفات خالد السيد وهدان من قبل مقدمات نقدية وسياسية لكبار الكتاب مثل سعد الدين وهبة ومحفوظ عبد الرحمن ود. عبد المعطي شعراوي وسامي خشبة.
والمؤلف حاصل على جائزة تيمور المسرحية مرتين عن نصين الأول: "الحياة على إيقاعات الموت"، صادر عن الهيئة العامة للكتاب عام 1998 تقديم: د. حسين عبد القادر، والثاني: "أخبار الربيع" صادر عن الهيئة العامة للكتاب عام 2005، تقديم: سعد الدين وهبة ومحفوظ عبد الرحمن. وحاصل أيضا على جائـزة اتحاد الكتاب عن مسرحية أخبار الربيع، وقام بمسرحة الإلياذة بالكامل لأول مرة في نص "حصان طروادة" عام 2008.