القاهرة ـ أ.ش.أ
"رحلة العائلة غير المقدسة"، رواية الكاتب عمرو العادلي، الصادرة حديثا عن الدار المصرية اللبنانية، تدور أحداثها حول عائلة بسيطة، ليس فيها ما يميزها عن مثيلاتها من العائلات الساكنة تحت خط الفقر، والعائشة على هامش الحياة، سوى تفاصيل إنسانية بالغة الشجن، تناولها الكاتب بلغة طافحة بالواقعية، ليقدم للقارئ عالما خفيا لا يدرك وجوده كثيرون رغم وضوحه الشديد.
الرحلة غير المقدسة تخص عائلة تكتسب نوعا من القدسية تستمده من إيمانها بالقدر والمقسوم، والإصرار - رغم شظف العيش - على الوفاء برسالتها في عمران الأرض، وتقبل الحياة بشقائها وعذابها قبل بهجتها وسعادتها.
وعبر 264 صفحة من القطع المتوسط، غاص الكاتب وتوغل في أدق تفاصيل هذه العائلة التي تعيش حياة أشبه بالموت، راضية بالقليل الذي حازته، وباحثة طوال الوقت عن أسباب للرضا حتى عندما تفقد هذا القليل بقسوة وغلظة.
وبمسحة خيالية، يروي الكاتب – على لسان الابن – قصة أفراد هذه العائلة البائسة، المكونة من الأم والأب والابن الراوي، والابن الأكبر فتحي، والابن الأوسط (المعاق) أنس، والجد طلبة.
وكما يتفوق الكاتب في وصف الواقع بأدق تفاصيله، يتميز كذلك في سبر أغوار الشخصيات، وما تفكر فيه، وما تشعر به، خاصة الابن الراوي: "تعلمت من جدي طلبة تأمل الناس كثيرا، والأشياء أيضا"، وهذا التأمل للناس وللأشياء، يوظِّفه الكاتب في وصف المواقف التي تمر بها العائلة، خاصة حين تدهم الشرطة منزلها العشوائي في "عزبة العقاد" وتهدمه بقسوة.
وبدأبه واحتفائه بالتفاصيل، يتابع الكاتب العائلة في رحلتها إلى "كشك الإيواء"؛ لينقل صورا قد تصدم الوجدان في بعض الأحيان، ولكنها تكشف في كل الأحيان واقعا معاشا بمآسيه المؤلمة للروح قبل الجسد، في رحلة يتساوى فيها الموت بالحياة، فيصبح رحيل أحد أفراد العائلة حدثا عاديا، لا يستحق التوقف أمامه بأكثر من إشارة عابرة.