دار الكـتب في هيئة أبوظبي

أصدرت دار الكـتب في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة كتابًا جديدًا، بعنوان: "خيرالدين الزركلي: الشاعر العلم.. الصورة التي اختفت في ركام النسيان"، وهو عبارة عن دراسة موضوعية وفنية لنتاجه الشعري، أعدها عماد محمد حمرة.
 
ويقع الكتاب في 242 صفحة من القطع المتوسط الأنيق، متضمنًا مقدمة وتمهيدًا عن حياة الشاعر، وبابين: الباب الأول يتضمن أربعة فصول، وكل فصل يحتوي على نقاط عدة، أمّا الباب الثاني فينقسم إلى ثلاثة فصول تضمنت نقاطًا عدة، تطرق فيها الكاتب إلى محاور عدة، أهمها حياة خيرالدين الزركلي، الشعر الوطني والقومي والسياسي، الشعر الوجداني، الشعر الاجتماعي، الظواهر البلاغية، الظواهر الأسلوبية في شعر خيرالدين الزركلي، وغيرها الكثير من العناوين، ليعطينا فكرة شاملة عن حياة خيرالدين الزركلي، إلى جانب نتائج الدراسة، وملاحق البحث، ولم يغفل كتابة المصادر والمراجع التي استعان بها في إعداد هذه الدراسة.
 
وجاء في مقدمة الكتاب أنه وعلى الرغم من الشهرة الواسعة التي حققها الزركلي، من خلال كتابه "الأعلام"، ونتاجاته النثرية الأخرى التي أغنت المكتبة العربية، فإن نتاجه الشعري لم يلقَ أي اهتمام من الدارسين للأدب العربي الحديث، إلاّ في بعض النثريات التي اتخذت سبيلها إلى التعريف بحياته، مع الإشارة إلى بعض أشعاره حتى عام 1925م فقط.

كما ترك خيرالدين الزركلي مؤلفات مهمة أثرت المكتبة العربية، منها الآثار الشعرية، ولقد ضاع بعض من شعره في مقتبل العمر بسبب احتراقه وتلفه، من بينها مجموعة أعدت للطبع كانت بعنوان "عبث الشباب"، حيث التهمتها النار، وكان ذلك عام 1918م. وفي المرحلة التي امتدت من أواخر القرن التاسع عشر إلى سبعينات القرن العشرين كانت مسيرة شاعرنا "خيرالدين الزركلي"، حيث أنجبت لنا تلك المرحلة شعراء يستحقون من محبي ودارسي الأدب العربي أن يزيلوا غبار النسيان عن نتاجاتهم الشعرية، وبصفة خاصة الشعراء الذين لم ينالوا حظهم من الدراسة الوافية، ولم يسلط الضوء على الدواوين الشعرية التي تركوها. ولأن كتاب "الأعلام" الذي تركه لنا الزركلي قد سرق بريق نتاجه الشعري، لما يقدمه من فوائد جمة، قدمت هذه الدراسة الموضوعية والفنية عن خيرالدين الزركلي الشاعر.

وشعر خيرالدين الزركلي الوطني غزيرٌ جدًا إذا قورن بالأغراض الأخرى، فقد كان رائد الشعر الوطني في القرن العشرين، وقد تميّز شعره الوطني بالجرأة والعنفوانية الشعرية، وهذا ما أكسبه صدقية وانتشارًا بين الناس، فكان يطرح القضية بأسلوب مباشر بعيدًا عن الرمز والتلميح.

 حمل خيرالدين الزركلي وشهد ما تعانيه أمته العربية من هموم، حيث حمل هموم أمته منذ شبَّ على الطوق، فنافح بقلمه وفكره ومشاعره في سبيل حريتها واستقلالها، وتغنى بأمجادها، فملأ عيون الناس، وقلوبهم وعقولهم. وجاء الزركلي ليكون رائدًا في الشعر الوطني.. يومها كان في الشباب ويحمل حماسة الشباب، وهذه المرحلة الشعرية من حياة الزركلي، على الرغم من غناها بالأحداث، فإن النتاج الذي وصلنا منها قليل جدًا.

ويصنف الزركلي ضمن شعراء المدرسة الكلاسيكية التي سارت على نهج القدماء، وتمسكت بتجاربهم، وإن كان شعره لا يخلو من ومضات تجديدية، وقد كانت له تجارب الرومانسيين في قصائده التي تحدث فيها عن مشاعره تجاه الوطن، وقصائده في محاكاة الطبيعة والغزل، وقد جاء شعره سهلًا بسيطًا بعيدًا عن الرمز والتعقيد، وقد برع الزركلي في شعره الاجتماعي بالقصة الشعرية، إذ انتقد من خلال قصصه الواقع، وسلط الضوء على المشكلات الاجتماعية.