القاهرة - وكالات
يعد كتاب "حكاية الدساتير المصرية فى مائتى عام"، مرجعاً شاملاً لمجموعة من الدساتير المصرية عبر قرنين من الزمان، بدأت أولى محاولاتها فى عهد محمد على باشا بعدما قدم رفاعة الطهطاوى ترجمة للدستور الفرنسى ثم البذرة البدائية الأولى لتنظيم شئون ومديريات ونظارات (وزارات)الدولة فيما عرف باسم (السياستنامة) ومرورا بالتجربة الرائدة فى عهد الخديو اسماعيل وهو دستور 1879 وهو الدستور الذى وضعه الرائد الدستورى وأبو الدساتير المصرية شريف باشا والذى وضع دستور الثورة العرابية دستور 1882 وقد ضم الكتاب الملابسات الكاملة حول ميلاد كل دستور على حدة وما صاحبها من جدل سياسى ومعارك دارت فى العلن وفى الكواليس كما ضم الكتاب النصوص الكاملة لهذه الدساتير، والكتاب صدر حديثا عن عن هيئة قصور الثقافة سلسلة (حكاية مصر) التى يرأس تحريرها الدكتور محمد عفيفى ويقع فى 550 صفحة. وعلى ذلك فالكتاب يعد مرجعا لمختلف القراء وفى الكتاب أورد المؤلف تجربة دستور 1954 ولجنة الخمسين (الأولى) التى صاغته بأسماء الأعضاء وتضمن الكتاب فصلا كاملا عن شريف باشا أبو الدستور المصرى وعن دستورى 1923 و1954 باعتبارهما دستورين نموذجيين ومن شأن هذا الكتاب الذى لقى توزيعا واسعا أن يشيع الثقافة الدستورية بين المصريين وبخاصة أن سعر الكتاب جنيهان فقط كما أنه صدر فى توقيت مناسب حيث يجرى حاليا على قدم وساق الإعداد لدستور جديد بعدما لحقت الكثير من التشوهات بما سبق من دساتير وتعرضت فى صياغتها لأهواء كثيرة خلال الثلاث عقود الأخيرة على الأقل يقول ماهر حسن فى مقدمة كتابه يخطئ من يظن أن مصر حديثه عهد بالدساتير والأنظمة الدستورية، فإذا ما تجاوزنا التجربة الوليدة والبذرة الأولى لدى الحملة الفرنسية على مصر، ومن بعدها فترة حكم محمد على باشا، فإننا نقف على أول صيغة دستورية سليمة ومتكاملة وواضحة ومتقدمة فى عهد الخديوى إسماعيل فى سياق مشروعه التحديثى والنهضوى لمصرعلى أكثرمن صعيد وهو دستور عام 1879الذى وضعه شريف باشا الذى استحق لقبه التاريخى "أبو الدستور المصرى" ثم تواترت التجارب الدستورية، فجاءت بعد ذلك دساتير أعوام 1923 ودستور 1930 ودستور 1954 ثم دستور 1956 ثم دستور الوحدة "بين مصر وسوريا" 1958 ثم دستور 1971 وما تعاقب عليه من تعديلات وصولا إلى دستور 2007 ويمكن القول إجمالا.. أن دستور 1971م كان أول محطة شهدت تلاعباً دستوريا وفق أهواء الحاكم وبمعاونة بطانته، ومهما يكن من أمر فإن هذا الكتاب تعقب المحطات الدستورية المهمة فى تاريخ مصر والذى يؤكد على قدم وعراقة التجربة الدستورية فى مصر ويقع الكتاب فى سبعة فصول الأول بعنوان عصر محمد على باشا بذرة أولى والثانى بعنوان عصر الخديوى إسماعيل بداية قوية والثالث بعنوان عصر الخديوى توفيق المحطة المهمة الثانية ودستور الثورة العرابية والرابع تحت عنوان محمد شريف باشا أبو الدستور فى مصر.. يسقط حكم العسكر وأفندينا أيضا والخامس تحت عنوان عصر عباس حلمى الثانى.. الرئيس الأمريكى يهين المصريين فى جامعة القاهرة والسادس بعنوان عصر الملك فؤاد ثورة 1919 وتوابعها الدستورية.. دستور 1923 و1930 فيما جاء الفصل والسابع والأخير تحت عنوان دساتير ثورة 23 يوليو وقد امتد هذا الفصل من ثورة 23 يوليو حتى شمل ثلاث عهود هى عهد عبد الناصر والسادات ومبارك وتضمن هذا الفصل دراما صياغة دستور 1954 وكان ماهر حسن قد حصل على أسماء لجنة الخمسين التى صاغت هذا الدستور، وكذلك المتابعات الصحفية لأجواء عمل لجنة الخمسين. وفى السياق، رصد ماهر حسن أهم المعارك والوقائع والمراحل الدستورية الساخنة بل والمفارقات والنصوص الكاملة لهذه الدساتير فى هذا الكتاب الذى يهدف لإشاعة المعرفة والثقافة الدستورية لدى عموم أبناء الشعب المصرى، حتى لا يكون هناك مجال للتلاعب بهم دستورياً من قبل البعض، كما أن جهل الناس بالدستور يجعلهم غير مؤهلين للحكم على أو التصويت أو إبداء الآراء فى أى تعديل دستورى تفرضه الحاجة أو تتطلبه مرحلة تحول سياسى ما تمر بها مصر ومنها بالطبع ثوره 25 يناير 2011 ويتعين إضافة إشارة ذات مغزى وتتمثل فى أن أكثر صيغ الدستور المصرى تطورا مثل دستور 1923، والأحدث منه دستور 1954 قد شارك فيهما لجان شملت رجال دين يهود ومسيحيين ومسلمين وفقهاء دستوريين ورجال سياسة، وأعيان وتجار ورجال فكر وأدب وعلوم وقانونيون وقد تحقق هذا فى لجنة الثلاثين التى صاغت دستور1923 وأيضا فى لجنة الخمسين التى صاغت دستور 1954 مما يؤكد على العقيدة الوطنية التاريخية أن مصر للمصريين جميعا كما أن المشاعر الوطنية ليست حكرا على فصيل سياسى دون آخر وأنها فوق الجميع وفوق مصلحة أى فصيل سياسى.