تسبب التوتر الديني بين جماعات تبشيرية مسيحية ومسلمين عرب بمدينة ديربورن بولاية ميشيغن الأميركية في إلغاء الدورة الـ18 للمهرجان العربي السنوي الذي كان مقررا في منتصف الشهر القادم، والذي أصبح على مدار السنوات الأخيرة مقصدا لمتعصبين أميركيين يتظاهرون احتجاجا على وقوع المدينة تحت حكم "قوانين الشريعة" الإسلامية، حسب زعمهم. وكانت بلدية ديربورن قد تكبدت مؤخرا خسائر مادية ومعنوية على خلفية خسارتها لدعوى قضائية رفعها مبشرون مسيحيون عام 2010، ادعوا فيها أن سلطات المدينة منعتهم من ممارسة حقوقهم في التعبير والتظاهر خلال فعاليات المهرجان العربي، مخالفة بذلك التعديل الأول من الدستور الأميركي. وقررت البلدية -التي غرمت بتعويضات مالية كبيرة، وبنشر اعتذار للمبشرين أصحاب الدعوى على موقع "المجلس البلدي لمدينة ديربورن" لمدة ثلاث سنوات مقبلة- نقل المهرجان من شارع وورن -الذي يعتبر العصب الاقتصادي لأعمال العرب التجارية- لأحد المنتزهات العامة، للتخفيف من حدة التوتر المتوقع بين مسلمي المدينة والجماعات المسيحية، التي تقصد المهرجان من أجل التبشير بالديانة المسيحية أو انتقاد المظاهر والعقيدة الإسلامية. ويأتي ذلك على ضوء إعلان منظمات وجماعات مسيحية متعددة اعتزامها القدوم والتظاهر في ديربورن التي باتت تعرف بـ"عاصمة العرب والمسلمين" بالولايات المتحدة، ومن بين هؤلاء القس تيري جونز الذي أقدم على حرق نسخة من المصحف الشريف أمام كنيسته بمدينة غينسفيل بولاية فلوريدا قبل عامين، والذي قدم إلى المدينة عدة مرات، وتسبب بإثارة الكثير من الجدل الإعلامي والسياسي والتوتر الذي وصل إلى حد الاشتباك بين مسلمين غاضبين ومؤيدين له. كما شهد العام الماضي تسجيل احتكاكات وصدامات غير مباشرة حين قدمت إحدى المجموعات المسيحية حاملة رأس خنزير، وقام أفرادها بشتم الإسلام والنبي محمد (ص) وهو ما أثار استياء بعض رواد المهرجان الذين قاموا بقذفهم بالأحذية وعبوات المياه الفارغة، مما أدى لتدخل قوات الشرطة وفض الاشتباك. وفي السياق ذاته، تواجه بلدية ديربورن دعاوى قضائية عديدة رفعها مبشرون ومتعصبون، بعضها أهمل من قبل المحاكم، فيما لم يتم البت بالبعض الآخر بعد. وتسبب إلغاء المهرجان بردود أفعال غاضبة من أصحاب المتاجر والفعاليات السياسية والحقوقية والاجتماعية. وعبر معظم سكان المدينة من العرب عن استيائهم وامتعاضهم مما يتعرضون له من مضايقات وإساءة لمشاعرهم وشعائرهم المكفولة بمواد الدستور الأميركي. من جهتها، أصدرت "غرفة التجارة العربية الأميركية" -الجهة المنظمة للمهرجان- بيانا صحفيا أكدت فيه أن هذه الفعالية ستعود في الصيف المقبل، وفي الموعد نفسه، وأن هذه الفترة ستكون فرصة لإعداد دورة مقبلة أكثر ازدهارا وتنوعا بالنشاطات التي جعلت من مدينة ديربورن وطنا للمغتربين العرب. وتضمن البيان تأكيد رئيس البلدية جاك أورايلي على دعم المهرجان واستمرار نجاحه كفعالية حققت طيلة 17 عاما مكاسب اقتصادية وثقافية للمدينة، التي أصبحت مقصدا لكثير من الزائرين وأصحاب الأعمال التجارية بمنطقة ديترويت الكبرى. ولفتت مديرة المهرجان العربي فاي بيضون إلى أن رئاسة البلدية قدمت للمنظمين مقترحا بتغيير المكان من شارع وورن المعروف باكتظاظه بالمتاجر والمطاعم العربية إلى منتزه "فورد وودس"،  لكنها أشارت إلى أن فكرة المهرجان الأساسية التي انطلق منها منذ 18عاما كانت تدعيم اقتصاد المدينة في شارع وورن، والذي قالت إنه كان شارعا يفتقر للأعمال التجارية قبل انطلاق المهرجان.