صدر عن «الكتب خان للنشر والتوزيع» في العاصمة المصرية القاهرة، مجموعة قصصية بعنوان «الإغراء قبل الأخير للسيد أندرسون» للكاتب المصري الذي يقيم في الولايات المتحدة، وائل عشري، في ‬153 صفحة. تبدو المدينة الأميركية وحشاً لا يبالي بكائنات بشرية تشعر بالغربة والملل والوحدة، فيلتمس الفرد في غيره، من رواد مقهى أو حديقة، دفئاً يمنحه القدرة على السخرية وعشق الحياة حيث «الوحيدون أكثر البشريين بشاشة». والكاتب الذي يقيم في الولايات المتحدة يجعل المدينة ساحة تتفاعل فيها أفكار ولغات ولهجات ورؤى عن الحياة كما يتصورها أميركيون ولاتينيون وآسيويون وأوروبيون وعرب وهنود وأفارقة يشتركون في الشعور بالاغتراب، ولكنهم يمنحون قارئ القصص محبة الحياة والضحك على مفارقاتها. ففي قصة «وجوه تيلي» تدور الأحداث في نهاية الأسبوع حيث تبادل الأزواج «الحب تواً أو في الليلة السابقة، وجوه باسمة راضية يجمعها قرب حميم»، لكن عجوزاً أميركية تنتظر الموت ترى أن عليها أن تأكل شيئاً «لا أريد أن أموت قبل أن أموت، ذلك أفضل جداً». وفي القصة نفسها كانت العجوز «تنتظر أن يأتي الموت، زوجها ينتظر ويملؤه الملل ويزورها من موته في الأحلام، ويقول: اديني بوسة زي بتوع السيما.. ويقهقه مثل شاب صغير». وقصص «الإغراء قبل الأخير للسيد أندرسون» تقدم مشاهد لشخصيات تتجاور أو تتفاعل، وتتوازى الأحداث أو تتقاطع ليبحث القارئ في النهاية عن إعادة تشكيل دراما تتعدد فيها لغات ولهجات، منها العامية المصرية، وشعر أبي نواس، ونثر الجاحظ الذي تفتتح المجموعة بقوله: «كنت أتعجب من كل فعل خرج من العادة، فلما خرجت الأفعال بأسرها من العادة صارت بأسرها عجباً، فبدخول كلها في باب التعجب خرجت بأجمعها من باب العجب» وهي الجملة التي تنتهي بها قصة «الرجل الأكثر حزناً». كما يستلهم السرد أحياناً روح حكايات «ألف ليلة وليلة» بتلقائية لا يشعر معها القارئ باغتراب الحكاية عن مكانها أو زمانها، كما الحال مع امرأة أميركية تصطحب كلبها وتقول للراوي «هو أخي الأمير برهان أمير بروكلستان»، وتأكد للراوي أن لديها قصة تريد أن ترويها له «حكاية لو سجلت بالإبر على آماق السمع لصارت عبرة لمن اعتبر».